مصر تدعم الخزانة الأمريكية بـ2.5 مليار دولار (حوالي 40 مليار جنيه)، وذلك لتشغيل المصانع الأمريكية عبر صفقة
أسلحة جديدة..
فلنفكّر معا، حين تكون مصر مدينة بـ138 مليار دولار ديون خارجية (تقرير رسمي من البنك المركزي 2021)، وخدمة هذه الديون تمثل 40 في المائة من الموازنة العامة للدولة. وبلغ حجم الديون الداخلية 4.5 تريليونات جنيه، نعم بالتريليون، والرقم منذ أيلول/ سبتمبر 2020، يعني بالتأكيد زاد الآن، بما يمثل 75 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي، وهناك تصريحات رسمية من وزير المالية بالتوجه لبيع هذه الديون لمؤسسات مقاصة أوروبية، ورغم تأجيل التنفيذ، لكنه لا يزال قائما، ما يعني رهنا للمؤسسات الاقتصادية الكبرى للدولة المصرية.. يعني ما يشبه الاحتلال الاقتصادي، يضاف إلى ذلك أزمة السيولة النقدية لدى البنوك وتقييد حجم السحب النقدي لأرصدة المواطنين من حساباتهم..
إذا كيف للحكومة في ظل هذا الوضع الاقتصادي الصعب، وفقا للأرقام الرسمية، أن تدفع 40 مليار جنيه لشراء أسلحة لسنا في حاجة ماسة إليها، لا سيما في ظل
صفقات أسلحة عديدة بالمليارات أيضا خلال السنوات القليلة الماضية، من فرنسا وروسيا وإيطاليا وبريطانيا وأمريكا أيضا؟
والسؤال: علاقتنا مع عدونا التاريخي دافئة، بل هناك تنسيق عسكري، والاتجاه العام أنه لا حرب مع إثيوبيا، وحتى لو كانت هناك حرب فمواجهة إثيوبيا لا تحتاج لكل هذه الترسانة من الأسلحة، فالميزان العسكري قبل هذه الصفقة يميل بشدة جدا جدا لصالح مصر.. فما هو الداعي الملحّ لنأخذ من الخزينة المصرية المدينة ومن الشعب الفقير (أوي أوي)، الذي تحاسبه الحكومة بالخردلة وتذله بمخصصات بطاقة تموينية أقل من ثلاثة دولارات شهريا، وتجلد ظهره بالرسوم ورفع الأسعار؟..
أين الأولويات للحكومة؟.. أيهما أولى.. صفقة أسلحة في ظل غير تهديد خارجي.. أم مشروعات زراعية وصناعية وتكنولوجية ذات عائد إنتاجي، وإصلاح الصحة والتعليم؟.. هذه الصفقة ذات الـ40 مليار جنيه ستدفع الحكومة حتما لطلب مزيد من الديون الخارجية (وأحدثها منذ أيام قليلة دين جديد بمليار دولار من كوريا الجنوبية)، لنسدد الدين بدين جديد في ما يعرف اقتصاديا بآلية "تدوير الديون".. أو باللهجة المصرية الدارجة "يلبّس ده طاقية ده".. ألا من وقفة راشدة و"فرملة" لعجلة الديون وصفقات الأسلحة، وتشغيل لعجلة الإنتاج؟!