سياسة عربية

تخوفات من فوضى بسبب رئاسيات ليبيا.. "المشهد ملغّم"

نواب ليبيون طالبوا بجلسة مساءلة لمفوضية الانتخابات- الأناضول
نواب ليبيون طالبوا بجلسة مساءلة لمفوضية الانتخابات- الأناضول

طالب عدد من أعضاء مجلس النواب الليبي رئاسة المجلس بعقد جلسة اليوم الاثنين، لمساءلة رئيس المفوضية العليا للانتخابات والمشرفين على العملية الأمنية والقضائية، وسط شكوك في إمكانية تنظيم انتخابات الرئاسة في موعدها المحدد نهاية الشهر الجاري.

 

ووقع 72 نائبا برلمانيا أغلبهم من الداعمين لحفتر، على لائحة تطالب باجتماع مجلس النواب، الاثنين، وحذروا "المفوضية العليا للانتخابات من إعلان قائمة المرشحين النهائية، إلى حين انتهاء جلسة المساءلة ليتسنى لمجلس النواب تقويم الوضع وسبل إنقاذ العملية الانتخابية في موعدها".

 

ويشتبه في أن يحاول النواب الموالون لحفتر، الضغط على مفوضية الانتخابات والمجلس الأعلى للقضاء، لاستبعاد كل من سيف الإسلام والدبيبة، بحسب وكالة الأناضول.


والاثنين، من المقرر أن يشهد إعلان المفوضية العليا للانتخابات القائمة النهائية للمرشحين الذين سيدخلون رسميا السباق الرئاسي.

وبمجرد إعلان قائمة المرشحين، فإن من المرتقب أن تنطلق حملة انتخابية غير تقليدية، بسبب العوائق الأمنية، التي تحول دون قدرتهم على التحرك بحُرية في مدن الأقاليم الثلاثة (طرابلس، برقة وفزان).

نجاه الدبيبة وحفتر

حسم الدبيبة و سيف الإسلام القذافي وخليفة حفتر، بشكل رسمي، تأشيرة المرور إلى خط انطلاق الحملة الانتخابية.

 

اقرأ أيضا: محكمة ترفض طعن مفوضية الانتخابات باستبعاد سيف القذافي

فالدبيبة، الذي قبلت مفوضية الانتخابات ملف ترشحه، تقدمت عدة شخصيات بطعون على ملف ترشحه، تتضمن اتهامه بعدم تقديم استقالته من منصبه قبل 3 أشهر من موعد الانتخابات، وتعهده السابق بعدم الترشح للانتخابات، فضلا عن عدم اعترافه بسحب مجلس النواب الثقة من حكومته.

وإن قبلت المحكمة الابتدائية في طرابلس الطعون المقدمة في حق الدبيبة، فإن استئناف الأخير للحكم أعاده مجددا إلى السباق الرئاسي رسميا.

 

وقررت محكمة الاستئناف في طرابلس، إلغاء حكما قضائيا لمحكمة الزاوية الابتدائية باستبعاد حفتر من السباق الرئاسي.
 
وكان حفتر قد تجاهل حكم المحكمة الابتدائية، خاصة أن محكمة بنغازي (شرقا) سبق أن رفضت عدة طعون لاستبعاده من الترشح.

واعتبر النائب الموالي لحفتر، جبريل أوحيدة أن الحكم لا يعتد به لأن محكمة الزاوية غير ذات اختصاص.

في حين أوضح المتخصص في القانون الدولي حمزة علي، في تصريح لقناة ليبيا الأحرار، أن "الاختصاص ينعقد للجنة الطعون في مدينة الزاوية، لأن الطعن ليس موجها ضد أي مترشح بعينه، وإنما ضد المفوضية العليا للانتخاب، لأنها من اتخذ القرار بتسجيل المرشحين".

ولفت إلى أن مفوضية الانتخابات "جهة عامة، وبحسب قوانين الاختصاص فإن الجهات العامة يكون موطنها أي مكان في ليبيا توجد فيه".

الرئاسيات قد تقلب معادلة التحالفات

يذكر أن مشاركة سيف الإسلام القذافي في الانتخابات من شأنها أن تعيد رسم خارطة التحالفات الليبية ويقلبها رأسا على عقب.

فالقذافي الابن تُرشحه عدة استطلاعات رأي، يصعب الاستوثاق منها، بأن يكون لاعبا رئيسيا في الانتخابات المقبلة، ما قد يدفع حفتر إلى التحالف مع أحد مرشحي المنطقة الغربية على غرار الدبيبة أو فتحي باشاغا، إذا صعد أحدهما إلى الدور الثاني في مواجهة القذافي الابن.

 

اقرأ أيضا: نواب ليبيون يطالبون بجلسة مساءلة لمفوضية الانتخابات

فمنذ 2014، تحالف أنصار القذافي مع حفتر، وانخرطت بقايا الكتائب الأمنية للنظام السابق ضمن مليشيات حفتر، وقاتلت إلى جانبه في معركة طرابلس وقبلها في القواعد الجوية ببراك الشاطئ والجفرة وتمنهنت بالجنوب.

لكن ترشح سيف الإسلام للانتخابات الرئاسية ومحاولة حفتر قطع الطريق عليه، ومنعه من الطعن في قرار استبعاده من السباق الرئاسي، أحدث شرخا بين الطرفين يصعب جبره.

لذلك فإنه إذا تمكن كل من حفتر وسيف الإسلام من تجاوز مرحلة الطعون، وصعد الأخير إلى الدور الثاني من الرئاسيات فقد نشهد تحالفات غريبة وغير منطقية، على غرار ترشح باشاغا، مع عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب المتحالف مع حفتر في قائمة واحدة، خلال انتخابات أعضاء المجلس الرئاسي ورئيس حكومة الوحدة على مستوى ملتقى الحوار.

إلا أن هناك من يرفض تماما تقبل فكرة وصول القذافي الابن أو حفتر إلى كرسي الرئاسة بعد كل تلك الجرائم التي ارتكباها، ولو عبر صناديق الاقتراع.

غير أن المعسكر الرافض لحفتر مقسم على عدد كبير من المرشحين، فمصراتة، التي تعتبر ثالث أكبر مدينة في ليبيا من حيث عدد السكان، خرج منها ثلاثة مرشحين كبار؛ الدبيبة وباشاغا وأحمد معيتيق نائب رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق..

في حين أن طرفا آخر بقيادة خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة (نيابي استشاري)، يدعو إلى مقاطعة الانتخابات، نظرا لعدم إجرائها على أسس صحيحة، ويطالب بإجراء الانتخابات البرلمانية أولا، ثم الاستفتاء على الدستور، وأخيرا تنظيم الانتخابات الرئاسية، وهو ما ترفضه رئاسة مجلس النواب.

 

تخوفات من تأزيم المشهد الليبي

 

ويحذر مراقبون من الفوضى، على ضوء تعمق الأزمة بين المكونات السياسية الليبية، إثر الخلاف الحاد على القوانين التي تنظم الانتخابات، والتي سمحت بتسلل شخصيات جدلية للسباق الرئاسي، كسيف الإسلام القذافي، واللواء المتقاعد خليفة حفتر، وغيرهما.

ويرى مراقبون أن عدم إجراء الانتخابات على أرضية من التوافق بين الفرقاء الليبيين، يعني أن المشهد القادم يشي بمزيد من التأزيم، وسيجعل من الصعب التسليم بنتائج الانتخابات من قبل أطراف الأزمة.

وذهب البعض للاستشهاد بتجربة العراق في الانتخابات الأخيرة، والأزمة الحالية التي تحول دون تشكيل حكومة تقود البلاد، على ضوء رفض اعتراف قوى سياسية بنتائج الانتخابات تحت ذريعة التزوير.

وترفض مكونات عسكرية وسياسية إجراء الانتخابات بشكلها الحالي، مطالبين بالاستفتاء على الدستور أولا قبل الذهاب إلى الاستحقاق، وبتعديل القوانين التي تنظم العملية، مؤكدين أنها "معيبة".

 

اقرأ أيضا: هل تدفع الانتخابات الرئاسية نحو مزيد من التأزيم في ليبيا؟

آخر هؤلاء الرافضين كانت كتائب وثوار مصراتة، الذين عبروا في بيان لهم عن رفضهم إجراء الانتخابات قبل الاستفتاء على الدستور، مؤكدين أن الانتخابات بشكلها الحالي تتنافى مع ما جاءت به ثورة فبراير.


النائب الثاني لرئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي، عمر عبد العزيز بوشاح، كشف في مقابلة مع "عربي21"، عن سعي المجلس لطرح مبادرة سياسية بهدف حل الأزمة الدستورية، متهما قوى خارجية بالتحكم في مشهد الانتخابات، ومشككا في نزاهة العملية الانتخابية برمتها.  

الانسداد السياسي

وأكد بوشاح أن "المشهد الانتخابي في ليبيا يمر بعقبات كبيرة، ويسير على طرق مُلغّمة، وذلك لأنه لم يُبْنَ على أساس دستوري وقانوني صحيح، ولم يُراعَ فيه الحد الأدنى من التوافق والشراكة السياسية، وتم التفرّد باتخاذ كافة الإجراءات والقوانين بالمخالفة للاتفاق السياسي والإعلان الدستوري وخارطة الطريق، وحتى اللائحة الداخلية لمجلس النواب".

وتابع: "نحن نعتقد أن المسار الانتخابي يتجه نحو الانسداد السياسي، لهذا فإننا نعمل مع شركائنا في الوطن على إعداد تلك المبادرة لمعالجة هذا الانسداد، ولوضع أساسات صحيحة ودستورية يمكن البناء عليها".

بدوره، يرى الكاتب والمحلل السياسي، السنوسي بسيكري، أن "القفز إلى الانتخابات كان أشبه بحركة بهلوانية تجاوزت الواقع المرير، وتجاهلت متطلبات احتوائه، وبالتالي فإنها لن تصل بالبلاد إلى الاستقرار المنشود، بل ستدلف بها إلى مرحلة جديدة من التأزيم أشد تعقيدا".

ولفت إلى أن "الانحراف في العملية الانتخابية بدأ بوضع القوانين التي خالفت الإعلان الدستوري والاتفاق السياسي، قائلا، إن "انحراف التشريع يقود إلى انحراف في التنفيذ، ما قد يؤدي إلى ارتباك في إدارة العملية الانتخابية قد لا يكون من قبيل المبالغة وصفه بالفوضى".

التعليقات (0)