هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حذر دبلوماسي إسرائيلي، من أن الغزو العسكري الكبير الروسي لأوكرانيا قد يتدحرج ليصبح حربا واسعة مع أوروبا، لأن هذا الغزو لأوكرانيا هو فقط جزء من خطة كبيرة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وأكد الدبلوماسي الإسرائيلي القنصل السابق في نيويورك، ألون بنكاس، في مقال بصحيفة "هآرتس" العبرية، أن الرئيس بوتين، "لا يحارب أوكرانيا فقط، ولا يحارب حلف "الناتو"، بوتين يحارب لتغيير اتجاه التاريخ، واحتلال "كييف" هو فقط مرحلة وليس التطلع التاريخي".
سؤال كبير
ونبه إلى أن "سعي بوتين السياسي العسكري المتمثل بإسقاط الحكومة الأوكرانية، هو مرحلة وليس هدفا بحد ذاته"، موضحا أن "بوتين يشبه نفسه ببطل في الرواية الوطنية الروسية، لذلك هو يدير حربا ضروسا ضد الديمقراطية الغربية، هو لا يحاول تأسيس الاتحاد السوفييتي من جديد، بل إعادة روسيا الحالية التي تم إذلالها وتصغيرها وإساءة وضعها من قبل الولايات المتحدة والغرب، إلى أمجاد روسيا القيصرية الكبرى، وهذا هو هدفه التاريخي، وربما هذا سيكون طويلا ودمويا ويحتمل أن تكون له انتصارات تكتيكية مؤقتة، وربما هذه المعركة ستحدد بداية نهايته".
ولفت بنكاس، أن "غزو أوكرانيا ليس هو الهدف بحد ذاته بل هو جزء من خطة كبيرة، ومشكوك أن تتحقق أو أن تعود روسيا للسيطرة على شرق أوروبا، لكن على خلفية سلوكه ورؤيته التاريخية، السؤال الكبير والرئيسي في هذه الأثناء هو؛ ما هو هدفه النهائي؟ وهل سيوسع الغزو إلى مولدوفا ودول البلطيق؟".
وقال: "من اعتقد أن هدف بوتين، هو خلق تهديد أوكرانيا وإدارة أزمة والذهاب إلى الحافة من أجل التوصل لمفاوضات دبلوماسية حول الهندسة الأمنية لأوروبا، مخطئ، ومن اعتقد أنه بعد أن أخطأ بوتين في تقدير تصميم الولايات المتحدة و"الناتو" وتم إجباره على الاختيار بين بدائل سيئة، سيكتفي بضم جمهورية لوهانسك وجمهورية دونيتسك، مخطئ، ومن اعتقد أن بوتين سيرتدع من هجوم شامل على أوكرانيا بسبب تهديد العقوبات، مخطئ".
وأوضح أن "هدف العقوبات الأمريكية من البداية لم يكن الردع، بل العقاب، والعقوبات الثقيلة ما زالت لم تفرض في الوقت الذي فيه الغزو في بدايته"، منوها أن "المخابرات الأمريكية كانت على حق ودقيقة طوال الوقت، وقرار الإدارة تسريب مواد استخبارية ضئيلة عن نية روسيا وطرق عملها المحتملة، تبين أنه صحيح".
ويوم الأربعاء نشر البنتاغون تقديرا محدثا بحسبه بنية القوة الروسية وانتشارها على طول حدود أوكرانيا، تشير لنظام هجومي مدعوم بقاذفات صواريخ وذخيرة ووقود، واستنادا لهذه المعطيات، فإن عملية عسكرية واسعة تبدو مرجحة خلال فترة قصيرة جدا، وعلى أساس هذا التقدير قال بايدن في يوم الثلاثاء إن الهدف العسكري والأهداف السياسية لروسيا تمتد أكثر بكثير من ضم لوهانسك ودونيتسك".
عملية استراتيجية
وذكر الدبلوماسي الإسرائيلي، أن التقدير والافتراض الأساسي في واشنطن، أن بوتين لن يرتدع عن مس مباشر لدول أعضاء في "الناتو"، لافتا أن "كلا من بولندا ودول البلطيق، ليطا ولاتفيا واستونيا، طلبت أمس عقد مجلس "الناتو" فورا، والذي حسب البند الرابع في ميثاقه الذي يبرر إجراء نقاش واتخاذ قرارات "عندما تشعر أي دولة عضو فيه بأن سلامتها الجغرافية واستقلالها السياسي والأمني مهدد".
وأضاف: "من ناحية المخابرات ومخططي السياسة في واشنطن، توسيع الحرب لدول البلطيق، سيناريو يفحصه بوتين أو سيفحصه إذا كان ينوي حقا القيام بعملية استراتيجية واسعة تستهدف الخلق بالقوة مجال نفوذ جيوسياسي، وخلافا لأوكرانيا، دول البلطيق وبولندا، هي أعضاء في "الناتو" ومهاجمتها ستفعل بشكل أوتوماتيكي البند الخامس الذي يتطرق إلى "الدفاع الجماعي"؛ مهاجمة أي عضو من أعضاء الحلف يعني مهاجمة الحلف كله، والمعنى؛ أن دخول روسيا، مهما كان صغيرا ومحدودا، يعتبر هجوما على الولايات المتحدة".
ونوه إلى أن أوكرانيا 2022 هي المرة الثالثة لبوتين، بعد غزو جورجيا وضم جنوب أوسيتيا وأبخازيا في 2008، وغزو أوكرانيا وضم القرم في 2014، مشيرا إلى أن القائد السابق لـ"الناتو" الأدميرال جيمس ستفاريدس، في مقال نشره في صحيفة "التايم" قبل الغزو الكبير، قال إن "الرد يجب أن يكون شديدا جدا، بما في ذلك الانفصال عن السويفت".
وتابع: "مساء أمس، حتى قبل أن يرد بايدن رسميا، رئيس حكومة بريطانيا، بوريس جونسون، دعا لفصل فوري لروسيا عن هذا النظام، رغم أن المستشار الألماني، أولاف شولتس، طلب انتظار مناقشة قرار المجلس الأوروبي"، منوها أن "تحفظ المستشار الألماني أقنع بايدن من أجل الانتظار قبل اتخاذ هذه الخطوة التي تعتبر السلاح الأخير للعقوبات".
وأفاد بنكاس، أن "التأثير لا يدور فقط على شركات روسية أو أصحاب رؤوس أموال يحتاجون لعمليات التحويل وإدارة أعمال دولية، عقوبة دراماتيكية بحد ذاتها، بل على قدرة روسيا على تصدير الغاز والنفط، ومساء أمس، كمقدمة لتصريح بايدن وفي أعقاب محادثة بمشاركته، أعلن منتدى "جي 7" عن عقوبات ستقلق روسيا".
ورجح أن "تسيطر روسيا على أوكرانيا خلال أيام، ومن المرجح أيضا أن حربا خاطفة وناجحة لن تمنع معركة طويلة، ستجبي ثمنا باهظا من روسيا، والسؤال؛ هل سينتهي ذلك هناك؟ الجواب سيتضح في الأسابيع القريبة القادمة، وفي حالة لم ينته هناك، فإن ما كان "أزمة أوكرانيا" وتحول إلى "حرب أوكرانيا" سيتحول لحرب أوروبية".