مدونات

مصلحة!

رأفت حامد- عضو برلمان الثورة مصر
رأفت حامد- عضو برلمان الثورة مصر


مصلحة.. كلمة يعرفها كل المصريين. منذ بداية السبعينات كان يستخدمها العاملين في السكة الحديد المصرية، أيضا يستخدمها العاملون في هيئة النقل العام لإثبات أنهم زملاء كي لا يدفعوا ثمن التذكرة وهو حق أصيل، لهم لكن تكاسلا من العاملين حتى لا يقوموا بإخراج الورقة (الابونيه) الدالة على ذلك.

ثم تطورت الكلمة بعد ذلك لتدل على الزمالة في المهنة أيا كانت، ثم تطورت أكثر لتدل على أن صاحب المصلحة قناص ومن الممكن أن يقتنص حقا ليس له، ومن الممكن أن يتحايل حتى يقتنص المصلحة - فهى كلمة سيئة السمعة - حتى وصل الأمر إلى أننا عرفنا حسن مصلحة وميمو المصلحجي وريعو مصالح.

وسرعان ما انتقلت إلى عالم السياسية، وأصبح رجال الحزب الوطني الديمقراطي (حزب مبارك) مصلحجية وموصومين بذلك بالإجماع ويفاخرون بذلك، بل يقولون إنهم يقتنصون المصلحة من فم الأسد، ثم بحث عموم المصريين عن مصلحتهم الشخصية في ثورة يناير فاقتنصوها من أيادي لصوص البلد.

والآن أغلب السياسيين بل قل المسئولين وخاصة في الوطن العربي يرون أن هناك فرقا بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة وقتا ما. ومن الممكن أن يقول المسئول عكس هذه المقولة تماما في وقت آخر وفقا لمصلحته أو على حسن الظن وفقا لما يراه، أو إذا كان مسئولا ومستفيدا حتى ولو بالوجاهة فقط قدم المصلحة العامة قولا فقط ولتذهب مصلحة الشعب إلى الجحيم. أما إذا كان فردا عاديا فمن الطبيعي جدا أن يبحث عما يفيده أولا ولا يضر الآخرين، ومن الخطأ ألا يفكر في المصلحة العامة.

لكن تكمن المشكلة هنا في أن السياسي أو قل المسئول، والعربي خاصة، يتهم عموم الرعية بالتقصير:

انت مش فاهم..
انت مش دارس..
انت ناقصك معلومات..
انت بتبص تحت رجليك..
انت بتتكلم عن مشكلة شخصية..
انت مش شايف الا نفسك..
انت غير ملم بالموضوع..

أما المسئول فهو الأمين الشريف العالم الفاهم المطلع..
الدارس..
الذكي الألمعي..
المدقق..
الملم بكافة الموضوعات والتفصيلات..

المصلحة إن لم تكن هي مصلحة عموم الشعب رئيسا ومرؤسين، حكومة وشعبا ووطنا ودعوة.. فلتسقط المصلحة.. ويقينا سيسقط الوطن بعدها ثم الدعوة. لماذا؟ لأن أغلب إجابات المسئولين على الاستفسارات هي:

ليس في الإمكان أحسن مما كان..
بذلنا قصارى جهدنا..
الأيام القادمة ستشهد كذا وكذا وكذا..
المسئولين لا ينامون ليلا أو نهارا..

هناك مئات الأفكار ونستخلص منها!

ولا أُبرئ من ذلك تيارا بعينه، الجميع أصابتهم لعنة المصلحة مع تنوعها. النتيجة الآنية صفر والفائتة صفر والقادمة يقينا صفر.

أين المصلحة؟ وما معنى كلمة مصلحة؟ وهل مصالح الشعب تختلف عن مصلحة الوطن؟

إن أردت فقل هي أمور سفسطة.

وللحديث بقية..

 

* برلماني مصري (برلمان الثورة)، ومسئول الطاقة في اللجنة الاستشارية الرئاسية

التعليقات (0)