هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
انقضى الأجل المحدد لإجراء الانتخابات العامة في ليبيا، وفي انتظار الإعلان عن موعد جديد والذي من المتوقع إقراره في جلسة مجلس النواب المرتقبة الأيام القليلة المقبلة.
الموعد الجديد للانتخابات لن يكون محل خلاف كبير، وربما سيكون من الضرورة التعجيل به لتهدئة الرأي العام والمساهمة في التخفيف من حالة التوتر التي تسود الوضع والذي قد يتطور إلى نزاع قد يأخذ أوجها عدة منها المواجهات المسلحة.
التحدي، كما هو معلوم، يكمن في إعادة النظر في القوانين والإجراءات التي قامت عليها الانتخابات، واحتواء خلاف محتمل جدا حول رئاسة حكومة الوحدة الوطنية، فالمعارضون للانتخابات بالشكل الذي تأسست عليه يطالبون بمعالجة أسباب الخلل الرئيسية وهي قانوني انتخاب الرئيس وانتخاب البرلمان. والسؤال هنا: إلى أي مدى سيقبل المؤثرون في مجلس النواب، والذين تعمدوا تصميم القوانين على الشكل الذي ظهرت عليه، بمطالب خصومهم، وأين تقف مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفاني ويليامز، ومعها الأطراف الدولية الفاعلة، من هذه المطالب؟
قد يكون من المبكر الإجابة الكاملة عن هذين السؤالين، مع التنويه إلى تأثير ستيفاني على الفاعلين في المشهد، بمعنى أن الأمر يعتمد نسبيا على رؤية مستشارة الأمين العام، وهناك عامل لا يمكن إهماله وهو عدم رغبة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الأوربيين ترشح سيف الإسلام، ما يعني أن تعديلا في القوانين من المحتمل جدا أن يقع.
المهم والجديد في هذا الخضم هو التحول في الخارطة السياسية ومواقف ومواقع الأطراف النافذة والتي تشهد اليوم تغييرا جذريا، ولا أدل على ذلك من إعلان المشري تواصله مع عقيلة صالح، وقدوم فتحي باشاغا إلى بنغازي ولقائه مع خليفة حفتر.
الشعار المرفوع لتبرير التغيير في مواقف تلك الأطراف هو تحقيق المصلحة العام، وقد يكون من التعسف الحكم بأن جميع تلك الأطراف تفتقر إلى الحس الوطني، إلا أن النوازع الشخصية للتعزيز نفوذها وتعلية مكانتها في دوائر السلطة حاضر ومؤثر.
من المحتمل أن يتبلور مساران في التفاوض قد يتطورا إلى تكتلين يمكن أن يصطفا في مواجهة بعضهما البعض خلال معركة إعادة ترتيب الانتخابات، وهما تكتل خالد المشري عقيلة صالح، وتكتل حفتر باشاغا، ومؤشر ذلك هو قرب لقاء المشري بعقيلة صالح، والتقاء حفتر وباشاغا، ولغياب عقيلة صالح عن لقاء مرشحي الرئاسة في بنغازي دلالة واضحة في هذا الصدد.
المعطى الجديد هو ظهور سيف الإسلام على الساحة السياسية وترشحه للإنتخابات الرئاسية ومسعاه فرض نفسه طرفا في معادلة النفوذ من خلال التغلغل في الجنوب وجعله حكرا عليه وعلى أنصاره، فقد أثار هذا المعطى قلقا في الشرق والغرب، ويمكن القول إنه أسهم في التقارب الذي وقع بين حفتر وباشاغا، وبرغم ردة الفعل القوية في الغرب الليبي ضد براغماتية باشاغا الذي صرح أثناء العدوان على طرابلس بأن الاستقرار ووجود حفتر في المشهد نقيضان لا يمكن أن يلتقيا، وإذا به ودون مقدمات يحل ضيفا على حفتر ويضع يده في يده، إلا أنه يمكن أن يوظف القلق من ظهور سيف على الساحة في تهدئة الهجمة ضده وتوسيع قاعدة أنصاره في تقاربه مع حفتر.
من المحتمل أن يتبلور مساران في التفاوض قد يتطورا إلى تكتلين يمكن أن يصطفا في مواجهة بعضهما البعض خلال معركة إعادة ترتيب الانتخابات، وهما تكتل خالد المشري عقيلة صالح، وتكتل حفتر باشاغا، ومؤشر ذلك هو قرب لقاء المشري بعقيلة صالح، والتقاء حفتر وباشاغا، ولغياب عقيلة صالح عن لقاء مرشحي الرئاسة في بنغازي دلالة واضحة في هذا الصدد.
يظل العامل الخارجي هو المحدد الرئيس لتوجيه الأحداث والتأثير على مواقف الأطراف المحلية، فلا يمكن فصل لقاء باشاغا وحفتر عن التقارب التركي ـ المصري ـ الإماراتي، ومن المحتمل أن يلقى هذا التقارب ترحيب الأطراف الدولية الغربية التي تحتاج إلى توحيد الموقف الليبي في مجابهة الوجود الروسي في البلاد.
أيضا هناك ما يؤشر على احتمال استخدام روسيا سيف القذافي والنظام السابق كورقة في تدافعها مع الولايات المتحدة وحلفائها، وسيكون من غير المنطق وفق القراءة التحليلية لخطط واستراتيجيات الروس القول يإمكان تفريط موسكو في ورقة النظام السابق، إلا أن رهانها سيتوقف على اتجاه الخلاف بين موسكو والعواصم الغربية في مناطق التوتر الكبيرة في البحر الأسود وحول الملف الإيراني والأفغاني وغيرها من الملفات محل النزاع بينها.