هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أعادت صفقة الحديد الأخيرة في مصر بين أكبر كيانين لصناعة وإنتاج وتصدير الحديد، تسليط الضوء على دور الجيش في المصري إعادة هيكلة قطاع الحديد، أحد أهم الصناعات الثقيلة في البلاد، حيث يساهم بنسبة كبير في إحديهما ويمتلك نشاطا اقتصاديا ضخما في مجال المقاولات والبناء.
وكان قطب صناعة الحديد أحمد عز، أحد رجال النظام المصري السابق قبل ثورة 25 يناير، قد اشترى حصة رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة في شركة حديد المصريين البالغة 18%، بقيمة 2.5 مليار جنيه، بعد أسابيع من التكهنات.
في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، نشرت صحيفة الشروق المصرية (خاصة) خبر استحواذ شركة حديد عز على حصة أبو هشيمة، وهو ما لم تنفه الشركة، ولكن الصحيفة قامت بسحب الخبر وحذفه من موقعها على الإنترنت، دون إبداء السبب.
تمتلك القوات المسلحة المصرية عبر جهاز الخدمة الوطنية 82% من أسهم حديد المصريين وباقي الأسهم مملوكة لأبو هشيمة وشركته؛ ومن ثم يكون عز بديلا للأخير، إيذانا بإعلان أول شراكة بينه وبين القوات المسلحة.
في أيلول/ سبتمبر2012، تأسست شركة حديد المصريين لإدارة مشروعات مصانع الصلب، وفي 2018 استحوذت القوات المسلحة المصرية على 70% من الشركة بعد أن اشترت حصة المستثمر القطري محمد بن سحيم آل ثاني في الشركة، ثم قامت برفع حصتها إلى 82% لصالح جهاز الخدمة الوطنية وتقلصت إلى 18% حصة أحمد أبو هشيمة.
تأثير الصفقة على سوق الحديد
على مستوى السوق، سيتيح شراء مجموعة حديد عز لحصة أبو هشمية وشركة أبو هشيمة لإدارة مشروعات الصلب، مزيدا من سيطرة الشركة على سوق الحديد والصلب في مصر، وفق تقرير بنك استثمار النعيم.
كما سينتج عن تلك الصفقة كيان جديد يستحوذ على حصة سوقية تتراوح بين 50 إلى 55% من سوق حديد التسليح المصري، بنحو 7 مليون طن سنويا، حيث يصل إجمالي إنتاج مصانع الحديد والصلب نحو 14 مليون طن سنويا.
لكن في ظل الخسائر التي تتكبدها شركات الحديد، وقلة الأرباح في أحسن الأحوال؛ بسبب ارتفاع أسعار الطاقة والاشتراطات الجديدة في تراخيص البناء التي قلصت الطلب على الحديد، بحسب تقارير شركات حديد عز، لماذا يغامر في شراء نسبة أبو هشيمة؟ تكمن الإجابة في رغبة القوات المسلحة في الأساس بخدمة المشروعات العقارية التي تنفذها، من خلال تكريس طاقة مصانع حديد المصريين في إنتاج الحديد المسلح وليس المسطح المخصص للتصدير، وفق مصادر تحدثت لموقع "مدى مصر" المستقل.
بحسب بيانات شركة حديد عز، تحولت الشركة في أول 9 أشهر من العام الجاري لتحقيق صافي ربح بقيمة 3.76 مليار جنيه مقابل خسائر 4.1 مليار جنيه في نفس الفترة العام الماضي، حيث كانت الشركة تحقق خسائر متواصلة خلال السنوات الماضية، قبل أن تعود لتحقق أرباحا بداية من الربع الأول من العام الجاري.
تدوير وجوه شركاء الجيش
استبعد الباحث في الاقتصاد السياسي ودراسات الجدوى، مصطفى يوسف، أن يكون هناك علاقة بين استحواذ أحمد عز على حصة أحمد أبوهشيمة والرغبة في السيطرة على أكبر حصة سوقية لصناعة الحديد، قائلا: "الأمر لا يعدو أن يكون تدوير المُلاك، لعدة أسباب تتعلق بطبيعة الرجلين ليس إلا".
وأوضح في حديثه لـ"عربي21": بعد سنوات من تصدر أبوهشيمة المشهد وتراجعه شيئا فشيئا، وتحديدا منذ عام 2018 حيث كانت البداية بشراء حصة حاكمة من قبل الجيش في شركته، ثم انسحابه من المشهد الإعلامي والصحفي، ثم الرياضي، وأخيرا تنحيته من شركته التي أسسها عام 2012".
ورأى يوسف أن "عز أثبت خلال السنوات القليلة الماضية أنه رجل صناعة ومتمرس ويكرس وقته لأعماله، على عكس أبوهشيمة الذي كان ملاصقا للمجال الفني، وتكرار زيجاته من الفنانات ورغبته في الظهور الإعلامي، كلها صفات باتت غير مطلوبة الآن، وتؤكد افتقار النظام الحالي لشخصيات -بغض النظر عن فسادها- وازنة ومحنكة في مجالات متعددة، وليس هناك أفضل من هؤلاء المتمرسين في عهد مبارك".
إدارة ما قبل انهيار الاقتصاد
من جهته؛ أعرب الخبير الاقتصادي والاستراتيجي، علاء السيد، عن اعتقاده "بأن يكون الأمر له علاقة وثيقة بخوض النظام مرحلة جديدة من الاقتصاد تتطلب وجود شخصيات مؤثرة اقتصاديا، دولة العسكر تصورت أنها قادرة على الاعتماد على نفسها وبعض الوجوده من هنا أو هناك، ولكنها أدركت مدى حاجتها في ظل الانحدار الاقتصادي لمساندة هؤلاء وتقريبهم منها للاستفادة منهم بشكل أكبر".
وأضاف لـ"عربي21": وقد ظهر هذا جليا في نتائج إدارة الملف الاقتصادي على وجه الخصوص، خاصة أن النظام قد دخل في مفاوضات صعبة ومطولة مع مجموعة البنك الدولي ومع شركة يوروكلير للمقاصة ببلجيكا، التي فرضت إتاحة الفرصة للقطاع الخاص وتعديل الكثير من الضوابط القانونية والتشريعية والإجراءات الخاصة بتداول الأوراق المالية، بما يسمح بدخول المستثمرين الجدد من الدائنين المتوقعين من الذين سيحملون سندات مصر بالجنيه المصري، التي من المقرر توريق الدين المحلي وتحويله إليها".
ورأى أن تصدير عز في المشهد ضروري؛ "حيث يجب أن يكون المناخ مناسبا لإدارة الأجانب للأصول المصرية التي ستقع بأيديهم بشكل مباشر أو عن طريق وكلاء محليين من رجال الأعمال المحترفين، ومن هنا يمكننا فهم تبديل الوجوه الضعيفة الحالية باستدعاء وجوه أكثر احترافا وقدرة على العمل على مثل هذه الملفات سياسيا واقتصاديا؛ مثل أحمد عز وساويرس وغيرهم".