اقتصاد عربي

لماذا يرفض جنرالات مصر طرح شركات الجيش بالبورصة؟.. السعودية تفقد صبرها

 "شهية" الجيش المصري في عهد المشير عبد الفتاح السيسي ازدادت أكثر فأكثر- الرئاسة المصرية
"شهية" الجيش المصري في عهد المشير عبد الفتاح السيسي ازدادت أكثر فأكثر- الرئاسة المصرية
نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن مقاومة جنرالات مصر جهود الإصلاح التي يضغط صندوق النقد الدولي والمانحون الخليجيون من أجل تنفيذها، ومنها رفض طرح أسهم الشركات التي يسيطرون عليها للبيع.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه في رحاب الإمبراطورية الشاسعة التي بناها الجيش المصري من المفترض أن تنفتح شركتان على المستثمرين من القطاع الخاص. وتعد شركة "وطنية" التي تدير أكثر من 250 محطة بنزين، والشركة الوطنية لإنتاج وتعبئة المياه "صافي"، من بين أولى الشركات التي شملتها عمليات الخصخصة التي تأمل الحكومة في استكمالها.

ونقلت الصحيفة عن يزيد صايغ، الباحث الأول في مركز كارنيغي للشرق الأوسط ومدير برنامج العلاقات المدنية-العسكرية في الدول العربية، قوله: "لقد وعدوا بذلك منذ سنوات، إنهم يؤخّرون العملية وسيؤخرونها مرة أخرى. والسبب الرئيسي هو إحجام الجيش عن التخلي عن أي شيء يعتبره مصدر ربح. قد يكون للضباط أو الكيانات مصلحة مباشرة في الاحتفاظ حتى بالمشاريع غير المربحة من أجل الربح والرشاوى".

وذكرت الصحيفة أن "شهية" الجيش المصري في عهد المشير عبد الفتاح السيسي ازدادت أكثر فأكثر. وباعتباره العمود الفقري للدولة منذ سنة 1952، فقد أصبح الجيش رأس حربة سياسة المشاريع العملاقة للرئيس السابق للمخابرات العسكرية، الذي وصل إلى السلطة بفضل انقلاب سنة 2013.

وأضافت الصحيفة أن تقليد مكافأة الضباط المتقاعدين بمناصب في الإدارة العليا ومجالس إدارة شركات الدولة والسلطات المحلية مقابل ولائهم لا يزال مستمرًا، وبذلك ازدادت هيمنة الجيش على التوجهات الاقتصادية الرئيسية وتخصيص الميزانيات والعقود العامة. وإلى جانب مشاريع قناة السويس والهيدروكربونات والنقل والاتصالات، فقد وسّع الجيش إمبراطوريته بشكل ملحوظ لتشمل المزارع السمكية، وصناعة الأدوية، ووسائل الإعلام وغيرها من القطاعات الأخرى، مُخاطرا بزعزعة استقرار قطاعات كاملة من الاقتصاد.

تتمثل الصناديق السوداء الحقيقية في حوالي 72 شركة تخضع لإشراف وزارتي الإنتاج الحربي والدفاع، وكذلك الهيئة العربية للتصنيع التي تعمل في ظل غموض مالي كامل دون رقابة على حساباتها أو أدائها، فضلا عن أن هذه الشركات معفاة من أي رسوم أو ضرائب. ويستحوذ الجيش على العقود العامة ويتصرّف في أراضي الدولة كما يحلو له. ولا يمكن للبنوك أن ترفض أي طلب له، في حين أن رواد الأعمال من القطاع الخاص مجبرون على التعامل مع المنافسة غير العادلة من قبل الجيش.

اظهار أخبار متعلقة


هروب المستثمرين الأجانب

بحسب تيموثي كالداس، نائب مدير معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط، فإن "الجيش المصري يعد لاعبا قسريا يثير مخاوف المستثمرين الأجانب ما يجعل الاقتصاد المصري أقل جاذبية في العديد من المجالات". وأضاف كالداس أن صندوق النقد الدولي وكبار المانحين لمصر، مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، غضوا الطرف عن هذه الظاهرة لفترة طويلة.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الوضع قد تغير مع انهيار الاقتصاد المصري في أعقاب الحرب في أوكرانيا. فقد أصبح تقليص بصمة الدولة والجيش في الاقتصاد أولوية الآن بالنسبة لصندوق النقد الدولي، الذي منح قرضا ثالثا لمصر في كانون الأول/ ديسمبر. في المقابل، يعمل المانحون الخليجيون خلف الكواليس لضمان عدم تقديم المزيد من التنازلات.

ويقاوم الجيش حتى الآن كل ضغوط السيسي، ولم يتردد في تعطيل فرص الاستثمار الكبرى. ومنذ سنة 2018، كان السيسي يحث الجيش على التخلي عن بعض أصوله إما عن طريق بيعها في البورصة أو تسليمها إلى الصندوق السيادي لمصر. لكن وعده في سنة 2020 بفتح عشر شركات عسكرية للاستثمار الخاص لم يتحقق.

اظهار أخبار متعلقة


السعودية تفقد صبرها

يبقى أن نرى ما إذا كانت أسهم شركتي "صافي" و"وطنية"، التي كان من المقرر طرحها في السوق يوم الأربعاء 15 آذار/ مارس، ستجد مشترين. وفي هذه المرحلة، من المخطط فقط بيع حصة قليلة.

ونقلت الصحيفة عن خبير صناعي أجنبي قوله: "يتردد المستثمرون الأجانب في الاستثمار إذا لم يكن لديهم سيطرة على إدارة الشركة، أو تصويت حاسم على مجلس الإدارة"، مشيرا إلى أنه "من المستحيل فرض رأيك على الجنرالات". وأضاف: "لم تعد السعودية تخفي انزعاجها".

في كانون الثاني/ يناير، قاطعت السعودية مؤتمرا نظمه الزعيم الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان بحضور الرئيس السيسي. وسارع المعلقون السعوديون المقربون من التاج إلى انتقاد القاهرة على مواقع التواصل الاجتماعي، بمن فيهم تركي الحمد الذي ندد "بالهيمنة المتزايدة للجيش على الدولة والاقتصاد"، التي تسببت في "البطالة والأزمات الاقتصادية".

وأفادت الصحيفة بأن الجيش لا يتأثر بالنقد الذي يشوه صورته. ففي منتصف شباط/ فبراير الماضي شرح اللواء وليد حسين أبو المجد رئيس جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، الذي يجمع الشركات الخاضعة للإشراف الدفاعي، تفاصيل مقدار الضرائب والرسوم التي دفعتها هذه الشركات للدولة في سنة 2022. لكن الانتقادات لا تثني الجيش عن مواصلة استثماراته بوتيرة جيدة التي شملت مجمعا فندقيا فاخرا على البحر الأحمر، ورخصة لقاحات، وامتيازا حصريا على 3600 كيلومتر من الطرق.

التعليقات (1)
صابر عبدالغفور
الخميس، 23-03-2023 06:43 م
سيبك من صبرك إنت وخليك مع ياسمين صبري