صحافة دولية

برغم انخفاض أسعارها.. الإمدادات الغذائية العالمية في خطر

أي فشل بتمديد اتفاق الحبوب سيمنع صادرات الحبوب الأوكرانية ما سيرفع الأسعار مرة أخرى- جيتي
أي فشل بتمديد اتفاق الحبوب سيمنع صادرات الحبوب الأوكرانية ما سيرفع الأسعار مرة أخرى- جيتي
انخفضت أسعار الأسمدة والمحاصيل بشكل حاد منذ ذروتها بعد الهجوم الروسي على أوكرانيا العام الماضي. ومع ذلك؛ فقد حذر المتخصصون في الزراعة والمحللون من أن الإمدادات الغذائية في العالم لا تزال مهددة.

ونشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرًا، ترجمته "عربي21"، قالت فيه إن أسعار المواد الغذائية كانت مرتفعة بالفعل قبل الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في أوائل العام الماضي، وذلك بسبب الجفاف والاكتناز المرتبط بوباء فيروس كورونا من قبل الحكومات والشركات، ثم ارتفعت أسعار مغذيات المحاصيل نتيجة لموقف موسكو كأكبر مصدر للأسمدة في العالم، في حين أدت القفزة في أسعار الغاز الطبيعي، وهو عنصر حاسم للأسمدة النيتروجينية، إلى زيادة الضغط على الأسواق الزراعية.

وأوضحت الصحيفة أن اتفاق الحبوب في البحر الأسود العام الماضي بين موسكو وكييف كان له دور حاسم في خفض الأسعار، إلى جانب وفرة الإمدادات من روسيا، في حين أدى انخفاض أسعار الغاز الطبيعي إلى تهدئة أسواق الأسمدة. ومع ذلك؛ يحذر المحللون من أن صفقة الحبوب قد تنهار، بينما تهدد أسعار الطاقة المتقلبة وتغير المناخ أيضًا بتقويض إنتاج المحاصيل.

ونقلت الصحيفة عن جون بافيس، كبير الاقتصاديين الزراعيين في البنك الدولي، قوله: "إن هذا الوضع مثل الطيران بمحرك واحد؛ فطالما أن هذا المحرك يعمل، فلا بأس، ولكن إذا توقف المحرك، فستواجه مشاكل... وإذا تحقق أي من هذه المخاطر فسنرى ارتفاعا في الأسعار بسرعة كبيرة جدا".

ورأت الصحيفة أن الخطر الأكثر إلحاحًا هو صفقة الحبوب المدعومة من الأمم المتحدة، والتي من المقرر تجديدها في آذار/ مارس المقبل؛ فأي فشل في تمديدها من شأنه أن يمنع صادرات الحبوب الأوكرانية، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار مرة أخرى. ورغم أن العديد من المحاصيل - إلى جانب الأسمدة الغذائية - معفاة من العقوبات المفروضة على روسيا من قبل حلفاء أوكرانيا، إلا أن العديد من البنوك وشركات التأمين ومجموعات الخدمات اللوجستية كانت مترددة في التعامل مع منتجات مزارعيها.

وأشارت الصحيفة إلى أن هناك تهديدا آخر وهو المناخ؛ حيث سجلت درجات الحرارة القياسية في العام الماضي في أوروبا وأجزاء أخرى من العالم على الرغم من ظاهرة "لا نينا" الطقسية والتي تعمل على تبريد سطح المحيط الهادئ.

فبعد تكرر هذه الظاهرة لثلاث سنوات متتالية (يفترض أن تحدث بفارق ثلاث إلى خمس سنوات)؛ فقد حذر العديد من خبراء الأرصاد الجوية من تزايد فرص العكس؛ وهي ظاهرة "النينو" المناخية، حيث تزيد من الاحترار والتي تحدث هذا العام؛ حيث من المتوقع أن تزيد من درجات حرارة عام 2023، وفقًا لتحذيرات مكتب الأرصاد الجوية في المملكة المتحدة أواخر العام الماضي، وقد تسببت هذه الظاهرة سابقًا في حدوث موجات جفاف في جنوب وجنوب شرق آسيا وأستراليا وفيضانات في أمريكا اللاتينية.

ووفق الصحيفة؛ فإن مستويات مخزون الحبوب المنخفضة نسبيًّا زادت من مخاوف المحللين بشأن الإمدادات الغذائية العالمية. فبالنسبة للقمح؛ فإن نسبة المخزون إلى الاستخدام، تظهر أن المخزونات المتوقعة لنهاية "عام المحاصيل" في حزيران/ يونيو من المتوقع أن تبلغ 58 يومًا، وهو أدنى مستوى منذ عام 2008، عندما ارتفعت أسعار المواد الغذائية الدولية بعد الجفاف وزيادة أسعار الطاقة العالمية.

ونقلت الصحيفة عن جوزيف غلوبر، كبير الباحثين في معهد أبحاث الأمن الغذائي وكبير الاقتصاديين السابق في وزارة الزراعة الأمريكية، قوله: "بسبب انخفاض وضع الأسهم العالمية؛ ستظل الأسعار متقلبة ويمكن أن ترتفع بشكل حاد إذا ظهر جفاف أو حدث طقس كبير هذا الربيع".

ولفتت الصحيفة إلى أن تحركات العملة مهمة أيضا للإمدادات الغذائية في العديد من البلدان النامية؛ فعلى الرغم من الانخفاضات الأخيرة في أسعار المواد الغذائية في الأسواق الدولية، فإن قوة الدولار يمكن أن تبقي التكاليف بالعملات المحلية مرتفعة، وهذا يعني أن التضخم الغذائي للمستهلكين من المرجح أن يستمر لعدة أرباع بسبب تأخر الذي قد يستمر لعام في الأسعار المتداولة دوليًّا لكي تظهر من خلال سلاسل التوريد بالتجزئة.

وبحسب الصحيفة؛ لا يزال التضخم في أسعار الأغذية، قياسًا على الرقم القياسي لأسعار استهلاك الأغذية، في خانة العشرات في معظم مناطق العالم، ومن المتوقع أن ينخفض مؤشر أسعار المستهلك الغذائي مع انخفاض التضخم الإجمالي، لكنه سينخفض ببطء.

وذكرت الصحيفة أنه مع ذلك فهناك بعض علامات التحسن؛ حيث سجل مؤشر أسعار المواد الغذائية للسلع الزراعية المتداولة دوليًّا الصادر عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة انخفاضًا شهريًّا لمدة تسعة أشهر متتالية، والواقع أن أسعار المواد الغذائية الأساسية والقمح تقل بأكثر من 40 في المائة عن أعلى مستوياتها في العام الماضي، كما أدى محصول القمح القياسي في روسيا وحصاد الذرة وفول الصويا الوفير في البرازيل إلى تخفيف الضيق في أسواق الحبوب والزيوت النباتية الدولية، في حين أدى الانخفاض الأخير في أسعار الغاز الطبيعي - وهو مادة وسيطة - إلى زيادة إنتاج مغذيات محاصيل النيتروجين.

واختتمت الصحيفة التقرير بالقول إن الأسعار الأرخص المتداولة دوليا - بما في ذلك أسعار الأسمدة - ستؤدي إلى إزالة بعض الضغط على المزارعين؛ حيث يقول مايكل ماجدوفيتز، محلل الحبوب والبذور الزيتية في رابوبنك: "نحن في نقطة انعطاف؛ حيث يبدو أن المدخلات وضغط الهامش للمزارع يخففان بشكل كبير".

التعليقات (0)