قضايا وآراء

هل "خان" أردوغان أم نحن عاطفيون؟

عبد الرحمن يونس
1300x600
1300x600
يبدو أن الصورة التي طُبعت في أذهاننا -نحن الفلسطينيين- عن تركيا في عهد الرئيس رجب طيب أردوغان ذي الخلفية الدينية، بأنها حامية الدين الإسلامي وأنها ستكون حامية القضية الفلسطينية في وجه العدو الإسرائيلي قد سببت لبعضنا غباشاً كبيراً في الرؤية، خاصة بعد أن قُطعت العلاقات بينهما عقب الهجوم على سفينة مرمرة عام 2010 وما بعدها.

اعتقدوا وقتها أن تركيا سترفع راية الجهاد في وجه دولة الاحتلال، وأنها ستنسى مصالحها الاقتصادية والسياسية في سبيل إرضاء الشعب الفلسطيني، وهذا ما لم يحصل ولن يحصل، فتركيا تتعامل مع القضية الفلسطينية كما يتعامل معها المجتمع الدولي وفق القرارات التي أصدرتها الأمم المتحدة، وما دعمها للشعب الفلسطيني إلا من باب دعم القضايا الإنسانية وبموافقة دولية.

أما فيما يتعلق بالقضايا الوطنية للشعب الفلسطيني فتركيا على ما يبدو أنها تتخذ من هذا الأمر ورقة رابحة لها على طاولة الحوارات بينها وبين الاحتلال الإسرائيلي وغيره من اللاعبين الإقليميين، فتارة تجد الرئيس التركي يلتقي رئيس السلطة محمود عباس ويقدّم الدعم المالي والسياسي له ولسلطته، وتارة يلتقي -هو أو غيره من المسؤولين الأتراك- بوفود حركة حماس ويستضيف بعضاً من قيادتها ويسمح لها بالنشاط داخل الأراضي التركية حتى ولو كان في إطار ضيق.

وتارة ثالثة تستضيف تركيا جولة من حوارات المصالحة وترتيب البيت الفلسطيني، كما حصل في لقاء إسطنبول أواخر عام 2020، وغير ذلك من الأدوار التي تلعبها تركيا على الساحة الفلسطينية، كالجمعيات الخيرية والمشاريع الاقتصادية في غزة والضفة.

وها هو أردوغان يستقبل رئيس الكيان الصهيوني ويتحدث عن إعادة العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي وعن مشاريع اقتصادية مشتركة بينهما، وبعدها قال تشاووش أوغلو وزير الخارجية على هامش منتدى انطاليا الدبلوماسي يوم الجمعة: إن إعادة العلاقات مع "إسرائيل" لن تعني تغييرا في سياسة أنقرة تجاه الشعب الفلسطيني، وحقه في تقرير مصيرهم في دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران/ يونيو لعام 1967، مشددا على تمسك بلاده في حماية المسجد الأقصى.

ولكن لماذا صُدمنا من زيارة رئيس الكيان الأخيرة لتركيا واستقبال أردوغان له بحفاوة؟ ولماذا كان يعول بعضنا على تركيا كثيراً، على الرغم من علمهم أنها دولة عضو في الناتو -الذي يعطي الاحتلال الإسرائيلي الحق في كل شيء- وتتعامل مع الفلسطينيين وغيرهم وفق ما يتماهى مع سياستها ومصالحها في المنطقة؟

برأيي أن هناك سببين لهذه الصدمة، السبب الأول هو أننا نعتبر أي علاقة مع الكيان الإسرائيلي وأي شراكة معه -من أي دولة كانت- هي اعتراف بحقه باغتصاب أرضنا وحقوقنا، فما بالك أن تكون الدولة التي ستطبع معه هي دولة إسلامية كتركيا التي من المفترض أن ننتظر منها دعماً غير متناهٍ لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة.

أما السبب الثاني فهو أن الشعب الفلسطيني بحاجة إلى أي حضن داعم له في وجه موجات التطبيع الخيانية التي استشرت بين الدول العربية، بعد أن بدأتها منظمة التحرير عام 1993 ولحقتها بقية الدول الصديقة والحليفة.

وفي كل الأحوال، فإن من البديهي أن الشعب الفلسطيني، ومعه فصائله المقاومة، يقبل أي دعم لقضيته سواء كان اقتصادياً أو سياسياً أو حتى عسكرياً ما لم يدفع مقابله أي تنازل عن أي من حقوقه أو مقدراته الوطنية، في المقابل يرى من يطبّع مع الاحتلال خائناً لقضيته كائناً من كان، دون النظر إلى دوافعه أو نتائجه، لأن التطبيع مع دولة احتلال هو شر محض ولا ينتج عنه أي خير بالمطلق، وما الحالة التي وصلت إليها القضية الفلسطينية بعد تطبيع منظمة التحرير مع الاحتلال الإسرائيلي إلا خير دليل على ذلك.
التعليقات (1)
احمد
السبت، 12-03-2022 10:46 ص
تركيا ليس لديها أيديولوجية على الإطلاق ولا ينبغي الوثوق بها ، على عكس إيران