تقف كأحد الأصوات الأكثر ثباتا واندفاعا في أوروبا في دعم
غزة وإدانة جرائم الاحتلال غير المسبوقة في تاريخ البشرية.
أحد الوجوه المفضلة لدى مناصري فلسطين حول العالم، مثل نواب إيرلندا في البرلمان الأوروبي الذين لا يتوقفون عن الإشارة إلى القتلة بأسمائهم ووجوههم.
لا تبدو مترددة أبدا في مواقفها رغم مطالبها المتقدمة التي كسرت كل الخطوط الحمر في أوروبا، ويستحيل أن تستجيب معها بلدها إسبانيا أو بروكسل حيث الاتحاد الأوروبي.
إيوني بيلارا المولودة عام 1987 في بنبلونه شمال إسبانيا، تخرجت من جامعة مدريد بتخصص علم النفس عام 2012، وحصلت على درجة الماجستير في التربية، وتركت برامج الدكتوراه بسبب حياتها السياسية.
عملت سابقا في الصليب الأحمر واللجنة الإسبانية لمساعدة اللاجئين، وكانت ناشطة في حزب "بوديموس" منذ بدايته عام 2014.
وفي العام التالي، انضمت إلى السلطة التنفيذية الوطنية، مجلس المواطنين، حيث تم تكليفها بمسؤولية مجال حقوق الإنسان والمواطنة والتنوع.
قادت قائمة "بوديموس" في دائرة نافارا في الانتخابات العامة الإسبانية عام 2015.
بعد الانتخابات العامة الإسبانية عام 2019، دخل "بوديموس" الحكومة مع حزب "العمال الاشتراكي" الإسباني.
انتخبت أمينا عاما لحزب "بوديموس" الذي يمثل اليسار الراديكالي منذ عام 2021، حيث خلفت مؤسس الحزب بابلو إيغليسياس الذي قرر الانسحاب بعد هزيمته الكبيرة أمام اليمين في الانتخابات الإقليمية التي أجريت في مدريد.
ورغم تولي بيلارا دفة القيادة في الحزب، فإنها ستقود وزيرة العمل يولاندا دياز قائمة "بوديموس" وحلفائه في الانتخابات العامة المقبلة مطلع العام المقبل 2014.
وحين استقال إيغليسياس تولت بيلارا منصبه كوزيرة للشؤون الاجتماعية في حكومة بيدرو سانشيز، فيما حلت دياز محله كنائبة لرئيس الوزراء. ورغم أن الثنائي يمتاز بالجرأة في الحركة النسوية ويسعى إلى الحد من التفاوت في الأجور، إلا أن لديهما نهجين مختلفين تماما.
تستخدم بيلارا أسلوبا أكثر صدامية، ولم تتراجع عن تسليط الضوء على الاختلافات بين "بوديموس" والاشتراكيين في الحكومة، مثل وصفها وزيرة الدفاع مارغريتا روبليس بأنها "الوزيرة المفضلة" لليمين.
بالمقابل، تظهر دياز نفسها أكثر توافقية.
وكأمينة عامة للحزب، ستعمل بيلارا عن قرب مع بعض أقرب حلفاء إيغليسياس، بينهم شريكته وزيرة المساواة إيرين مونتيرو، التي درست معها بيلارا علم النفس في الجامعة، وستتقاسم الوزيرتان قيادة الحزب.
انتخبت نائبة بالبرلمان الإسباني عام 2016 عن منطقة نافارا ولا تزال ممثلة لحزبها في البرلمان.
شكلت بيلارا حالة مختلفة واستثنائية على مستوى أوروبا وعلى المستوى الوطني، رغم الجدل الذي أثارته تصريحاتها منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر (طوفان الأقصى)، واعتبارها سانشيز نفسه غير كفؤ لإدارة هذا الملف في السياسة الخارجية الإسبانية.
ومنذ اللحظات الأولى وقبل وضوح الصورة، حذرت بيلارا أوروبا من خطر الوقوع في فخ التواطؤ مع الاحتلال في الإبادة الجماعية في غزة.
وفي سعيها لتغيير واقعي طرحت مجموعة من الإجراءات العملية التي يمكن للدول الأوروبية اتخاذها، من بينها قطع العلاقات الدبلوماسية مع الاحتلال، وفرض عقوبات اقتصادية، والدعوة لمحاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المحكمة الجنائية الدولية.
بيلارا تشكل مع يولاندا دياز، زعيمة ائتلاف اليسار الراديكالي "سومر"، وكذلك وزيرة المساواة في حكومة سانشيز، إيرين مونتيرو، ثلاثيا نسائيا، تصدر التظاهرات الداعمة لأهالي غزة، في شوارع مدريد.
لكن بيلارا ذهبت أبعد من ذلك، حين ارتدت شالا فلسطينيا محاكا من قبل نساء من الخليل، خلال العرض العسكري لبلادها في اليوم الإسباني الوطني، وطالبت بأن يكون موقف "بوديموس" بالنسبة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي هو الموقف الرسمي للحكومة، أي بمعنى أن يكون متحدثا باسمها، أو أن توكل الحكومة وزراء "بوديموس" للتحدث باسمها في هذا الملف.
وجندت ضدها أصوات عدة في الإعلام الإسباني المحسوب على اليمين، حيث وصفت بـ"المحرضة المثيرة للمشاكل"، وتمت حياكة القصص حول هذه السياسية اليسارية النشطة على منصة "إكس".
وألصقت تهمة "معاداة السامية" بالوزيرة الشابة، وقد طالبت "تل أبيب"، بفرض عقوبات على بيلارا، وهو ما ردت عليه حكومة سانشيز، بتأكيدها على دعم حرية الرأي في البلاد.
ويرى خصومها وخصوصا من "الحزب الشعبي اليميني"، أن تصريحاتها الداعمة لفلسطين، والتي تؤكد فيها أن "إسرائيل مجرمة حرب"، وتطالب بالتحرك لمحاكمة دولة الاحتلال "تشكل إحراجا للحكومة الاشتراكية" بحسب زعمهم.
لكن يبدو أن بيلارا عازمة على قيادة تيار يسعى لأن يكون مؤثرا في أوروبا، لسوق نتنياهو وقادة الحرب الإسرائيليين إلى لاهاي، مقر المحكمة الجنائية الدولية، ومحاكمتهم بارتكاب جرائم حرب.
وفي تغريدة لها أخيرا على "إكس"، كتبت بيلارا أن هذه المحكمة قررت فتح تحقيق بوقائع حرب غزة، وقالت: "الكثيرون يعتقدون، ومن بينهم أنا، أنها مسألة وقت"، آملة أن تعمل هذه المحكمة "سريعا وبشكل حاسم".
وفي تغريدة سابقة، شددت على أن "أوروبا ستدفع ثمنا غاليا لنفاقها"، مؤكدة أن "الزعماء الأوروبيين ليسوا على قدر خطورة الموقف". وكتبت: "اليوم ودائما، سندافع عن الشعب الفلسطيني في مواجهة إبادة إسرائيل".
لم تتوقف للحظة عن نقد حرب الإبادة في غزة وكتبت على "إكس" تقول: "لم تعد هناك كلمات... الرعب، هذه المعاناة التي لا نهاية لها والتي هي غير إنسانية على الإطلاق. قصف سيارات الإسعاف التي كانت تقوم بإجلاء الجرحى إلى مصر؟ لماذا؟ يتعين على أوروبا أن تتحرك الآن".
بيلارا لن تتوقف عن الإشارة إلى القتلة حتى لو خرجت من الحكومة أو بقيت فيها فهي تمارس قناعة ثابتة تقف على أرض صلبة، فأمام المجزرة لا تصلح الدبلوماسية أبدا.