أشارت صحيفة "
الغارديان" إلى أن حظر المظاهرة المؤيدة لفلسطين المقرر انطلاقها السبت المقبل دون سند قانوني من شأنه أن يلهب المشاعر ويعمق الانقسامات التي من المفترض أن تسعى الحكومة إلى ترميمها.
وكان مفوض شرطة لندن سير مارك راولي، قد قاوم الضغوط عليه لمنع المسيرة المؤيدة لفلسطين، بحجة وجود تهديدات للنظام العام، مشيرا إلى أنه لم يجد أي أدلة استخباراتية كافية تشير إلى مخاطر فوضى عامة.
وانتقد رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، المسيرة التي تتزامن مع إحياء ذكرى الهدنة في الحرب العالمية الأولى، بزعم أن ذلك ليس احتراما للهدنة وذكرى الحرب. فيما وصفت وزيرة الداخلية سويلا برافرمان، المسيرة بأنها "مسيرة كراهية".
واعتبرت الصحيفة موقف برافرمان من المسيرة الداعمة لفلسطين متطرفا، موضحا أن هذه الأخيرة "خلطت بين السخط المبرر إزاء محنة المدنيين الذين يعانون ويموتون تحت القصف الإسرائيلي في
غزة وتأييد
حماس وأجندتها".
وشددت الصحيفة على أن موقف الشرطة في أنه ينبغي السماح لمسيرة السبت بالمضي قدما أكثر موثوقية من التدخلات السياسية التي يمارسها أعضاء في الحكومة.
اظهار أخبار متعلقة
وأضافت أن "هناك أوقاتا تتقدم فيها الحاجة إلى ضمان سلامة الجمهور على حق الاحتجاج. ولكن لا يوجد إثبات على أننا بلغنا عتبة مثل هذه الحاجة في هذه الحالة"، محذرة من أن الحظر السياسي للمسيرات المؤيدة للفلسطينيين من شأنه أن يعمق الاختلافات التي يجدر بالوزراء بدلا من ذلك أن يسعوا إلى ترميمها.
وتاليا نص افتتاحية صحيفة "الغارديان" كاملا:
كثيراً ما تكون المظاهرات السياسية مثيرة للخلاف. وأي قضية بإمكانها استنفار عشرات الآلاف من الناس فإن من المحتمل أن تكون العواطف فيها جياشة وأن تثير ردود فعل قوية. وهذه في النظام الديمقراطي ليست أسبابا كافية للحظر. ولهذا السبب قاومت الشرطة الضغط الوزاري عليها من أجل سحب ترخيص لمسيرة تضامنية مع
فلسطين في وسط العاصمة لندن نهاية هذا الأسبوع. وجهة نظر السير مارك رولي، مفوض الشرطة، أن مسيرة السبت لا تشكل تهديدا لسلامة الجمهور. ما لبث مكتب رئيس الوزراء، بتردد شديد، وربما بشكل مؤقت فقط، أن نزل على ذلك الرأي.
كان ريشي سوناك قد عبر عن اعتراضه من حيث التاريخ، على اعتبار أن من غير المحترم تنظيم مسيرة في "يوم الهدنة"، كما قال رئيس الوزراء. سواء كان ذلك صحيحا أم لا – علما بأن منظمي المسيرة حاولوا التجاوب مع هذه الحساسية من خلال اختيارهم لخط سير التظاهرة – إلا أن الاحترام ليس مقياسا للنظام العام. وما كان لينظم الكثير من المظاهرات العامة حول أي قضية من القضايا لو أن معيار الحظر تحدد بناء على ذوق رئيس الوزراء.
إلا أن الرأي الأكثر تطرفا كان ذلك الذي عبرت عن وزيرة الداخلية سويلابرافرمان، التي وصفت التجمعات المؤيدة لفلسطين بأنها "مسيرات كراهية". وهذا خلط بين السخط المبرر إزاء محنة المدنيين الذين يعانون ويموتون تحت القصف الإسرائيلي في غزة وتأييد حماس وأجندتها القائمة على القتل والهادفة إلى إبادة الدولة اليهودية بشكل كامل. إذا كانت السيدة برافرمان لا قبل لها بالتمييز بين هذين الأمرين فهي بالتالي غير مؤهلة للتعليق بتاتا. وإذا كانت تتعمد الخلط بين الأمرين، فإنها متهمة بإثارة النعرات والانقسامات وبث الارتياب بين المجتمعات، الأمر الذي يفقدها الأهلية لأن تشغل منصباً حكوميا رفيعا.
هناك نمط من اللغة العنيفة المعادية لإسرائيل، والتي تقترب من معاداة السامية ثم تلصق نفسها بقضية التضامن الفلسطيني. ولا يحتاج الأمر لأكثر من بضع يافطات تنطق بالكراهية لدفع اليهود نحو القلق، وهم الذين مازالوا يعانون من آثار الصدمة والحزن بسبب الفظائع التي ارتكبتها حماس في السابع من أكتوبر (تشرين الأول).
اظهار أخبار متعلقة
كما أن ثمة نزوع نحو التضخيم الشرير للآراء الهامشية المعزولة، لدى من يمارسون الدعاية في اليمين المتطرف ممن يبثون الشكوك بوجود تعاطف إرهابي حول أي قضية إنسانية يدعمها المسلمون في
بريطانيا. إنما تأتي الأغلبية العظمى ممن يشاركون في المسيرات المؤيدة لفلسطين من أجل التعبير عن التضامن السلمي مع أهل غزة والمطالبة بوقف إطلاق النار.
وهذه أمور معقدة وبالغة الحساسية يجد السياسيون صعوبة في إدارتها. والمقاربة الصحيحة تبدأ بالاختيار الصائب للغة وبالتطلع نحو دعم التفاهم المشترك. يتطلب ذلك كسر الحلقات المفرغة، حلقات الغضب وتشويه الواقع، بما يفضي إلى مزيد من الغلو في كل الأطراف. يعني ذلك التقليل من التحريض السياسي الذي لا حاجة له.
تفضل السيدة برافرمان المقاربة المعاكسة، والتي تتطابق مع نمط من التعامل مع أي وضع سياسي باعتباره منصة لخدمة الطموح الشخصي داخل حزب المحافظين. وهذه سياسة ضحلة في أحسن الأوقات، بينما هي مذمومة ومستهجنة في سياق الحرب التي تدور رحاها في الشرق الأوسط.
لا ترحب الشرطة بالمسيرات المثيرة للخلاف، ولكنها تقر بأن القانون يسمح بتنظيمها. ومن هذا الجانب، يعتبر رأي الشرطة في أنه ينبغي السماح لمسيرة السبت بالمضي قدما أكثر موثوقية من التدخلات السياسية التي يمارسها أعضاء في الحكومة. هناك أوقات تتقدم فيها الحاجة إلى ضمان سلامة الجمهور على حق الاحتجاج. ولكن لا يوجد إثبات على أننا بلغنا عتبة مثل هذه الحاجة في هذه الحالة. من شأن الحظر السياسي للمسيرات المؤيدة للفلسطينيين أن تعمق الاختلافات التي يجدر بالوزراء بدلاً من ذلك أن يسعوا إلى ترميمها.