أثارت تصريحات
رئيس الوزراء
المصري، مصطفى مدبولي، حول قرب انتهاء أزمة شح
الدولار في بلاده التي
أدت إلى ظهور عدة مستويات متباينة لسعر الصرف أمام
الجنيه، تساؤلات حول خطط
الحكومة لتحقيق هذا الهدف لوقف نزيف انهيار العملة المحلية من ناحية، وكبح جماح
التضخم والغلاء من ناحية أخرى.
وقال مدبولي، في تصريحات صحفية، إن الأزمة
الحالية التي تمر بها مصر هي أزمة مؤقتة، مضيفا أن أزمة العملة والصرف ستنتهي خلال
فترة قصيرة جدًا. لكنه لم يوضح كيف سوف تنتهي الأزمة، وهل تملك الحكومة حلولا
سحرية، أم أنها تتوقع حدوث معجزات.
وعود الحكومة بانتهاء أزمة الدولار التي اندلعت
في شباط/ فبراير 2022 في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية وتسببت بخروج عشرات
مليارات الدولارات، ليست المرة الأولى، وتكررت خلال تلك الفترة دون أن تتحقق.. ما
يطرح تساؤلات حول ما في الكواليس هذه المرة، وعلاقة الأمر بما يتم الترتيب له
دوليا في قطاع غزة ووعود أوروبا وصندوق النقد بدعم ومساعدة مصر.
وعود وعلامات استفهام
في نهاية
العام الماضي، وعد مدبولي أن تنتهي أزمة نقص الدولار، وكشف خلال مؤتمر صحفي، أن
البنك المركزي المصري يضخ سيولة دولارية بشكل مستمر، للإفراج عن السلع المتراكمة
في الموانئ، إلى جانب إصدار مجموعة من التوجيهات لعدد من الوزارات بهدف ترشيد
الإنفاق الدولاري، مشيرا إلى أن الدولة لديها خطة مُحكَمة لتوفير موارد بصورة غير
تقليدية من النقد الأجنبي خلال الفترة المقبلة، وتحديدًا حتى 30 يونيو 2023.
عقب الإعلامي المصري، عمرو أديب، على تصريحات دبولي، وقال مستغربا: "عندما يقول
رئيس الحكومة هذا الأمر، فهو يعرف حاجة إحنا منعرفهاش (لا نعرفها)، أو شايف شيء
جاي (قادم) إحنا مش شايفينه (لا نراه)".
اظهار أخبار متعلقة
وحذر أديب من أن سعر الدولار في السوق السوداء
يشكل إزعاجا للكثير من المواطنين، مضيفا أن لو رئيس الوزراء يطبق هذه التصريحات من
أجل تبريد نار الدولار، فإن تأثير هذا الكلام قد يمتد إلى يوم أو يومين، لكن لو
اكتشف الناس أن التصريح لم يكن دقيقًا فسيعود الدولار للنار.
ما علاقة غزة
بانتهاء الأزمة
وأثيرت تكهنات
عديدة على وسائل الإعلام المحلية والعالمية حول دور مصر المحتمل في قبول المخطط
الإسرائيلي بقبول استقبال سكان غزة لحين انتهاء قوات الاحتلال من ملاحقة والقضاء
على المقاومة الفلسطينية في القطاع، لكن مصر نفت مرارا قبولها بفكرة
"التهجير".
دعم هذه التكهنات إعلان دول الاتحاد الأوروبي عن
نيته تقديم حزمة مساعدات مالية كبيرة وغير مسبوقة لمصر، التي تعاني من أزمات
اقتصادية هيكلية خطيرة بقيمة 10 مليارات دولار، وإعلان صندوق النقد الدولي أنه
"يدرس بجدية" زيادة محتملة لبرنامج القروض، نتيجة الصعوبات الاقتصادية
الناجمة عن الحرب في قطاع غزة.
اظهار أخبار متعلقة
وخلال
استقباله رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي، أورسولا فون ديرلاين، شدد السيسي على رفض
مصر القاطع لتهجير الفلسطينيين، سواء بالنزوح داخليًا أو بالتهجير خارج أراضيهم، لاسيما إلى الأراضي المصرية في سيناء، وهو ما اتفقت معه رئيسة المفوضية الأوروبية،
مؤكدة الموقف الأوروبي برفض التهجير، بحسب المتحدث باسم رئاسة الجمهورية.
دعم خارجي أو
وعود وردية
في تقديره
لتصريحات رئيس
الحكومة المصرية بانتهاء أزمة الدولار قريبا، أعرب الخبير الاقتصادي
ورجل الأعمال المصري – الأمريكي، الدكتور محمد رزق، عن اعتقاده أن "لا تخرج
التصريحات عن مسارين إما أن تكون ارتجالية وغير مقصودة في حد ذاتها، ومجرد تكرار
الوعود السابقة بقرب انتهاء أزمة نقص الدولار في البلاد، وهذه ستصبح مشكلة أكبر
لاحقا في ضوء عدم وجود مؤشرات على أن هناك حلا في الأفق أو تدفقات قادمة".
وأضاف
لـ"عربي21": المسار الثاني، ربما يستند رئيس الوزراء في تصريحاته على
حزمة المعلومات بمبلغ يقارب 10 مليارات دولار التي يعدها الاتحاد الأوروبي لمصر،
ولا أظن أن تلك التصريحات، إن صدقت، لها علاقة بما يجرى في غزة أو صندوق
النقد".
وأرجع الخبير
الاقتصادي ذلك إلى أن "مصر تخلفت بالفعل عن الوفاء بمتطلبات الصندوق التي
وقعت عليها في وقت سابق، وألزمت نفسها بها، فضلاً عن مراجعات الصندوق الثلاث لمصر، فإنها لم تتم بعد حتى تتمكن مصر من صرف الشريحة الثانية من القرص الأخير أو الحصول
على قروض إضافية، وفي كلا الحالتين كلها حلول مؤقتة وغير جذرية، وأصل الأزمة
موجود".
مسكنات ملغومة
الأفعال أفضل
من الأفعال، يقول أستاذ الاقتصاد المصري، الدكتور أحمد ذكر الله، "أزمة
الجنيه المصري لا تزال مستمرة والحاجة إلى العملة الصعبة في تزايد، أي مصداقية
لعودة السوق إلى الاستقرار يجب أن يسبقها عدد من المؤشرات والخطوات على الأرض مثل
توفير الدولار، ارتفاع الجنيه أمام الدولار، تراجع الطلب على الدولار، ومن ثم يمكن
القول بأن الأزمة في طريقها إلى الانتهاء أو عدم التضخم".
في حديثه
لـ"عربي21" أوضح أن "معظم الحلول التي لجأت لها الحكومة في الفترة
الماضية لم تؤت ثمارها حتى الآن ولم تحل الأزمة أو تساهم في تخفيف حدتها بدليل
انفلات أسعار صرف الدولار أمام الجنيه في اقل من بضعة أسابيع وانخفاض الجنيه بنحو
20% في تلك الفترة الوجيزة وهو مؤشر قوي على فشل كل المبادرات والحلول التي لجأت
إليها الحكومة؛ لأن الفجوة الدولارية أكبر من مجرد مبادرات".
وأشار ذكر الله إلى "فشل برنامج طرح الأصول
المصرية للبيع والإخفاق في الاقتراض من الخارج وتعثر المفاوضات مع دول الخليج، وكل
هذه الأمور أدت إلى الضغط على الجنيه المصري بصورة كبيرة جدا وما يحدث هو نتيجة
طبيعية لكل هذه الظروف التي يمر بها الاقتصاد المصري الذي حدث خلال الانهيار
الكبير والمتوالي للجنيه".
واعتبر أن "المثير في الأمر هو زيادة
الفجوة بين سعر الدولار في السوق الموازي والرسمي وظهور أكثر من سعر، البنك
المركزي يراهن على مرور الانتخابات الرئاسية ومن ثم التوصل مع صندوق النقد لقرض
جديد وشروط جديدة وكل هذه مسكنات ملغومة لتحسين صورة الجنيه ولكنها لا تعطي حلا
ناجعا".