هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قالت
مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية إن "سوريا التي يسيطر عليها
المتمردون هي العاصمة الجديدة للإرهاب العالمي"، مشيرة إلى أن مسألة من يسيطر
على المنطقة المحيطة بإدلب أصبحت مشكلة دولية.
وأشارت
إلى أن زعيمي تنظيم الدولة اختارا إدلب التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام "الفرع
السابق للقاعدة" للاختباء، معتبرة أن شمال غرب سوريا حل محل باكستان كملاذ
مفضل للإرهابيين.
ولفتت
إلى أن الولايات المتحدة قتلت منذ عام 2015 العشرات من قادة القاعدة والإسلاميين
داخل إدلب، ما يدل على أن إدلب أصبحت المخبأ المفضل لبقايا الجماعات الجهادية
السورية بجميع أنواعها.
ورأت
أنه يمكن للولايات المتحدة أن تواصل دعم الوضع الراهن في شمال سوريا، أي سيطرة
تركيا الأوسع على المنطقة إلى جانب حرية أمريكا في تنفيذ غارات وضربات جوية
لمكافحة الإرهاب.
وأضافت:
"بدلا من ذلك، فإنه يمكن لواشنطن تطوير استراتيجية لترتيب إقليمي جديد، جنبا إلى
جنب مع روسيا، يضع إدلب مرة أخرى تحت سيطرة الحكومة السورية، حيث يمكن أن يؤدي
وجود عدد كبير من الجهاديين في هذه المنطقة إلى دفع حسابات الولايات المتحدة نحو
الحل الأخير وضد المتمردين المهيمنين في المنطقة".
ونبهت
إلى أن هيئة تحرير الشام، تدعي أنها تقوم بقمع خلايا القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية
على حد سواء، ومن المحتمل أن يكون البغدادي والقرشي قد تسللا عبر الفجوات ووجدا
ملاذا في إدلب دون علم الجماعة.
اقرأ أيضا: مقتل ثاني زعيم لـ"داعش" بمناطق تحرير الشام.. ما دلالة ذلك؟
ويقترح
بعض المحللين أن هيئة تحرير الشام يمكن أن تكون حليف الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة
الإسلامية، لكن البعض الآخر يشكك أكثر في التنظيم، ما يشير إلى أنه من غير المرجح
أن يكون المتمردون على علم بموقع زعيم تنظيم الدولة.
وهناك
أيضا اعتقاد قوي بأن "تحرير الشام" تدعم المتطرفين، وقد تلطخت سمعة
الجماعة بشكل أكبر من خلال اتهامات باستهداف المتمردين المؤيدين للديمقراطية بشكل
روتيني واختطاف وتعذيب النشطاء والقانونيين والصحفيين الذين يتحدثون ضدها.
وتدعي
"تحرير الشام" أنها قطعت العلاقات مع القاعدة وتقدم نفسها كهيئة حاكمة
شرعية لما يقرب من 3 ملايين سوري في محاولة لإظهار قدرتها على أن تكون بديلاً
لنظام بشار الأسد.
وتحاول
هيئة تحرير الشام تشكيل نفسها على غرار طالبان كقوة إسلامية قومية مناهضة للنظام
وهي في أمس الحاجة إلى قبول المجتمع الدولي.
وقال
آرون شتاين، مدير الأبحاث في معهد أبحاث السياسة الخارجية، لمجلة فورين بوليسي:
"لا أعتقد أن هناك دعما واسع النطاق في الولايات المتحدة للتعامل مع هيئة
تحرير الشام".
وأضاف:
"أعتقد أن التقييم العام هو أن هيئة تحرير الشام تتكون من جهاديين ملطخة
أيديهم بالدماء الأمريكية".
من
جانبه، قال دانييل ميلتون، مدير الأبحاث في مركز مكافحة الإرهاب في الأكاديمية
العسكرية الأمريكية، إن حقيقة أن اثنين من قادة تنظيم الدولة كانا يختبئان في إدلب
"يجب أن يدفعنا إلى إعادة تقييم كيف نفكر في العلاقات بين هؤلاء، جماعات هيئة
تحرير الشام والقاعدة وتنظيم الدولة.
بدوره،
قال جوشوا لانديس، رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما، إنه في ظل
إدارة ترامب، اعتقدت الولايات المتحدة أن هيئة تحرير الشام زادت من نفوذ الولايات
المتحدة على الأسد ومنعته من الأراضي، لكنه أضاف: "قد يتغير هذا التصور الآن
بعد محاصرة خليفة داعش وقتله في محافظة إدلب".
اقرأ أيضا: FP: "داعش" يتمتع بمرونة كبيرة ومقتل زعيمه لن ينهي تهديده
واعتبرت
"فورن بوليسي"، أن الاعتراف الذي تتوق إليه هيئة تحرير الشام قد تأخر،
ربما إلى أجل غير مسمى، حيث تحول شمال غرب سوريا إلى ملاذ لمقاتلي القاعدة و"داعش"،
لكن إدارة بايدن ليس لديها رؤية حتى الآن حول كيفية إقناع الأسد بالموافقة على
هيكل السلطة اللامركزية في الشمال الغربي والسعي لإنهاء الصراع المستمر منذ عقود.
وبينت
أن سياسة الولايات المتحدة في شمال غربي سوريا، هي تسهيل تقديم المساعدات
الإنسانية إلى 3 ملايين نازح سوري من خلال مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مع
السماح لتركيا بإدارة جميع أنواع الجماعات المتمردة.
وسعت
الولايات المتحدة إلى التفاوض على صفقات مقايضة مع روسيا لتجنب استخدام الأمم
المتحدة لحق النقض بشأن المساعدات الإنسانية، مع دعم سياسة تركيا القائمة على
الوضع الراهن على أمل تحسين نفوذ أنقرة في محادثاتها مع موسكو، على الصعيدين
الإنساني والعسكري.
ووفق
المجلة الأمريكية، فإن تركيا تنسق وتتعاون مع هيئة تحرير الشام، التي هي في وضع يسمح
لها بالسيطرة على الأراضي التي تعتبرها تركيا موطئ قدم أساسي لمراقبة القوات
الكردية وتحديها، لكن تركيا لا تطارد القاعدة ولا تنظيم الدولة الإسلامية.
واعتبر
صالح مسلم، القيادي في التشكيلات الكردية شمال شرق سوريا، أن المئات من المقاتلين
الذين هاجموا سجن الحسكة مؤخرا، عبروا من مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام، مؤكدا أن
الهيئة هي بقايا "داعش".
وأضاف:
"يجب تفكيك هيئة تحرير الشام.. يجب أن تستهدف القوات الأمريكية هيئة تحرير
الشام أيضا".
وأوضحت
"فورين بوليسي" أن الولايات المتحدة لم تضع مطلقا هدفا نهائيا في
الاعتبار لسوريا، ربما لأنها لم تكن مهتمة أبدا، ولكن أيضا لأنه من غير الواضح كيف
يجب على أي شخص أن يتنقل في متاهة الممثلين العنيدين المعنيين.
ورأت
أن بقاء القوات الأمريكية في سوريا إلى الأبد ليس حلا لتوفير حاجز لحلفائها الأكراد
أو لمطاردة الجهاديين المختبئين في إدلب، لكن يمكن للولايات المتحدة أن تتواصل
دبلوماسيا مع الأتراك والروس على أمل إقناع حلفائهم بالتخفيف من توقعاتهم وإيجاد
حل طويل الأجل للمناطق المعزولة المتبقية.
وفي
الوقت الحالي، فإن هذا يبدو أمرا طويلا للغاية بالنسبة لإدارة بايدن، والتي بدلا من
ذلك فإنها قامت بتضييق نطاق تركيزها نحو الأهداف قصيرة المدى التي تعتبرها قابلة
للتحقيق.
وفي
الوقت الحالي، سيظل وجود واشنطن في شمال سوريا مركزا على الدعم الإنساني ومراقبة
مكافحة الإرهاب والضربات الجوية ضد القاعدة و"داعش".