لعب دورا ساحرا
وحاسما في مسيرة نادي "مانشستر يونايتد"، وبقي يتمتع بمنزلة عظيمة في ناديه.
صوت له في عام
2001 كلاعب القرن في "الشياطين الحمر"، وحتى يومنا هذا، ينادونه "إيريك
الملك".
عرف أيضا بمشاكله
مع الحكام وإثارة المشاكل مع اللاعبين أو مع الجمهور، وعرف أيضا باقتباساته وأقواله.
صوته كان مدويا
حين أطلق تصريحات شجاعة تضامن من خلالها مع
فلسطين، ليوضح للعالم بأسره ما يحصل من
معاناة في
غزة، وذلك منذ حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال على القطاع.
إيريك
كانتونا
المولود عام 1966 بمارسيليا في فرنسا، كانت بدايته الكروية مع نادي "أوكسير"
حيث قضى عامين في فريق الشباب انتقل بعدها في عام 1984 على سبيل الإعارة إلى نادي
"مارتيج" في دوري الدرجة الثانية، ولكنه عاد بعد ذلك إلى "أوكسير"
في عام 1986 وأكسبه أداؤه في دوري الدرجة الأولى الفرنسي احتراما دوليا كبيرا.
نجاحه فيما بعد
مع المنتخب الفرنسي تحت سن الـ21 عاما بالفوز ببطولة أوروبا عام 1988 للشباب دفع نادي
"مارسيليا" إلى شراء خدماته.
كانت عصبيته ظاهرة
منذ البدايات ففي مباراة ودية ضد "توربيدو موسكو" طرد من الملعب ورمى قميصه
بعد أن تم استبداله فعاقبه ناديه بعدم اللعب لمدة شهر. وبعد عدة أسابيع قام بشتم مدربه
الدولي على التلفاز، وعلى الرغم من اعتذاره فيما بعد فإنه منع من اللعب دوليا لمدة عام.
انتقل بعدها إلى
نادي "بوردو" على سبيل الإعارة ثم إلى نادي "مونبليه" حيث تشاجر
مع أحد زملائه في الفريق، ما دفع بستة لاعبين للمطالبة بطرده، لكن المدرب دفع باتجاه
بقائه وشجعه على ذلك وكان له دور كبير في الفوز بكأس فرنسا.
واصل تنقله بين
الأندية الفرنسية، كما أنه واصل عصبيته فأثناء إحدى المباريات قام برمي كرة على الحكم احتجاجا
على بعض القرارات الخاطئة، ما دفع اتحاد كرة القدم الفرنسي لمنعه من اللعب لمدة شهر،
لكنه لم يقبل بذلك فشتم كل عضو من أعضاء اتحاد كرة القدم الفرنسي، وبذلك زادت مدة منعه
من اللعب لتصبح شهرين.
بعد هذه الحادثة
قرر كانتونا اعتزال كرة القدم نهائيا وذلك في عام 1991.
ولكن أنصار كانتونا
لم يعجبهم ذلك وتمنوا أن يستمر في مسيرته الكروية، ولعب أسطورة فرنسا ميشيل بلاتيني
دورا كبيرا في عودته إلى الكرة ولكن هذه المرة في إنكلترا ليبدأ مهنته الكروية من جديد
فلعب لنادي "ليدز يوناتيد". ثم إلى قلعة "أولد ترافورد".
كان بداية كانتونا
مع "مانشستر يونايتد" ضعيفة، لكنه سرعان ما تأقلم مع الفريق وأخذت قذائف
ورشاشات الأهداف تتوالى ففاز مع النادي ببطولة الدوري في عام 1993 بعد مرور 26 عاما
على آخر بطولة للنادي، ثم فاز ببطولة الدوري مرة ثانية على التوالي في عام 1994 وبالإضافة
إلى ركلتي الجزاء اللتين نفذهما كانتونا فقد فاز النادي على "تشيلسي" في كأس الاتحاد
الإنكليزي.
ولم تتوقف عصبيته
يوما فقام بخطوة جعلته حديث العالم حين ركل أحد مشجعي نادي "كريستال بالاس"
عام 1995، وقام الحكم بطرده بعد توجيه ركلة عنيفة ضد مدافع "كريستال"
بعد أن سحبه من قميصه.
وحكم عليه 120
ساعة عمل في الخدمات الاجتماعية ومنع من اللعب لفترة طويلة فخسر "ألمان يونايتد"
لقب البطولة والتي ربحها "بلاكبيرن روفرز".
كانت التوقعات
بأن كانتونا سوف يغادر الكرة الإنكليزية بعد أن ينتهي حكمه، ولكن المدرب التاريخي أليكس
فيرغيسون أقنعه بالبقاء مع "الشياطين"، ونجح في استعادة "مانشستر"
لقب الدوري من جديد في عام 1996.
دفع كانتونا فريقه
إلى نجاح أعظم في أوروبا العام التالي، مع وجود عمالقة، مثل ريان غيغز واللاعب الشاب
ديفيد بيكام وباول سكولز وغاري نيفيل، والذين برزوا متأثرين بشخصيته. وباحتفاظ
"الشياطين" بلقب الدوري من جديد يكون كانتونا قد حصد 6 ألقاب في الدوري في
غضون 7 سنوات.
والمرة الوحيدة
التي خسر فيها الفريق البطولة كانت في العام الذي شهد ركله مشجع "كريستال بالاس".
وعن عمر يناهز
الثلاثين اعتزل كانتونا كرة القدم نهائيا وكانت ضربة مفاجئة للجماهير العاشقة لهذا
اللاعب بعد أن سجل 20 هدفا مع المنتخب الفرنسي في 44 مباراة لعبها مع "الديوك".
وفي عام 2004 اقتبس
كانتونا قوله: "أفتخر جدا عندما أسمع أنصاري يغنون باسمي، ولكنني أخشى أن يتوقفوا
عن الغناء باسمي في الغد، أخشى ذلك لأنني أحبهم، وكل شيء تحبه، تخاف أن تخسره".
وتركزت مهنة كانتونا
بعد اعتزال كرة القدم في التمثيل في السينما الفرنسية، حيث مثل في العديد من الأفلام
الفرنسية، وظهر قبلها في فيلم "إليزابيث" بطولة كايت بلانشيت في عام
1998.
وواصل كانتونا
مهنته في كرة قدم الشواطئ في جنوب آسيا وقاد الفريق الفرنسي للفوز في كأس العالم لكرة
قدم الشواطئ عام 2005.
عرف بمواقفه المساندة
للفلسطينيين، وعلى وقع الجرائم الإسرائيلية في غزة أعلن دعمه للقضية الفلسطينية، وعبر
حسابه في "إنستغرام" قال: "إن الدفاع عن حقوق الإنسان للفلسطينيين
لا يعني أنك مؤيد لـ حماس، إن قول فلسطين حرة لا يعني أنك معاد للسامية أو تريد رحيل
جميع اليهود".
أضاف: "فلسطين
حرة تعني تحرير الفلسطينيين من الاحتلال الإسرائيلي الذي يسلبهم حقوقهم الإنسانية الأساسية
منذ 75 عاما". وأكمل: "فلسطين الحرة تعني وقف حبس 2.3 مليون فلسطيني في أكبر
سجن مفتوح في العالم، نصفهم من الأطفال".
واصل قوله:
"فلسطين الحرة تعني إنهاء الفصل العنصري الذي فرضته الحكومة الإسرائيلية".
وأنهى قائلا:
"فلسطين الحرة تعني منح الفلسطينيين السيطرة على البنية التحتية الأساسية في أرضهم".
وليس هذا موقفه
الوحيد، ففي عام 2022 أيد القضية الفلسطينية عبر ارتدائه قميصا يحمل ألوان علم فلسطين،
ودعم اللاجئين الموجودين في عدة دول، عبر توفير ألبسة رياضية للفريق الذي يمثل مركز
"عايدة سلتيك" المهتم بالعناية بالفلسطينيين. وتعود تسمية "عايدة سلتيك"
لنادي "سلتيك" الأسكتلندي الذي تعد جماهيره أبرز الجماهير الداعمة للقضية
الفلسطينية.
ويحرص كانتونا،
برفقة زوجته الجزائرية المسرحية رشيدة بركاني، على دعم القضية الفلسطينية منذ سنوات،
ما قربه من قلوب عشاقه العرب الذين استمتعوا بقدراته الكروية الرائعة قبل سنوات مضت.
وفي عام 2018 شارك
كانتونا في أحد الأنشطة التي نظمتها الحملة من خلال إلقاء قصيدة عن فلسطين للشاعر الفلسطيني
سميح القاسم بعنوان "لن أساوم".
كما أنه أطلق في عام
2021 إلى جانب زوجته حملة تضامن لإعانة الفلسطينيين، ولفت انتباه المجتمع الدولي إلى
معاناتهم، بالنظر للعدوان الإسرائيلي المتواصل.
كان كانتونا وسيبقى
في الذاكرة ذلك اللاعب القوي البنية الذي يعمل بجد، ذلك المهاجم العنيد الذي جمع بين
المهارات التقنية والإبداع مع القوة والقدرة على إحراز الأهداف. وغالبا ما ينظر إلى
كانتونا على أنه لعب دورا أساسيا في إحياء "مانشستر يونايتد" كقوة كروية
في التسعينيات.
وسيبقى كانتونا
أيضا ذلك الرجل الشجاع الذي يقف إلى جانب الحق لا يخشى لومة لائم، وموقفه الأخير من
غزة يكشف عن أصالة ومعدن الرجل الذي لم يسمح لأحد يوما بأن يستفزه ثم ينجو من العقاب.
كأنه يقول لا تدعو
الاحتلال ينجو من العقاب على جرائمه في غزة.