يدرس
بنكا الأهلي
المصري ومصر (الذراع المالي للبنك المركزي المصري) طرح شهادات
دولارية
بعائد تاريخي يصل إلى 10% في حال صرف الفوائد بالدولار، ويصل إلى 17% في حال صرف العائد
بالجنيه المصري، لزيادة الحصيلة الدولارية.
ونقلت
صحيفة "البورصة" عن مسؤولين داخل القطاع المصرفي قصر حق الاكتتاب على
المصريين مزدوجي الجنسية، أو العاملين بالخارج أو الأجانب من أجل مواجهة النقص الحاد
في السيولة الدولارية؛ بسبب خروج الأموال الساخنة، وارتفاع التضخم، وتآكل الاحتياطي
النقدي.
وقفز
سعر الدولار في السوق الموازي إلى مستويات 40 جنيها للدولار مقارنة بنحو 31 جنيها أي
بنسبة زيادة أكثر من 30%، وتسبب ذلك في تراجع تحويلات المصريين بالخارج 23% إلى 12
مليار دولار خلال النصف الأول من العام المالي الحالي مقابل 15.6 مليار دولار.
وتواجه
البنوك المحلية عدة تحديات بسبب تعرضها الكبير على
ديون الدولة وحيازتها لجزء كبير
من سندات الدين السيادية تصل إلى نحو 45% من إجمالي أصول تلك البنوك، وخفضت وكالة
"ستاندرد أند بورز" للتصنيف الائتماني نظرتها المستقبلية لكل من البنك الأهلي
المصري وبنك مصر والبنك التجاري الدولي من مستقرة إلى سلبية.
في شباط/
فبراير الماضي، خفضت وكالة موديز التصنيف الائتماني لخمسة بنوك مصرية؛ هي البنك الأهلي
المصري وبنك مصر وبنك القاهرة والبنك التجاري الدولي إلى B3 من B2، فيما خفضت تصنيف
بنك الإسكندرية من B1 إلى B2، وعدلت موديز نظرتها
المستقبلية لتقييم ودائع البنوك الخمسة إلى مستقرة من سلبية.
وتوقعت
الوكالات العالمية أن تؤثر أزمة السيولة في العملات الأجنبية وارتفاع أسعار الفائدة
والتضخم، على ثقة العملاء، ومن الممكن أن يضر بقدرتهم على سداد الديون ويزيد من تكلفة
التمويل للبنوك، مما يزيد الضغوط على أداء تلك البنوك.
ومنذ
آذار/ مارس 2022 طرحت الحكومة المصرية عدة مبادرات لجمع أكبر حصيلة ممكنة من العملة
الصعبة، من بينها طرح قطع أراض مميزة بالدولار، والسماح باستيراد سيارات معفاة من الجمارك
والضرائب شريطة وضع قيمتها بالدولار لمدة 5 سنوات وصرفها بالجنيه وقت استحقاق الوديعة،
ولكنها لم تنجح في جمع أي مبالغ مؤثرة.
مبادرات
لخدمة الحكومة أم المواطن؟
يرى
استشاري تمويل وتطوير المشروعات والأوقاف الاستثمارية، الدكتور علاء السيد، أن
"الجهاز المصرفي المصري يحاول بشتى الطرق جمع أي كمية من النقد الأجنبي بأي سعر
فائدة لسد العجز الحكومي من الدولارات في ظل عدم نجاح الحكومة المصرية في جذب أموال
كافية، سواء عن طريق الاقتراض الأجنبي أو الودائع الخليجية أو التنازل عن أصول الشعب
وشركاته والمبادرات الأخرى".
وأضاف
لـ"عربي21": "أما تعجب البعض من ارتفاع نسبة الفائدة سواء على الأوعية
الادخارية بالدولار الأمريكي أو بالجنيه فلا عجب من ذلك، فهي ليست كلها فائدة بل جزء
منها يمثل بعض الفارق بين سعر الصرف الرسمي وسعر الصرف الحقيقي للدولار الأمريكي مقابل
الجنيه المصري، وجزء من هذه الفائدة أيضا يمثل الزيادة غير المعلنة في نسبة التضخم
الحقيقية التي تخفيها الحكومة والتي أدت وانعكست على الانخفاض الحاد في القوة الشرائية
للجنيه المصري".
وتوقع
السيد أن تلحق المبادرة بسابقاتها، ولا تنجح إلا بشكل محدود، قائلا: "هناك
شروط مجحفة للأوعية الادخارية بالدولار مثل منع فك الوديعة قبل 6 أشهر، وفي أحد شقيها
صرف العائد بالجنيه المصري بسعر الصرف الرسمي المنخفض غير الحقيقي، وهذا يعني في النهاية
أن المودعين لن يستفيدوا من ارتفاع نسبة الفائدة على ودائعهم وأنها نسبة مضللة وغير
حقيقية".
وتابع:
"أما لماذا لا تحقق تلك المبادرات طفرة في أرصدة الجهاز المصرفي من النقد الأجنبي،
فالسبب ببساطة هو أن البنوك تعاني من رصيد بالسالب برقم كبير يمثل العجز في الدولار
الحاصل نتيجة توجيه أرصدة المودعين بالدولار الأمريكي بالكامل كقروض بشكل أو بآخر للحكومة
لسد عجز الموازنة، والمساهمة في سداد أقساط الديون الخارجية ومستحقات شركات التنقيب
الأجنبية، وتدبير السلع الغذائية الاستراتيجية وصفقات الأسلحة، وغير ذلك من التزامات
حكومية بالدولار".
اظهار أخبار متعلقة
رحلة
هبوط أصول البنوك للسالب
تعرضت
أصول البنوك المصرية إلى ضربة قوية منذ الحرب الروسية الأوكرانية، وتحولت من الفائض
إلى عجز بمئات المليارات، وسجل صافي الأصول الأجنبية بالجهاز المصرفي عجزا بأكثر من
745 مليار جنيه، بما يعادل 24.1 مليار دولار، مع نهاية نيسان/ أبريل 2023.
صافي
الأصول الأجنبية هو الفارق بين الأصول التي يمتلكها القطاع المصرفي "البنك المركزي
والبنوك" بالعملات الأجنبية، والالتزامات الواقعة عليه، ما يعني أن تلك البنوك
لديها التزامات بالعملات الأجنبية، أعلى مما تملك من أصول.
بحسب
بيانات البنك المركزي، يتوزع عجز الأصول الأجنبية بواقع 9.1 مليارات دولار لدى البنك
المركزي، و15 مليار دولار لدى البنوك المصرية.
غلق
أبواب الاقتراض والمنح يعقد أزمة التمويل
يقول
الباحث الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي إن "الفجوة التمويلية في مصر كبيرة وتزداد
في ظل الأعباء المتراكمة وأزمة الديون، وخاصة أن الحكومة المصرية تحل أزمتها في قضية
التمويل والديون بديون جديدة، وعادة ما تلجأ لديون قصيرة الأجل، بالتالي لا تجد فرصة
للتخلص من هذه الديون وأعبائها من أجل استمرار أدائها الطبيعي".
في حديثه
لـ"عربي21" أوضح أن "وراء هذه الأزمة مجموعة من القرارات الخاطئة التي
اتخذت؛ أبرزها استخدام الأموال الساخنة بشكل كبير ومفرط لتوفير النقد الأجنبي سواء
للإنفاق على شراء السلع من الخارج أو المشروعات الحكومية"، لافتا إلى أن
"كل المبادرات سواء طرح أراض للعاملين بالخارج أو السماح باستيراد سيارة، أو دراسة
طرح سندات أو شهادات دولارية بسعر 10% كلها بمثابة مسكنات وليست حلا جذريا للأزمة".
واعتبر
الصاوي أن "الحل الجذري للأزمة هو زيادة روافد النقد الأجنبي من الصادرات
البترولية والسلعية والخدمية، وزيادة عوائد السياحة وقناة السويس، ولكن طالما صناع
السياسة لا يهتمون بهذه الأمور فلن تحقق المبادرة أهدافها في حال إطلاقها، أكثر ما
يُخشى أن تؤصل هذه الخطوة لسعر فائدة مرتفع في حال لجأت مصر إلى السوق الدولية مجددا،
حيث بلغ العائد على الصكوك الإسلامية الأخيرة 10.8% وهو أعلى معدل في العالم، وإذا
كانت في السوق المحلي ستكون بـ 10% بالتالي فإنها في الخارج ستكون أعلى بكثير وبالتالي
سوف تدخل مصر في حلقة مفرغة من معضلة الديون والفائدة".