تم الإعلان عن زيادة إنتاج
النفط في
ليبيا ليتجاوز 1.3 مليون برميل، بعد أن انحدر مستوى الإنتاج لمستويات متدنية جدا
منذ العام 2017م، العام الذي شهد إغلاق الحقول والموانئ لنحو 3 سنوات، فتأثرت
الطاقة الإنتاجية، ولم يتجاوز مستوى الإنتاج، في أحسن الحالات، 1.2 مليون برميل
إلا قليلا.
ما أثار
الجدل حول سقف الإنتاج وآداء
المؤسسة هو إخفاق إدارة المؤسسة فيما وعدت به ضمن خطتها الثلاثية 2022 ـ 2025م،
والتي كان من المفترض أن يقفز الإنتاج خلالها إلى مستوى يتعدى 2 مليون برميل، هذا
حسب أقل التقديرات.
وقبل الخوض في ما اعتبره عديد الخبراء هوة
بين ما أنفق على الاستراتيجية ومستوى الإنتاج الحالي، ينبغي التنبيه إلى مسائل
مهمة هي:
ـ برغم حديث المؤسسة عن الشفافية إلا أنها
لم تعلن عن مضامين استراتيجيتها 2022 ـ 2025م، الأهداف والمشروعات..ألخ، ولن يجد
الباحث ما يشفي غليله فيما يتعلق بأبسط البيانات التي ينبغي أن تحتويها استراتيجية
لمؤسسة كبيرة كالمؤسسة الوطنية للنفط.
ـ هناك تضارب في تصريحات المؤسسة بخصوص أهداف الخطة، وقد تكرر على لسان رئيس مجلس إدارة المؤسسة أرقام مختلفة تتعلق
بالهدف النهائي للاستراتيجية، فبعض تصريحاته تحدثت عن السعي للوصول إلى 3 مليون
برميل مع نهاية العام 2022م، كان هذا تصريحا لصالح قناة CBC العام 2022م،
وفي مناسبات أخرى استقر الحديث عن سقف 2 مليون، وبحسب تصريحات حكومية، مر عليها
عدة أشهر، فإن رئيس المؤسسة خلال اجتماع للمجلس الأعلى للطاقة، تعهد بالوصول إلى
مستوى 1.6 مليون برميل العام 2025م، و مستوى 2 مليون برميل خلال 3 سنوات، أي مع
نهاية العام 2027م.
ـ وقع اضطراب في المخصصات الاستثنائية
للمؤسسة، والتي توزعت بين إنفاق تسييري تشغيلي وآخر تنموي تطويري، برغم إدراج
المؤسسة ضمن نفقات الباب الثاني من الميزانيات السنوية للدولة.
الغموض والارتباك فيما يتعلق بأهداف
الاستراتيجية أثار جدلا حول أداء المؤسسة ومردود الإنفاق الاستثنائي الكبير نسبيا
لصالحها خلال الأعوام الثلاثة الماضية.
منذ العام 2022م، وبعد اعتماد حكومة الوحدة
الوطنية مخصصات استثنائية للمؤسسة، تم تسييل نحو 60 مليار دينار ليبي، نحو 50%
منها اتجهت لتطوير البنية التحتية للقطاع والتي تشمل صيانة أبار وخطوط الانابيب
وحفر أبار جديدة، غيرها من المشروعات التي تدخل ضمن معالجة المختنقات الفنية. هذا
عدا الاستثمارات الخارجية من شركات كبيرة كشركة أيني وشركة بي بي وغيرها، والتي
تقدر بنحو 6 مليار دولار، كلها لصالح مشروعات إنتاج نفط وغاز.
ما تم عرضه ببساطة هو أن المؤسسة، ومن خلفها الحكومة، لم تف بعهودها في رفع إنتاج النفط إلى 2 مليون برميل مع نهاية العام الحالي، وذلك وفق مستهدفات استراتيجية 2022-2025م، وعلى الحكومة والمؤسسة أن يستدركا على هذا الإخفاق من خلال توضيح مسار الاستراتيجية وأسباب تعثرها وخطة معالجة الاختلالات مع تحديد أهداف واقعية وتقديرات للإنفاق المطلوب لأجل تحقيق تلك الغايات.
مصادر مطلعة ذكرت أن المؤسسة تطالب الحكومة
والمصرف المركزي بتسييل 30 مليار دينار لصالح استراتيجية التطوير العام 2025م،
وهنا يمكن أثارة سؤالين جوهريين هما:
ـ ما هي تقديرات الإنفاق الإجمالي على
استراتيجية المؤسسة، وكيف تم احتسابها؟
ـ ما هي حصيلة الانفاق الاستثنائي الكبير
نسبة إلى حجم الإنفاق العام؟
بعض كوادر قطاع النفط من مهندسين وغيرهم
ذكروا أن قطاع النفط في ليبيا يعاني من إشكاليات مستعصية وبالتالي فإنه يحتاج إلى
إنفاق كبير لمعالجة تلك الإشكاليات، وهذا كلام مقبول ويمكن أخذه في الاعتبار، إلا
إن مشكلة المؤسسة الوطنية، ومن خلفها الحكومة، أنهما لم يبينا للرأي العام مبررات
هذا الإنفاق الكبير، ولم يوضحا لماذا لم يظهر أثر ملموس له في شكل تغير إيجابي
ملحوظ في مستويات إنتاج النفط، ذلك أن أراء عديد المراقبين لا تقبل أن يكون مردود
أكثر من 60 مليار دينار هو فقط بضع مئات الآلف من براميل النفط في مدة تقترب من 3
سنوات!!
قد يكون حجم التحديات والعوائق أكبر من
التمويل المخصص للمؤسسة، وربما واجهت المؤسسة إشكاليات لم تكن في الحسبان، كل هذا
محتمل، لكن لماذا لم تفصح المؤسسة والحكومة عن ذلك، ولماذ يظل الغموض هو سيد
الموقف، وأين وعود اعتماد مبادئ الشفافية الإفصاح، واعتبارها من ميزات المؤسسة؟!
محصلة ما تم عرضه ببساطة هو أن المؤسسة، ومن
خلفها الحكومة، لم تف بعهودها في رفع إنتاج النفط إلى 2 مليون برميل مع نهاية
العام الحالي، وذلك وفق مستهدفات استراتيجية 2022-2025م، وعلى الحكومة والمؤسسة أن
يستدركا على هذا الإخفاق من خلال توضيح مسار الاستراتيجية وأسباب تعثرها وخطة
معالجة الاختلالات مع تحديد أهداف واقعية وتقديرات للإنفاق المطلوب لأجل تحقيق
تلك الغايات.