صحافة عربية

وثائق بريطانية: سيناء لم تفارق مخيلة الإسرائيليين.. كيف نزعوا قوتها من مصر؟

شارون مع ديفيد بن غوريون على أحد التحصينات العسكرية قبالة قناة السويس إبان احتلال سيناء- جيتي
شارون مع ديفيد بن غوريون على أحد التحصينات العسكرية قبالة قناة السويس إبان احتلال سيناء- جيتي
كشفت وثائق بريطانية، أن شبه جزيرة سيناء، لم تفارق خيال الإسرائيليين، باعتبارها منطقة هامة وحساسة، رغم انسحابهم منها، مسلطة الضوء على ما قامت به بعد احتلالها المنطقة عام 1967.

ونشرت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، تقريرا بمناسبة ذكرى إعادة العريش إلى مصر، عام 1979، وقالت وثائق للسفارة البريطانية في تل أبيب، إن سيناء "تعني أشياء كثيرة" بالنسبة للإسرائيليين فهي ساحة قتال ضار، غير أنها في أوقات أخرى ملعب مترامي الأطراف لجيش الدفاع الإسرائيلي، وحلم سياحي وذخيرة طبيعية ومشروع تجريبي زراعي، وهي أيضا نقطة التقاء تجمع البدو بالجمال. وفوق كل هذا هي امتداد لحدود إسرائيل الضيقة توفر متنفسا روحيا من ضغوط الحياة.

ولفتت الوثائق إلى أن صحراء النقب، كانت هي البديل الوحيد أمام الجيش الإسرائيلي المنسحب من سيناء. وقدرت التقارير البريطانية تكلفة نقل القواعد والمنشآت العسكرية من سيناء إلى النقب بنحو مليار دولار أمريكي في عام 1979 وحده، ووصفت التقارير هذه التكلفة بأنها "عبء ثقيل".

اظهار أخبار متعلقة



وحسب المعلومات البريطانية، كان على الجيش الإسرائيلي أن "ينشئ حوالي 50 معسكرا جديدا في النقب، وطرقا جديدة طولها 695 كيلومترا، ويعيد تعبيد طرق قائمة بطول 225 كيلومترا، ويمد أنابيب مياه بطول 700 كيلومتر وكابلات عالية الإجهاد بطول 1000 كيلومتر، ونقل قرابة 90 مليون متر مكعب من التربة لبناء بنية تحتية جديدة في المنطقة".

غير أن تقييم البريطانيين حينها هو أن صحراء النقب "لن تكون أبدا بديلا" لسيناء.

فيما يتعلق بالجانب الأمني لهذه الأهمية، قال تقرير السفارة إن إسرائيل "بررت احتلالها شبه الجزيرة بحرمان العدو من استغلالها في الهجوم عليها، أو خنق وصول إسرائيل إلى البحر الأحمر".

وهذا ما يفسر، وفق التقرير، سلوك إسرائيل، مباشرة، بعد احتلال جيشها الجزيرة. وقال: "أول تأثير للاستيلاء عام 1967 هو تدفق الدبابات والمركبات والرجال الإسرائيليين بأعداد تفوق بكثير عدد القوات المصرية التي حلوا محلها". وأضاف أن سيناء كلها "أصبحت ساحة تدريب عسكري".

واهتم البريطانيون أيضا بتتبع علاقة إسرائيل بالبدو سكان سيناء، ورأوا أنه نظرا لأن هؤلاء هم وحدهم القادرون على العيش في مناطق سيناء الداخلية الصحراوية، فإن الإسرائيليين "أولوا أهمية للحفاظ على علاقات ودية معهم". ولأهمية المنطقة، قررت إسرائيل أن "الحصول على أصدقاء أفضل من الحصول على أعداء فيها".

وفق التقرير البريطاني، فإن الشاباك، "وجد أيضا أسبابا جيدة لتشجيع مشروعات الرعاية المعيشية لبدو سيناء، خاصة توفير إمدادات المياه للتجمعات المعزولة، لتشجيعهم على البقاء في المناطق الداخلية بدل الهجرة إلى المستوطنات الساحلية".

اظهار أخبار متعلقة



وانتهى التقييم البريطاني إلى أنه "يبدو أن البدو قبلوا هذا" وفق زعم الوثائق.

وبعد حرب 1967، انسحب الجيش المصري إلى الضفة الأخرى من قناة السويس بينما حشد الإسرائيليون قواتهم على الضفة المقابلة، وبنوا خط بارليف في محاولة لمنع الجيش المصري من التفكير في العبور واسترداد سيناء. وظل هذا الوضع قائما حتى حرب السادس من أكتوبر/تشرين الأول عام 1973.

وبينما كان النقاش يستعر في إسرائيل بشأن الانسحاب الكامل من سيناء، طرح بعض الساسة الإسرائيليين، وأيدهم مناحيم بيغن رئيس الوزراء في ذلك الوقت، مبدأ استثناء رفح من أي اتفاق والاحتفاظ بها كاملة.

ولهذا لقيت رفح، الواقعة على حدود مصر وقطاع غزة الفلسطيني، اهتماما بريطانيا في ظل تركيز إسرائيل الأمني عليها.

وأشارت إلى أنه "منذ عام 1967، وبخاصة بعد عام 1973، كان جزء من الحكمة السياسية الشائعة في إسرائيل يقول إنه لا ينبغي أبدا إعادة رفح وجوارها إلى مصر، لأنه يجب عزل قطاع غزة، ومنعه من أن يصبح مرة أخرى خنجرا موجها إلى قلب إسرائيل".

اظهار أخبار متعلقة



يضاف إلى هذا أن إسرائيل أنشأت في رفح بعض المستوطنات الريفية، ومستوطنة ياميت الحضرية التي كان يسكنها 1500 مستوطن يهودي.

وخلص البريطانيون إلى أن "تخلي الإسرائيليين عنها هو القرار الأصعب"، مقارنة بمناطق سيناء الأخرى.

فبعد الاحتلال أزيل، كما تقول معلومات السفارة، 12 ألف بدوي من الذين اعتادوا العيش في رفح، سواء كملاك أو مجرد سكان للأراضي، قسرا من مساحة تبلغ حوالي نصف مليون دونم (5 آلاف كيلو متر)، وأعيد توطين بعضهم في الجنوب.

وقال الملحق الدفاعي والبحري والجوي في السفارة البريطانية بإسرائيل، "إن الاتفاقية نزعت بشكل فعال سلاح شبه جزيرة سيناء"، وأنه "لو اختارت مصر مهاجمة سيناء، سوف يتعين على قواتها استخدام ثلاثة محاور لوجستية عابرة 80 ميلا من صحراء سيناء، وهي منطقة مكشوفة بلا مراكز لوجستية متقدمة ولا شبكات دفاع جوي أو تحصينات دفاعية".

ونتيجة لذلك "فلا يمكن إكمال العملية بسرعة تكفي لتحقيق مفاجأة توقع خسائر غير مقبولة في مواجهة التفوق الجوي الإسرائيلي المرجح فوق شرقي سيناء".

وأشار إلى أنه "طالما أمكن تحقيق هذا التفوق، فإن مصر لن تكون تهديدا ملحا لإسرائيل".
التعليقات (0)