قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن البيئة العدائية والعزلة التي يعاني منها الأطفال الجانحون في مراكز احتجاز
الأحداث في الأردن لها تأثير سلبي طويل الأمد على مستويات تعلمهم ونضجهم النفسي والاجتماعي.
وأشار الأورومتوسطي، في تقرير له اليوم الاثنين أرسل نسخة منه لـ "عربي21"، إلى أنّ المملكة الأردنية شهدت في السنوات الماضية ارتفاعًا في السلوك الجانح بين الأحداث، حيث بلغ متوسط عدد الأحداث المحتجزين والمحكوم عليهم في عام 2020 نحو 270 طفلًا، كما ارتفعت معدلات
الانتحار بين الأحداث بنسبة 31% في العام ذاته، وفقًا لوزارة التنمية الاجتماعية بالأردن.
وأظهر تقييم أجراه الأورومتوسطي لنظام قضاء الأحداث في الأردن أنه لا يتوافق تمامًا مع المعايير الدولية ذات العلاقة، بما في ذلك اتفاقية حقوق الطفل التي صدّق عليها الأردن عام 1991.
وقالت الباحثة القانونية لدى المرصد الأورومتوسطي "كرما استيتية": إنّ "الإصلاحات الأخيرة على قانون الأحداث رقم 32 لعام 2014 تضمنت انتهاكات في جميع مراحل نظام قضاء الأحداث الأردني، بما في ذلك مرحلة ما قبل المحاكمة ومرحلة المحاكمة ومرحلة ما بعد المحاكمة".
وذكرت "استيتية" أن القانون ينص على وجوب تعامل شرطة الأحداث مع جميع قضايا الأطفال عند التوقيف والاعتقال، باستثناء حالات المخدرات فتتعامل معها شرطة الأمن العام.
لكن ما يحدث عمليًا هو أن شرطة الأمن العام تتعامل مع معظم قضايا الأحداث، وبالتالي يُنقل الأطفال والبالغون في عربات الشرطة ذاتها، ويتم التحفظ عليهم خلال أول 24 ساعة في غرف انتظار وزنازين مشتركة.
وعلقت "استيتية" بأن هذا يعد "انتهاكًا واضحًا للمادة 5 (أ) من القانون، ويشكل خطرًا كبيرًا على هؤلاء الأطفال".
وأكد الأورومتوسطي أن المعايير الدولية لقضاء الأحداث تتطلب أن يكون الحبس الاحتياطي إجراءً استثنائيًا مخصصًا للجرائم الخطيرة جدًا، كما أنه يجب أن يُتخذ هذا القرار من قبل هيئة قضائية مختصة ونزيهة وتخضع لمراجعة منتظمة.
مع ذلك، فإن الحبس الاحتياطي في الأردن يبقى ممارسة شائعة، فيما لا يتم إعلام الأطفال المتهمين بمدد مكوثهم، ولا تُراجع قضاياهم بانتظام. والأخطر من ذلك هو أنه لا يتم فصل الأحداث المحتجزين عن المحكومين، حيث إن معظم مراكز احتجاز الأحداث في الأردن هي مراكز مشتركة للإصلاح وإعادة التأهيل.
وعلى الرغم من أن الإجراءات القضائية تبدو متوافقة مع قانون الأحداث رقم 32 والمعايير الدولية ذات العلاقة، إلا أن تقارير البحث الاجتماعي التي يعدها ضباط المراقبة لإبلاغ قضاة محاكم الأطفال بخلفية الأطفال قيد المحاكمة تبقى غير دقيقة إلى حد كبير.
وذكر الأورومتوسطي أنه يترتب على تلك الممارسات تعطل تعليم غالبية الأطفال المدانين في مراكز احتجاز الأحداث، فيما تتأثر ـ في غالب الأحيان ـ سلوكياتهم بالسلوكيات الجانحة المحيطة، الأمر الذي يزيد من احتمالية ارتكابهم للجنح مرة أخرى. وعلى الرغم من أن القانون يشترط فصل الأحداث وفقًا لدرجة خطورة جرائمهم، إلا أن هذا لا يُطبق على أرض الواقع.
وخلص التقييم إلى أن طرق الاحتجاز البديلة تخدم نفس الغرض الذي يخدمه السجن، غير أنها تحمي الأطفال من التعرض لسلوكيات جانحة أكثر خطورة، مما يسمح لهم بالحفاظ على روابط إيجابية مع عائلاتهم وأفراد مجتمعهم ويحميهم من وصمة العار التي يضفيها الطابع المؤسسي.
وشدد الأورومتوسطي على أهمية اتباع القانون وتقديم مصلحة الطفل الفضلى عبر تعزيز وتمويل آليات احتجاز بديلة تهدف إلى بناء المهارات النفسية والاجتماعية للأطفال، وتزودهم بالخدمات والاحتياجات اللازمة لإعادة اندماجهم في
المجتمع.