هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "الغارديان" افتتاحية علقت فيها على قرار الرئيس الأمريكي جو بايدن تحويل جزء من الأموال التي أودعها البنك المركزي الأفغاني في نيويورك قبل انهيار الحكومة السابقة إلى عائلات ضحايا هجمات 11 أيلول/ سبتمبر مشيرة إلى أنه يجب عدم تحميل الأفغان مسؤولية ذلك، لأنهم دفعوا الثمن مرة بعد الأخرى وتمت معاقبتهم بطريقة قاسية.
وقالت الصحيفة إن الأفغاني العادي لم يكن قد ولد بعد عندما ضربت الطائرات برجي مركز التجارة العالمي في 11 أيلول/سبتمبر 2001، وكان هذا واحدا من الأسباب التي تجعل من منح أموال البنك المركزي الأفغاني إلى عائلات ضحايا 9/11 قرارا غير معقول.
يحدث هذا في وقت يبيع فيه الآباء أعضاءهم لإطعام أبنائهم وتعاني نسبة 98 بالمئة من السكان نقصا في الطعام، وحتى تصل الأموال من جديد فإن الأمور ستزيد سوءا.
وقالت إن القرار التنفيذي الذي وقعته إدارة بايدن الجمعة، سيسمح بتخفيض أصول أفغانستان المملوكة للولايات المتحدة والتي تبلغ قيمتها 7 مليارات دولار، والتي تم تجميدها عند وصول طالبان إلى السلطة، إلى النصف.
وسيذهب نصف هذا المال إلى ما سينتج عنه قرار محكمة أمريكية بشأن دعوى قضائية تقدمت بها عائلات الضحايا ضد طالبان، حيث أقنع محامو العائلات القاضي بربط القضية بالأموال الأفغانية المجمدة. أما الجزء الثاني فسيتم استخدامه، لو وافقت المحاكم، للأغراض الإنسانية.
وتقول إدارة بايدن إن هذا القرار قد يساعد في إيصال المساعدة لأفغانستان بشكل أسرع، دون الحاجة إلى انتظار نتيجة القضايا، إذ يمكن للحكومة أن ترفع دعاوى قضائية لتقول ما تعتقد أنه في المصلحة الوطنية، لكنها قررت أنها لن تعترض على أي قرار بمنح نصف الأموال للأسر.
ورغم تمتع أرصدة المصرف المركزي بالحصانة الدبلوماسية، إلا أن الإدارة تستطيع التصرف "بناء على موافقة حكومة أفغانية معترف بها"، مما يطرح أسئلة حول من يحق له القيام بهذا حاليا.
وتعلق الصحيفة أنه مهما كانت المبررات القانونية، فالحالة الأخلاقية واضحة: يجب عدم لوم الأفغان على هجمات 11 أيلول/ سبتمبر، مع أنهم دفعوا ثمنها عدة مرات. فيما تعتبر بعض العائلات الثكلى أن هذا خيانة.
ودمرت الهجمات في 2001 حياة آلاف من العائلات الأمريكية والجرحى الذين يحتاج الكثير منهم لدفع فاتورة العلاج الطبي، فيما تم توزيع 7 مليارات دولار عليهم، وهناك 10 مليارات دولار في طور الدفع.
وهذا يتناقض بشكل صارخ مع أفغانستان، حيث نادرا ما تقدم الولايات المتحدة تعويضات أو مدفوعات "تعزية" لوفيات المدنيين، فيما كان الأقارب يتلقون عادة مبلغا صغيرا لا يتجاوز أربعة أرقام، بحسب الصحيفة.
وقالت الصحيفة إنه لا يمكن للإدارة أن تدعي المكانة الأخلاقية العالية لأنها تقترح استخدام بعض الأموال للمساعدة. على الرغم من أن معظمها جاء في الأصل من مانحين دوليين، بما في ذلك الولايات المتحدة، إلا أنه لم يعد من حقهم الإنفاق، وبعضها يمثل المدخرات الشخصية للأفغان.
اقرأ أيضا: اجتماع للتعاون الخليجي مع طالبان بالدوحة.. ووفد للحركة بلندن
على أي حال، فإن الإغاثة الإنسانية ليست بديلا عن اقتصاد فاعل، وإن كان متعثرا. ولا يقتصر الأمر على مجرد إثارة احتمالية دفع الأفغان الجوعى رواتب عمال الإغاثة الغربيين، وإمكانية حدوث طوفان من المساعدات الغذائية يتسبب في مزيد من الأضرار طويلة الأجل من خلال شل الزراعة.
وكانت الأمم المتحدة قد حذرت بالفعل من أن النظام المالي يمكن أن ينهار في غضون أشهر؛ قد يكون الاستيلاء على أصول البنك المركزي بمثابة القشة الأخيرة. صحيح أن هذه الأموال وحدها لا تستطيع حل المشاكل الأساسية لأفغانستان - لكن هناك حاجة ماسة إليها لدرء بعض أسوأ العواقب.
وعمل الخبراء الأفغان وغيرهم على حلول خيالية لاستعادة السيولة دون التنازل ببساطة عن السيطرة على الأصول لطالبان. لا تكمن المشكلة في الافتقار إلى الوسائل، بل في الإرادة: فالإغاثة هي عملية بيع سياسي أسهل في الولايات المتحدة، والتي يُعتقد أيضًا أنها منعت الدول الأخرى من إلغاء تجميد الأموال. لا أحد يريد مساعدة طالبان، ضحاياها الرئيسيون الأفغان. لكن لا ينبغي لأحد أن يدعي أن خطة الإدارة تصب في مصلحة الشعب الأفغاني.