كتاب عربي 21

الفوائد تلتهم حوالي نصف مصروفات الموازنة المصرية

ممدوح الولي
تحول البنك المركزي في مصر إلى عبء على الموازنة- جيتي
تحول البنك المركزي في مصر إلى عبء على الموازنة- جيتي
أشارت بيانات وزارة المالية المصرية حول أداء الموازنة العامة للدولة خلال الربع الأول من العام المالي الحالي 2022/2023، عن الفترة من بداية تموز/ يوليو الماضي وحتى نهاية أيلول/ سبتمبر الماضي، إلى بلوغ النصيب النسبي لفائدة الدين 46.5 في المائة من إجمالي المصروفات، الأمر الذي أثر على تراجع النصيب النسبي لباقي بنود المصروفات كما كان مخططا لها، ليتدنى نصيب الدعم إلى 13.5 في المائة مقابل 17 في المائة كان مخططا لها، والاستثمارات الحكومية إلى 8 في المائة من المصروفات مقابل أكثر من 18 في المائة كان مخططا لها.

وكان مخططا أن تستحوذ فوائد الدين الحكومي الداخلي والخارجي في الموازنة على نسبة 33 في المائة من المصروفات خلال العام المالي، لكن ارتفاع أسعار الفائدة على أدوات الدين الحكومي ساهم في زيادة قيمة الفوائد، وكذلك زيادة قيمة الدين الحكومي المستمرة بالصعود، مما نجم عنه زيادة قيمة فوائد خلال الربع الأول إلى 217 مليار جنيه من مجمل المصروفات البالغة 466 مليار جنيه، الأمر الذي دفع صانع السياسة المالية إلى خفض نصيب باقي بنود المصروفات عما كان مخططا له، فانخفضت قيمة الاستثمارات الحكومية بنسبة 58 في المائة عما كان مقررا لها، مما يعني تأجيل العديد من الاستثمارات التي كانت مقررة في أنحاء البلاد من مؤسسات صحية ومرافق وبنية تحتية.

انخفضت قيمة الاستثمارات الحكومية بنسبة 58 في المائة عما كان مقررا لها، مما يعني تأجيل العديد من الاستثمارات التي كانت مقررة في أنحاء البلاد من مؤسسات صحية ومرافق وبنية تحتية

وكذلك بند شراء السلع والخدمات الخاصة بإدارة دولاب العمل في الجهات الحكومية والمحليات من مستلزمات وصيانة بنسبة 34 في المائة، كما تراجعت مخصصات الدعم بنسبة 29 في المائة، ومع ذلك ما زال مسؤولو الحكومي يتحدثون عن أرقام الدعم التي كان مخططا لها وكأنها قد تم تنفيذها، وتراجعت المصروفات الأخرى التي تشكل نفقات الدفاع غالبيتها بنسبة أربعة في المائة فقط، والأجور بنسبة ثلاثة في المائة.

توقع نسبة 9.1 في المائة للعجز بالموازنة

وهكذا انخفضت قيمة مجمل المصروفات بنسبة عشرة في المائة عما كان مخططا، وارتبط ذلك بتراجع إجمالي الإيرادات في الموازنة عما كان مخططا لها بنسبة 32 في المائة، وبلغت نسبة التراجع في حصيلة الضرائب 28 في المائة، وفي المنح 92.5 في المائة، وفي الإيرادات غير الضريبية 45.5 في المائة.

ويفسر انخفاض الإيرادات غير الضريبية العديد من العوامل؛ أبرزها ما كشف عنه الجنرال قبل أسبوع، عن تعليماته لبعض الجهات الحكومية باحتجاز أرباحها، التي كان يجب قانونا أن تتجه إلى وزارة المالية كممثلة للحكومة المالكة لتلك الجهات، ومن ذلك وزارة الصحة ووزارة الإسكان وهيئة قناة السويس بإنشاء صناديق بها.
تسببت حالة الركود في الأسواق والمنافسة غير العادلة للقطاع الخاص من قبل الجهات السيادية، والمشاكل التي عانى منها من نقص للدولار الذي أدى لنقص المواد الخام ومستلزمات الإنتاج؛ في عدم تحقق المستهدفات الضريبية منه

كذلك استمرار البنك المركزي بالخسارة خلال الربع الأول من العام المالي الحالي، وهو ما يحرم الموازنة مما كان يمدها به من أرباح قبل خمس سنوات، ليتحول البنك المركزي إلى عبء على الموازنة والتي تقوم بالتدخل بمساندته ماليا حتى لا تتحول حقوق الملكية لديه إلى سالبة.

كما تسببت حالة الركود في الأسواق والمنافسة غير العادلة للقطاع الخاص من قبل الجهات السيادية، والمشاكل التي عانى منها من نقص للدولار الذي أدى لنقص المواد الخام ومستلزمات الإنتاج؛ في عدم تحقق المستهدفات الضريبية منه.

وكانت النتيجة الخطيرة لتراجع الإيرادات بقيمة 121 مليار جنيه عن المستهدف، وبالتبعية نقص المصروفات بقيمة 51 مليار جنيه عن المخطط، ارتفاع قيمة العجز في الموازنة لأرقام غير مسبوقة، حيث بلغت قيمة العجز النقدي الذي يتحدد بالفارق بين الإيرادات البالغة 259 مليار جنيه والمصروفات البالغة 466 مليار جنيه، حوالي 208 مليار جنيه للعجز، بنسبة نمو 50 في المائة عما كان مخططا له.

كما بلغ العجز الكلي الذي يضم العجز النقدي مُضافا إليه صافي حيازة الأصول المالية، والتي أخذت طابعا سلبيا؛ 207 مليارات جنيه بنسبة نمو 48 في المائة عما كان مخططا، وهو ما يعني في حالة استمرار نفس معدلات النمو بلوغ نسبة العجز الكلي في الموازنة خلال العام المالي الحالي 9.1 في المائة، أي أعلى كثيرا مما وعد به وزير المالية عند تقديم الموازنة للبرلمان.

فوائد الدين الحكومي مرشحة للزيادة
المكون الأكبر للمصروفات في الموازنة وهو فوائد الدين الحكومي مرشح للزيادة، بسبب استمرار البنك المركزي في رفع أسعار الفائدة، حيث أن أرقام فوائد الدين خلال الربع الأول من العام المالي الحالي لم يلحقها سوى رفع للفائدة بنسبة 2 في المائة بشهر أيار/ مايو، بعد تحديد تفاصيل الموازنة قبل بدء العام المالي

وهو الأمر الذي نرجح حدوثه وربما أعلى منه خلال باقي فصول العام المالي الحالي للأسباب التالية، أن المكون الأكبر للمصروفات في الموازنة وهو فوائد الدين الحكومي مرشح للزيادة، بسبب استمرار البنك المركزي في رفع أسعار الفائدة، حيث أن أرقام فوائد الدين خلال الربع الأول من العام المالي الحالي لم يلحقها سوى رفع للفائدة بنسبة 2 في المائة بشهر أيار/ مايو، بعد تحديد تفاصيل الموازنة قبل بدء العام المالي.

وشهد الربع الثاني من العام المالي رفعا للفائدة بنسبة 4 في المائة على مرتين، كما يتوقع استمرار البنك المركزي في رفع الفائدة لمواجهة نسب التضخم المرتفعة والمرشحة للاستمرار بالارتفاع خلال النصف الثاني من العام المالي الحالي، وكانت وزارة المالية قد توقعت سعر فائدة 14.5 في المائة على أذون وسندات الخزانة خلال العام المالي، بينما بلغت الفائدة عليهما أكثر من 18.5 في المائة قبل رفع المركزي الفائدة بنسبة 2 في المائة في الثلث الأخير من الشهر الماضي، والذي سينعكس على فائدة أدوات الدين الحكومي خلال الأسابيع المقبلة.

وكذلك زيادة قيمة بنود الدعم الغذائي الذي يتم استيراده خاصة القمح لتصنيع الخبز، والنفط الخام ومشتقاته عما كان مخططا له عند وضع الموازنة، بتوقع سعر قمح 330 دولارا للطن خلال العام المالي، في حين وصل السعر للقمح الأمريكي الصلد في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي 423 دولار للطن، وارتفاع نسبة التضخم إلى 19.2 في المائة حسب جهاز الإحصاء خلال شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بينما توقعت وزارة المالية نسبة 9 في المائة للتضخم خلال العام المالي. أيضا ارتفاع تكلفة الأجور نتيجة المنحة التي تم إقرارها بنحو 300 جنيه، للموظفين وأصحاب المعاشات شهريا مؤخرا لمواجهة ارتفاع تكلفة المعيشة، والتي لم تكن مقررة عند إعداد الموازنة.

كما أن القطاع الخاص المنهك من الأزمات التي تعرض لها منذ الحرب الروسية الأوكرانية، والتضييق على الواردات ونقص الدولار وارتفاع سعر الصرف للدولار أمام الجنيه المصري، لن يستطيع الوفاء بالمستهدفات الضريبية منه، رغم التوسع في تطبيق نظام الفاتورة الإلكترونية بين شركاته لكن معدلات الاستجابة ما زالت تقل كثيرا عن المستهدف لها. وهو ما يرتبط أيضا بتوقع وزارة المالية بلوغ نسبة النمو العالمي في العام الميلادي الجديد 3.8 في المائة، بينما عدل صندوق النقد الدولي تلك التوقعات إلى 2.7 في المائة، وأقل من ذلك لدى مؤسسات دولية، مع توقع وقوع العديد من الاقتصادات في الركود مثل ألمانيا وإيطاليا وروسيا، مما سيؤثر على حصيلة شركات الصادرات المصرية الخاصة وبالتالي على حصيلة الضرائب منها.

twitter.com/mamdouh_alwaly
التعليقات (0)