لم يكن
سرّا أن الأوساط الأردنية لم ترحب بتشكيل الحكومة اليمينية
الإسرائيلية في ضوء القطيعة
التي شهدتها علاقات الجانبين في عهود بنيامين
نتنياهو السابقة، ورغم زيارته الأخيرة
إلى عمان ولقائه بالملك عبد الله الثاني، فإن محافل إسرائيلية مطلعة كشفت أن لقاءهما
لم يفشل فحسب، لكن التقييم الأردني زاد قناعة بعدم التوافق مع نتنياهو.
بنحاس
عنبري المستشرق الإسرائيلي زعم أن "التقدير السائد في عمان أن نتنياهو يخطط فعليا
لإسقاط الملك عبد الله، وأنه يسعى لتغيير النظام في الأردن، ما سيتسبب في حلول نكبة
جديدة، وترحيل الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى الضفة الشرقية، صحيح أن هذا يبدو مستبعدا
في نظر الإسرائيليين في المرحلة الحالية، لكن الأردن الذي شهد موجتين كبيرتين من الهجرة،
أولاهما نصف مليون لاجئ من العراق، وثانيهما مليون لاجئ من سوريا، قد يشهد موجة ثالثة
من الهجرة الفلسطينية من الضفة الغربية إلى الضفة الشرقية، وفي هذه الحالة فإن الأمر لن يبدو بعيد المنال".
وأضاف
في مقال نشره موقع "
زمن إسرائيل"، وترجمته "عربي21" أن "مما
يزيد في التباعد الأردني الإسرائيلي ذلك الاستقبال الاحتفالي الذي أقامته المملكة من
خلال بعض الزعامات القبلية على شرف خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، لأنه حتى
وقت قريب كان شخصية غير مرغوب فيها في الأردن، وهذا في الأساس تصريح من الأردن بأنه
لن يتسامح بالضغط على الفلسطينيين للهجرة من الضفة الغربية إليه".
وأوضح
أن "التخوفات الأردنية تزايدت في ضوء ما تحدث به نتنياهو لشبكة (سي إن إن) عن
ضرورة تجاوز القضية الفلسطينية بزعم توحيد القوى ضد إيران، زاعما أن السلام مع الفلسطينيين
سيأتي بعد إتمام اتفاقات التطبيع، مؤكدا على غير العادة عدة مرات أنه ليست لديه نية
لترحيل الفلسطينيين".
وأشار
إلى أن "القراءة الأردنية للتوجه الإسرائيلي أنه سيفضي إلى خلق توترات مع الفلسطينيين،
وربما يؤدي إلى تهيئة الظروف لنكبة جديدة على حساب الأردن، وسقوط نظامه، وبغض النظر عن ما
إذا كان التخوف حقيقيًا أم لا، فإن المهم أن التقييم الأردني عرف طريقه إلى الولايات
المتحدة، في ضوء تحركات وزراء الحكومة المتطرفين أمثال إيتمار بن غفير من خلال اقتحاماته
للمسجد الأقصى".
تتطابق
هذه التقديرات الإسرائيلية المتشائمة من توتر العلاقة مع الأردن مع تحذيرات سابقة للملك
عبد الله الثاني من أن "لدينا خطوطا حُمرا"، تشمل أي تغيير في الوضع الراهن
في
القدس، ما يؤكد أنها لم تكن عفوية، لأن الأردنيين يخشون أي تغيير مرتقب منذ فترة
طويلة، في ضوء الربط القديم بين الأردن والقدس، وهو بنظر الكثيرين من عوامل الشرعية
الحاكمة للأسرة الهاشمية، وأحد عوامل استقرار النظام.
مع العلم
أن قراءات إسرائيلية تؤكد أن ما يحصل في القدس من اقتحامات قد يؤدي إلى الإضرار باستقرار
الدولة الأردنية من الداخل، ما يكشف عن إحباط من عدم تبني الحكومة الحالية سياسة مدروسة
ومتوازنة تجاه الأردن، لأنها على الأرض ترتكب أفعالا يمكن تفسيرها على أنها تمس بمكانته
في القدس، ومن شأنها أن تتسبب في عدم استقرار سياسي داخلي من شأنه أن يؤثر على المنطقة
بأسرها.