في الوقت الذي تعيش دولة
الاحتلال عزلتها السياسية حول العالم، فإن رئيس
الحكومة بنيامين
نتنياهو يسعى لتعويض هذه العزلة، من خلال البحث عن خيارات سياسية
تعوّضه عن قطيعته مع الولايات المتحدة من خلال العمل على زيارة
الصين، لإبلاغ
واشنطن أن لديه بدائل غيرها، مع بقاء التخوف الإسرائيلي أن تشكل هذه الزيارة
مقدمة لخطة طوارئ لإقامة دولة فلسطينية ناقصة.
أمير يوفال المحاضر بقسم العلوم السياسية بجامعة حيفا، اعتبر أن "الصين
التي توسطت بين إيران والسعودية، تدفع نتنياهو لمحاولة تعزيز العلاقات مع
السعودية من خلال النفوذ الصيني، لاسيما أن رئيسها قدم لرئيس السلطة الفلسطينية
محمود عباس خلال زيارته خطة صينية جديدة للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين، مع
العلم أن نتنياهو لديه جملة من المصالح التي تدفعه لإنجاز زيارته للصين، أهمها
إنجاح انقلابه القانوني، وخشيته من تفكيك الائتلاف، ووقوع حرب أهلية".
وأضاف في مقال نشره
زمن إسرائيل، وترجمته "عربي21"، أن
"نتنياهو بزيارته الى الصين قد يحاول الخروج من المأزق عن طريق اللعب
بالأوراق السياسية لديه، وكسر التحالفات والالتزامات، والمبادرة والمفاجأة غير
المتوقعة، كما فعل في الماضي في مواجهة تهديد لحكمه، لأنه يخشى فقدان السيطرة على
حكومته، وانهيار الأمن الداخلي، وامتداد الانقسامات إلى الجيش والشاباك، وأزمة
الاستثمار، واختلال الميزانية، مما قد يدفع نتنياهو لمحاولة إعادة ترتيب الأدوات،
والسعي من أجل تحالف بديل قائم على تغيير سياسي دراماتيكي، عبر عقد "مؤتمر
سلام إقليمي" يتولى الأجندة العامة، ويؤخر الانقلاب، وتفكك حكومته".
اظهار أخبار متعلقة
وأشار إلى أن "اتفاقا سياسيا أو مؤتمر سلام إقليمي برعاية الصين سيضع
نتنياهو، مثل ونستون تشرشل ثم شارل ديغول، وتوني بلير ثم أريئيل شارون، في مركز
الساحة الدولية، ويضعف المعارضة الشعبية لانقلابه، ويبدد اتهاماته بقضايا الرشوة
وخيانة الأمانة، من خلال إعلانه مبادرة سياسية، وموافقته على إقامة دولة فلسطينية
منعدمة تحت رعاية الصين والسعودية، مما يعزز رؤية نتنياهو لإعادة تشكيل ميزان
القوى في الشرق الأوسط، وتقوم على إضعاف النفوذ الإيراني، وتعزيز الردع، وضم
السعودية لاتفاقيات التطبيع، والحد من تأثير الإدارات الليبرالية الغربية على
المنطقة".
وأكد أن "نتنياهو من خلال تقاربه مع الصين ودول الخليج سوف يسعى لأن
تحلّ أموال الخليج محل أموال التكنولوجيا العالية، وفي المقابل سيضرّ بسمعة إدارة
بايدن، ويلعب لصالح حلفائه من "حزب الشاي" الأمريكي، ويمنح الصين بعداً
إقليميا وعالميا، مما سيمنح نتنياهو شرعية لا يمكن المبالغة بتقدير قيمتها،
والأرباح التي سيتمكن من اقتنائها في المقابل، من خلال المحافظة على إرثه ومكانته
في الذاكرة التاريخية، بحيث يهرب من أروقة المحاكم وصور الانقسام المدمرة".
وأشار إلى أن "نتنياهو بتحوله إلى الصين سوف يتسبب في تحول سياسي،
ويبدو أنها فرصته الأخيرة ليُذكر بأنه الرجل الذي أعاد تشكيل ميزان القوى في
الشرق الأوسط، وما وراءه، ولعل هذا هو البديل الذي يملكه نتنياهو لينقذ نفسه من
السقوط على سيفه دون انقلاب سياسي يكسر الأطر والولاءات".
في المقابل، يرى الكاتب أن "مصالح الصين من استقبال نتنياهو تكمن في
إبرام اتفاق سلام إقليمي أطلقته مما قد يزيد من الاستقرار الذي سيؤثر على إمدادات
النفط وأسعاره، ويسهم في وضع الصين كشريك مساوٍ للولايات المتحدة والاتحاد
الأوروبي في تشكيل مستقبل الشرق الأوسط، بجانب حرصها على النفط حيث يعتمد اقتصادها
إلى حدّ كبير على المعروض من النفط والغاز وأسعارهما، في حين تزودها السعودية
بأكثر من نصف إنتاجها السنوي أكثر مما تصدره للولايات المتحدة، كما وقعت الصين
العقود مع الحكومة في بغداد والأكراد، وعملت الصين بنشاط لضمان إمداد نفسها
بالنفط من السودان وجنوبه".
وقال إن "استقرار الشرق
الأوسط ضروري لاقتصاد الصين، ليس فقط لغرض استيراد الغاز والنفط، ولكن لتأمين طرق
التجارة، وخلق استمرارية قارية لأوروبا عبر إسرائيل والأردن وسوريا، كما تحدث به
مسؤولو السلطة الفلسطينية من أن الصين قد تساعد في التوسط بينهم وبين إسرائيل".
إضافة إلى أن مليارات الدولارات تستثمر كوسيلة ضغط للنفوذ الصيني على إسرائيل لإنجاز حلّ
وسط، بجانب رغبة الصين في تسويق سمعتها الدبلوماسية اللاعنفية، لأنها حساسة
للغاية لصورتها العامة في العالم، وتروج لمبادراتها من خلال الدبلوماسية الهادئة،
وتتجنب التهديد واستخدام القوة، وتتصرف نسبيا في إطار القواعد المقبولة في
العلاقات الدولية".