كتاب عربي 21

البنوك المتوسطة تتصدر معدلات الربحية بالبنوك المصرية

ممدوح الولي
جيتي
جيتي
رغم اضطراب الأسواق المصرية خلال العام الماضي، بسبب نقص الدولار وإحجام البنوك عن توفير الدولار للشركات واحتجاز البضائع في الموانئ، مما أثر على أداء الشركات بسبب نقص المواد الخام ومستلزمات الإنتاج الأمر الذي زاد من حدة الركود الموجود مسبقا، وتراجع اقتراض الشركات من البنوك بسبب ارتفاع الفائدة بنسبة 8 في المائة خلال العام من قبل البنك المركزي.

إلا أن البنوك العاملة في السوق المصرية قد حققت جميعها أرباحا عالية، ومن بين 22 بنكا أعلنت قوائمها المالية فقد زادت الأرباح عن العام الأسبق بها، فيما عدا بنك القاهرة الذي تراجعت أرباحه، وهو البنك المملوك للحكومة والذي تم الإعلان عن تجهيزه للبيع منذ عام 2018 ثم جرى تأجيل عملية البيع عدة مرات.

وترجع تلك الأرباح رغم الركود واضطراب السوق وإحجام الكثير من الشركات عن التوسع بالنشاط، إلى تركيز العديد من البنوك على توظيف أصولها في أدوات الدين الحكومي، عالية الفائدة والخالية من المخاطر حيث إنها مضمونة من الحكومة، وتقليلها من الإقراض لتفادي المخاطر، حيث تقلل من القروض لقطاعات مثل السياحة والإسكان وغيرها، فإذا أقرضت فإنها تُقرض الجهات الحكومية خاصة التي تضمن وزارة المالية قروضها.

التوظيف بالديون الحكومية وتقليل الإقراض
سبب نمو الأصول والودائع والقروض بكل البنوك التي أعلنت نتائجها بالمقارنة بالعام الأسبق، فيما عدا بنك سايب وانخفاض قروض بنك إي بي سي، فيعود إلى أثر سعر الصرف للدولار أمام الجنيه المصري والذي زاد خلال العام بنسبة 57 في المائة، ونظرا لوجود قروض واستثمارات بعملات أجنبية وودائع بعملات أجنبية فإنها قد تضخمت بسبب أثر سعر الصرف

فها هو بنك فيصل الإسلامي قد وجّه نسبة 9 في المائة من أصوله العام الماضي إلى أوجه التمويل من مرابحة ونحو ذلك، بينما وجّه 66 في المائة من الأصول إلى أدوات الدين الحكومي ثابتة العائد، رغم وجود لجنة للرقابة الشرعية فيه، مما مكّنه من تحقيق أرباح بلغت 4.8 مليار جنيه بنمو 60 في المائة عن العام الأسبق، كما قام بنك البركة بتوجيه 27 في المائة من أصوله للتمويل، رغم أن متوسط نصيب القروض من الأصول في البنوك كلها كانت 36 في المائة، ولهذا زادت أرباحه بنمو 55 في المائة عن العام الأسبق.

وقام بنك أبو ظبي الأول بتوجيه نسبة 36.5 في المائة من أصوله إلى أذون الخزانة والسندات الحكومية، بينما كان نصيب القروض أقل من 24 في المائة من الأصول، ولهذا حقق أرباحا العام الماضي تزيد بنسبة 129 في المائة عما حققه بالعام الأسبق.

كما أشارت بيانات سيتي بنك حتى أيلول/ سبتمبر إلى توجيهه نسبة 13 في المائة من أصوله للقروض، بينما وجه نسبة 61 في المائة من الأصول إلى أذون الخزانة وسندات الخزانة، إلى جانب حوالي 9 في المائة كأرصدة لدى المركز الرئيس له في الخارج ولدى فروع البنك الخارجية، ونفس النسبة كأرصدة لدى بنوك محلية، ولهذا حقق أرباحا خلال الشهور التسعة تقترب من أرباح العام الأسبق كاملا.

أما عن سبب نمو الأصول والودائع والقروض بكل البنوك التي أعلنت نتائجها بالمقارنة بالعام الأسبق، فيما عدا بنك سايب وانخفاض قروض بنك إي بي سي، فيعود إلى أثر سعر الصرف للدولار أمام الجنيه المصري والذي زاد خلال العام بنسبة 57 في المائة، ونظرا لوجود قروض واستثمارات بعملات أجنبية وودائع بعملات أجنبية فإنها قد تضخمت بسبب أثر سعر الصرف، مما زاد من أرقام القروض والاستثمارات وبالتالي الأصول ونفس الأثر للودائع على الالتزامات.

5 بنوك إماراتية و3 كويتية بخلاف الحصص

ويعمل في مصر حاليا 36 بنكا بعد اندماج بنك عودة في أبو ظبي الأول الإماراتي، وبنك بلوم في بنك إي بي سي البحريني، وما زالت هناك ستة بنوك تأخرت بالنشر وهي: الأهلي ومصر والعربي الأفريقي والاستثمار العربي والمصرف العربي الدولي وسيتي بنك، بينما لا تنشر باقي البنوك قوائمها المالية منذ سنوات عديدة وهي: العقاري والزراعي والصناعي والمصرف المتحد ومصر- إيران والأهلي اليوناني والعربي.

وباندماج البنكين اللبنانيين عودة وبلوم في العام الماضي ببنكين إماراتي وبحريني، أصبحت الخريطة الجغرافية لتبعية البنوك العاملة بمصر، تشير لوجود خمسة بنوك إماراتية بخلاف دمج السادس بأحدها، وثلاثة بنوك كويتية، وبنك واحد تابع لكل من قطر والمغرب والأردن والولايات المتحدة، واليونان وإيطاليا وفرنسا وإنجلترا والبحرين مع دمج آخر به، كما توجد حصص لدول عربية في بنوك أخرى مشتركة، منها الكويت وليبيا والإمارات وقطر وجزء صغير لسلطنة عمان.

ورغم أن البنوك المصرية تمثل العدد الأكبر إلا أن اثنين منها ما زالا يستحوذان على النصيب الأكبر من السوق المصرفية، وهما الأهلي المصري ومصر، بحكم قِدم النشأة وامتداد الفروع في أنحاء المحافظات، وكونهما بنكين مملوكين للحكومة بالكامل، مما يطمئن الجمهور للتعامل معهما رغم ضمان البنك المركزي لكل البنوك، إلى جانب تفضيل الجهات الحكومية التعامل معهما، حيث تعد الحكومة الزبون الأكبر حجما في السوق بالمقارنة بشركات القطاع الخاص.

أكثر من نصف القطاع المصرفي لبنكين

وها هي نتائج البنوك في أيلول/ سبتمبر الماضي تشير لاستحواذ بنكي الأهلي ومصر معا، على نسبة 53 في المائة من إجمالي أصول البنوك المصرية الستة والثلاثين، ونسبة 56 في المائة من الودائع ونسبة 55.6 في المائة من القروض.

ويتصدر باقي البنوك من حيث الأصول البنك التجاري الدولي ثم بنك قطر الوطني، فبنك القاهرة والعربي الأفريقي الدولي وأبو ظبي الأول بعد دمج عودة به، وإتش إس بي سي مصر وفيصل والإسكندرية وأبو ظبي الإسلامي والكويت الوطني. وهكذا تستحوذ تلك البنوك العشرة على غالب الحصة المتبقية من الأصول والودائع والقروض، وبالتالي فقد حققت أعلى قيمة من الأرباح خلال العام الماضي.

فيتصدر التجاري الدولي الأرباح بقيمة 16.2 مليار جنيه، يليه قطر الوطني بأرباح 10.4 مليار جنيه، وأبو ظبي الأول بسبب الدمج في عودة 5.9 مليار جنيه، وإتش إس بي سي مصر 5.5 مليار جنيه، والقاهرة 3.1 مليار جنيه، والإسكان والتعمير 2.7 مليار جنيه.

إلا أن المقارنة بين البنوك لا تقاس بقيمة الربح، وإنما تقاس بالربحية، أي بقدر الأرباح المتحققة عما تملكه تلك البنوك من حقوق للمساهمين أو ما تحققه الأصول التي تملكها من أرباح، وهنا سنجد الترتيب قد اختلف تماما، حيث تصدرت البنوك متوسطة الحجم معدلات الربحية.

فحسب مؤشر العائد على حقوق الملكية أي نصيب المساهمين من الأرباح، بلغت النسبة 38 في المائة ببنك أبو ظبي الأول، يليه إتش إس بى سي مصر 27 في المائة، فالأهلي الكويتي 27 في المائة، وأبو ظبي الإسلامي 25 في المائة، وكريدي أجريكول 24 في المائة. وهكذا جاء البنك التجاري الدولي الذي يعد الأكبر بين بنوك القطاع الخاص بالأصول والودائع في المركز السادس بنسبة أقل من 24 في المائة.

عادة ما تقوم الجمعيات العمومية للمساهمين في البنوك الخاصة، بالرقابة على مجالس إدارات البنوك ومحاسبتها وإمكانية تغييرها في حالة إخفاقها، بينما تقوم الحكومة بتعيين رؤساء البنوك الحكومية، مما يجعل ولاء رئيس البنك لمن اختاروه، واستجابته لطلباتهم من حيث توفير التمويل للجهات التي تحددها الحكومة، أو توظيف نسبة كبيرة أموال البنوك في أدوات الدين الحكومي لسد عجز الموازنة
كما احتل بنك قطر الوطني المركز الثاني بالأصول والودائع والقروض بين البنوك الخاصة، وبالمركز الحادي عشر بمؤشر العائد على حقوق المساهمين بنسبة 19 في المائة، كما جاء بنك القاهرة ثالث أكبر البنوك الحكومية في المركز السابع عشر بمؤشر العائد على حقوق المساهمين بنسبة أقل من 14 في المائة.

وفي مؤشر العائد على الأصول تصدّر بنك كريدى أجريكول يليه أبو ظبي الأول، ثم إتش إس بي سي مصر، ففيصل الإسلامي، وبالمركز الخامس البنك التجاري الدولي أكبر البنوك الخاصة، كما جاء بنك قطر الوطني في المركز الثامن، وبنك القاهرة الحكومي في المركز الثامن عشر من بين 22 بنكا أعلنت قوائمها المالية.

وعادة ما تقوم الجمعيات العمومية للمساهمين في البنوك الخاصة، بالرقابة على مجالس إدارات البنوك ومحاسبتها وإمكانية تغييرها في حالة إخفاقها، بينما تقوم الحكومة بتعيين رؤساء البنوك الحكومية، مما يجعل ولاء رئيس البنك لمن اختاروه، واستجابته لطلباتهم من حيث توفير التمويل للجهات التي تحددها الحكومة، أو توظيف نسبة كبيرة أموال البنوك في أدوات الدين الحكومي لسد عجز الموازنة، خاصة في الأوقات التي يخرج الأجانب من أدوات الدين الحكومية، ولهذا تأتي البنوك الحكومية عادة في مراكز متأخرة بمعدلات الربحية.

twitter.com/mamdouh_alwaly
التعليقات (2)
الكاتب المقدام
الإثنين، 01-05-2023 04:10 م
*** 2- ووزارة المالية تقترض من المصارف الآن بفائدة تصل إلى 23% لتمويل عجز الميزانية، التي هي حفرة لا قرار لها، وحيث أنه لا توجد عوائد حقيقية لاستثمار تلك الأموال المقترضة، بالإضافة إلى عشرات المليارات التي أهدرت على مشروعات مولت بالقروض للجيش والحكومة والقطاع الخاص، والتي لا جدوى اقتصادية لها، كالأسلحة التي تكدست في المخازن والصحراوات القاحلة، ومنها الطائرات الخمس التي دمرت في مطار السودان، والاستثمارات المهدرة في فقاعة العقارات المنشأة في الصحراوات الخاوية المنتظر انفجارها، ولن تستطيع الحكومة المصرية أن تسدد القروض وفوائدها عنها، إلا بالمزيد من طباعة أوراق العملة التي لا أصول لها، مما سيسبب مزيداً من الانحدار في قيمة الجنيه، وهروب المواطنين بودائعهم من البنوك لحماية مدخراتهم التي يأكلها التضخم، للملاذات الآمنة كالذهب، ليهرول الجنيه خلف سوريا ولبنان في فقدان قيمة عملاتها، وهذا هو مادفع المواطنين للهرولة لسحب مدخراتهم النقدية من البنوك، لتحويلها إلى سبائك ومشغولات ذهبية، لتفادي انهيار قيمة مدخراتهم الحقيقية، بدلاً من الاستثمار الإنتاجي الذي تطارده الحكومة بالإتاوات العشوائية لصالح صناديق السيسي كصندوق تحيا مصر، وبالضرائب الجزافية الباهظة، وبالمصادرة كشركة جهينة وغيرها، مع ما يتوقع من تأثير سلبي لذلك على انخفاض ودائع البنوك، والله أعلم بما سنصل إليه من فعل إيدينا.
الكاتب المقدام
الإثنين، 01-05-2023 03:57 م
*** 1- جدير بالذكر الإشارة إلى ما نشر اليوم: (خفضت مؤسسة "ستاندرد أند بوروز" نظرتها المستقبلية لكل من البنك الأهلي المصري، وبنك مصر والبنك التجاري الدولي من مستقرة إلى سلبية، بسبب حالة التدهور التي يشهدها القطاع المصرفي، والاقتصاد المصري بشكل عام.)، وما سبق وأن نشر في فبراير الماضي: (خفضت وكالة موديز التصنيف الائتماني للبنك الأهلي المصري وبنك مصر وبنك القاهرة والبنك التجاري الدولي إلى B3 من B2، وبنك الإسكندرية بعدهم، بعد تخفيض التصنيف الائتماني لمصر)، فقروض الحكومة من البنوك في خطر العجز عن السداد، وخاصة للودائع بالعملات الصعبة كالدولار، وقروض القطاع الخاص مهددة، بعد أن هبط إنتاج بعض قطاعات الاقتصاد إلى أقل من الربع لنقص مستلزمات الإنتاج، مثل شركات إنتاج الدواجن وتصنيع السيارات والأجهزة المنزلية، وهي في حالة تعثر فعلي وعجز عن سداد ديونها، بالإضافة إلى كون شركات المقاولات المتأخر سداد مستحقاتها، وشركات التطوير العقاري المتعثرة في بيع وحداتها العقارية، ولذلك فميزانيات البنوك وارباحها غير واقعية، حيث لم تستقطع من إيراداتها وأرباحها مخصصات كافية للديون المشكوك في تحصيلها، وللديون المعدومة للشركات المفلسة بعدها، وهي من أساسيات الإدارة المصرفية السليمة، وقد سبق وأن أفلست العديد من البنوك في مصر، مثل البنوك الثلاثة التي دمجها البنك المركزي تحت مسمى "المصرف المتحد"، وتحمل المركزي عبأ سداد خسائرها، والعديد من المصارف اللبنانية مثل "جمال ترست بنك"، ومن قبله "بنك الاعتماد والتجارة"، ولكونها بنوك صغيرة فقد أمكن تلافي أثر إفلاسها على القطاع المصرفي، وذلك بخلاف البنوك الكبرى التي يعجز البنك المركزي عن إنقاذها في حالة إفلاسها، وستجر معها الاقتصاد المصري كله.