أصوات حرة مغردة في فضاء أوروبا الداعم للاحتلال الإسرائيلي

الأصوات الأوروبية الحرة تحلق في "فضاء أوروبا الصهيوني" أكثر من الضروري ومن المحتمل، وتغرد على منصات التواصل بشجاعة وثبات وسط سيل الأكاذيب التي يفبركها الإعلام الغربي والأمريكي الذي سقط في مستنقع الازدواجية والتحيز ونشر تقارير وصورا دون مصدر.

غالبية هذه الأصوات تأتي من اليسار الأوروبي في بلجيكا وإيرلندا وأسكتلندا وفرنسا وإيطاليا، ورغم قلتها أمام سيل المنافقين والمتحيزين بشكل دائم ضد العرب والمسلمين، إلا أنها أصوات مؤثرة لأنها تخرج من أشخاص محترمين سياسيا وشخصيا، يفضلون المبدأ والقيم على المصلحة.

لا يخشون بطش "اللوبي الصهيوني" في بلادهم رغم قوته ونفوذه واختراقه لكل المؤسسات الأوروبية، ولا ترعبهم التهمة المعلبة والتي تقذف في وجه من ينتقد الجرائم الإسرائيلية وهي "معاداة السامية".

هذا غيض من فيض، قليل لكنه يقف إلى صف المظلومين والمضطهدين، ورغم قلته فهو يكفي:

ماتيلد بانوت

ولدت ماتيلد بانوت (بانو) عام 1989 في تور بفرنسا، و درست في معهد الدراسات السياسية بباريس.

وتشغل حاليا موقع نائب في الجمعية الوطنية الفرنسية منذ عام 2017، ورئيسة المجموعة البرلمانية لحزب "فرنسا الأبية" الذي يتزعمه جان لوك ميلنشون.

اظهار أخبار متعلقة

سبق أن أوقفتها السلطات الجزائرية أثناء زيارتها للجزائر بعد حديث مع الطلاب والأساتذة الذين شاركوا في مسيرة للحركة الاحتجاجية التي هزت الجزائر عام 2019.

وكتبت النائبة في صفحتها على فيسبوك حول ذلك تقول: "لم آت إلى الجزائر من أجل خلق مشاكل. كنت أزور مواطنين مناضلين من أجل العدالة الاجتماعية والديمقراطية. التقيت مسؤولين ومنتخبين من عدة أحزاب تقدمية وشبكة مناهضة للقمع ومواطنين".

وقبل أيام كانت عرضة لهجمة عنصرية من اليمين المتطرف في فرنسا ومناصرين لدولة الاحتلال بعد أن أحيت ذكرى استشهاد الطفل الفلسطيني محمد الدرة، برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة يوم 30 أيلول/ سبتمبر عام 2000.

ونشرت بانوت عبر حسابها على منصة "إكس" صورة لحادثة استشهاد الطفل محمد الدرة، وعلقت "23 عاما حتى اليوم، كل الدعم المطلق والثابت للشعب الفلسطيني، يجب أن تنتهي الجرائم والاحتلال الاستعماري الإسرائيلي، هذا شرط أساسي للسلام".

ودعت إلى معاقبة قادة الاحتلال المتورطين في جرائم الحرب بالمحاكم الدولية.

المتطرفون اتهموها بالتهمة المعلبة والجاهزة بأنها "معادية للسامية" و"تروج للأكاذيب"، وأن "الدرة لم يقتل برصاص إسرائيلي".

وبعد عملية "طوفان الأقصى" التي ما زالت نيرانها مشتعلة خالفت بانوت وحزبها التوجه السياسي العام في فرنسا ورفضت تصنيف حركة حماس على أنها "إرهابية" غير أن الحزب الفرنسي أدان هجوم الحركة على دولة الاحتلال.

واستنكرت صمت المجتمع الدولي على قطع الماء والكهرباء والطاقة عن قطاع غزة، وحرمان المدنيين من الخدمات.

كلير  دالي

ولدت في عام 1968 بمدينة نيوبريدج في إيرلندا، درست المحاسبة في جامعة دبلن سيتي.

بدأت مشوارها السياسي عضوا في "حزب العمال" ثم شاركت في تأسيس حزب "العمل المناضل"، الذي عرف لاحقا باسم "الحزب الاشتراكي". واستقالت دالي من الحزب، وانضمت في عام 2015 إلى حزبها الحالي "مستقلون من أجل التغيير".

وفي عام 1999، تم انتخابها لعضوية مجلس مقاطعة فينغال، وهو المنصب الذي شغلته لمدة 12 عاما، وفي عام 2011 انتخبت عضوا في البرلمان عن دائرة دبلن الشمالية.

اظهار أخبار متعلقة

وانتخبت عضوا في البرلمان الأوروبي منذ عام 2019.

وهي معروفة بمواقفها المناهضة لسياسات الاتحاد الأوروبي على عدة أصعدة.

وفي الذكرى الـ75 للنكبة الفلسطينية نشرت تغريدة على صفحتها بتويتر قائلة: "حدثت كارثة على الشعب الفلسطيني.. بدايات عنيفة للاحتلال الإسرائيلي ومستمرة حتى اليوم".

وفي عام 2022، أعلنت دالي عن دعمها لمبادرة المواطنين الأوروبيين لحظر التجارة مع المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية، وعبرت عن خيبة أملها بسبب فشل المفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبي في العمل على هذه المسألة العاجلة، واصفة "إسرائيل" بأنها "دولة فصل عنصري".

ورفضت بيان الاتحاد الأوروبي حول الأحداث في فلسطين وقالت إنه "لا يمكننا اعتبار الاتحاد الأوروبي اتحادا للقيم، والاستمرار في تسمية إسرائيل بالجهة الصديقة، نحن نبني المنازل والمدارس في الضفة الغربية، ثم يأتي الإسرائيليون ويدمرونها".

وبلغةٍ حادة أكدت أنه "لا يمكننا اعتبار أنفسنا اتحادا ذا مبادئ بينما نستمر بمناداة إسرائيل بالدولة الصديقة، يجب أن نتناقش في هذا".

وأشارت: "قصفت إسرائيل غزة 323 مرة، وأكثر من 150 ألف فلسطيني في غزة والضفة الغربية قتلوا وجرحوا منذ عام 2008، بينهم 33 ألفا من الأطفال".

وانتقدت ازدواجية المعايير في أوروبا حيال أوكرانيا مقارنة بفلسطين واليمن. وقالت: "نسمع دائما عن تسليح أوكرانيا، ولكن ولا مرة كان هناك حديث عن تسليح الشعب الفلسطيني ولا الشعب اليمني".

وقالت دالي وقتها إن انتقاد "إسرائيل ليس معاداة للسامية بل هو دفاع عن القانون الدولي والاعتراف بالواقع الوحشي للاستعمار الاستيطاني والتطهير العرقي ليس معاداة للسامية، إنها حقيقة لا يمكن إغفالها".

ميك والاس

ميك والاس هو مدرب كرة قدم وناشط سلام وسياسي إيرلندي، ولد في عام 1955 في جمهورية إيرلندا، ودرس في كلية دبلن الجامعية.

انتخب نائبا عن دائرة أوكسفورد‏ عام 2011 واستمر عضوا في البرلمان  حتى عام 2019، وانضم في عام 2016 للكتلة البرلمانية "مستقلون من أجل التغيير".

اظهار أخبار متعلقة

يرى والاس أن الولايات المتحدة الأمريكية قامت بتأسيس حلف شمال الأطلسي (الناتو) في نهاية الأربعينيات من القرن الماضي، بهدف توسيع نفوذها في أوروبا.

وقال: "قامت الولايات المتحدة بتشكيل الناتو لإبقاء بلدان أوروبا خاضعة للإمبريالية الأمريكية"، مشددا على أنه على السياسيين البدء في تمثيل مصالح الشعب والتوقف عن تمثيل الناتو والمجمع العسكري الصناعي.

وأكد أن الناس يريدون السلام وإنهاء الحرب بالوكالة التي تشنها الولايات المتحدة والناتو.

وعلى وقع ما تشهده أوروبا من مواقف بعد "طوفان الأقصى"، علق قائلا "قد يكون علم دولة الفصل العنصري إسرائيل معلقا على مباني الاتحاد الأوروبي، ولكن ليس هناك نقص في أعلام فلسطين خارج وزارة الخارجية في بروكسل هذا المساء ".

وقال في وقت سابق : "حصول السلطة الفلسطينية على مدرعات وأسلحة من الولايات المتحدة وبموافقة إسرائيلية يؤكد دور السلطة المتمثل في مساعدة الاحتلال الإسرائيلي في السيطرة على الشعب الفلسطيني مقابل حصولها على المال. السلطة الفلسطينية هي جزء من المشكلة "..

و"عندما تكون الأمم المتحدة عاجزة، وعندما تعمل السلطة الفلسطينية كمقاول من الباطن لدى إسرائيل وتنحصر مهمتها فقط في إخضاع الفلسطينيين ولا تحميهم من أي هجوم خارجي ليس مستغربا أن تظهر مجموعات مسلحة تدافع عن الفلسطينيين من الهجمات الدموية لإسرائيل في ظل عجز الأمم المتحدة وانحصار مهمة السلطة الفلسطينية في العمل كمقاول بالباطن لإسرائيل لإخضاع الفلسطينيين".

جورج غالوي

سياسي بريطاني ونائب سابق في البرلمان، معروف بآرائه المناهضة للحرب وبمناصرته للقضية الفلسطينية.

ولد جورج غالوي في داندي في أسكتلندا عام 1954 وانضم لـ"حزب العمال" في عمر الـ15 ونشط فيه وانتخب في عام 1987 نائبا في البرلمان البريطاني في عام 2010.

عاد مجددا إلى الساحة السياسية البريطانية في عام 2012 مكبدا حزبه السابق " العمال" هزيمة نكراء في انتخابات تشريعية فرعية.

وترشح غالوي تحت راية "حزب الاحترام" وهو من أقصى اليسار في مقاطعة برادفورد الغربية شمال إنجلترا .

وكان غالوي قد طرد من "العمال" لمعارضته الحازمة مشاركة بريطانيا في اجتياح العراق عام 2003 ووصف حكومة الحزب بـأنها "آلة كذب طوني بلير".

لعل أبرز ما قام به غالوي هو حملته لإلغاء الحصار الاقتصادي على العراق وقيامه بزيارة صدام حسين عام 1994، وقام في عام  2002 بحملة عرفت باسم "قافلة مريم" فوصل إلى العراق بحافلة حمراء، ورأى البعض أن حملته هذه شجعت قادة وسياسيين آخرين مثل هوغو شافيز، على كسر الحصار على العراق وتشجع من بعدهم بعض الزعماء العرب.

بدأت علاقته بالقضية الفلسطينية عام 1974 عندما التقى بناشط فلسطيني عام 1980 كان له علاقة بإقامة التوأمة بين مدينة داندي ونابلس، وأيد إثر ذلك قرار المجلس البلدي برفع العلم الفلسطيني على دار البلدية وكانت تلك أول مرة في الغرب يرتفع فيها العلم الفلسطيني على مبنى عام، وفي عام 1989 أقام توأمة بين مدينة غلاسكو وبين بيت لحم.

وفي 2007 قال: "إن القدس كنز عربي وإسلامي ومسيحي وهي كنز للبشرية جمعاء، لكنها الآن في يد ’عصابة من المغتصبين يفعلون بها ما يشاؤون’ ".

وفي عام 2010 اشترك في مشروع "قافلة شريان الحياة" لرفع الحصار عن شعب فلسطين في غزة وكانت القافلة تحمل مساعدات وأدوية، وعند الوصول إلى غزة عبر معبر رفح كان في استقبالهم أبناء غزة حكومة وشعبا وقابلوهم بكل حفاوة.

وأقالته محطة إذاعية بسبب تغريدة نشرها على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" في أعقاب مباراة نهائي دوري أبطال أوروبا بين ليفربول وتوتنهام .

وامتدح في تلك التغريدة فوز ليفربول، قبل أن يضيف: "لا أعلام إسرائيلية في الكأس!". وقال إن "عددا من مشجعي توتنهام كانوا يرفعون علم إسرائيل بين الحشود، ما يظهر الانتماء إلى دولة عنصرية".

وكثيرا ما أعلن أنه لا يعترف بـ"إسرائيل" ولا يرغب في التطبيع معها"، داعيا إلى "مقاطعتها وسحب الاستثمارات وفرض عقوبات عليها إلى أن تنهزم دولة الفصل العنصري".

ورد على الصحافة العالمية الأمريكية والبريطانية تحديدا، التي تجرم الفعل الفلسطيني المقاوم، وقال: "الصراع لم يبدأ اليوم، بل منذ أن احتلت إسرائيل فلسطين وشردت شعبها، وارتكبت بحقهم أبشع المجازر، من هنا بدأ تاريخ الصراع.. لا تزيفوا الحقائق وتوهموا العالم بأن من يدافع عن نفسه هو المشكلة".

وثمة أسماء أخرى حرة ومحترمة لا يتسع المجال لها، ربما لها وقفة أخرى.