هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثار انقلاب التحقيقات في قضية الصيدلانية المصرية الشابة إيزيس مصطفى محمد، جدلا واسعا، بعد تحويلها من شاكية إلى متهمة بالإرهاب، وسط تكتم يكتنف سير القضية، التي انتقلت من النيابة العامة إلى نيابة أمن الدولة العليا.
وأدانت ثلاث منظمات حقوقية الحبس التعسفي للصيدلانية إيزيس، وتحويلها من ضحية إلى متهمة، بحسب بيان مشترك نشر قبل يومين، وهي: بلادي جزيرة الإنسانية، مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، مؤسسة المرأة الجديدة، مبادرة سوبر وومن .
وطالبت المنظمات الثلاث بإخلاء سبيل إيزيس فورا، دون قيد أو شرط، وإسقاط كل التّهم الموجهة إليها، والتعامل معها وفقاً لوضعها القانوني كضحية عنف لا كمتهمة، مع وجوب تقديم الدعم المناسب؛ ضمانًا لحقها.
— بلادي جزيرة الإنسانية “Belady” (@Belady_IH) October 19, 2021
ما قصة "إيزيس"؟
إيزيس مصطفى محمد أحمد هي صيدلانية، تبلغ من العمر 27 عاماً، وتعمل بالوحدة الصحية الخاصة بقرية كفر عطا الله سلامة التابعة لمحافظة الشرقية (دلتا مصر)، وأعلنت عن تعرضها لاعتداء بدني من زملائها في العمل؛ بسبب عدم ارتدائها الحجاب، بحسب شكواها.
تقدمت الصيدلانية بشكوى للنيابة الإدارية ضد مديرة الدفتر، بسبب تعرضها للتنمر والاضطهاد في مكان عملها، وفي اليوم التالي تعرضت للضرب، وقامت زميلة لها بتصوير الواقعة، التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي.
وقالت والدتها في تصريحات صحفية لموقع مدى مصر (مستقل): حررت إيزيس محضرا في مركز شرطة الزقازيق، متهمة أربعة من زملائها الإداريين في العمل بالتّعدي عليها بالضرب والتّحرش، والذين قاموا بدورهم بتحرير محضر ضدها، واتهموها بالاعتداء عليهم، رغم وجود تقرير طبي لديها يفيد بإصابتها.
احتجزت الصيدلانية والمتهمون بالاعتداء والتحرش في قسم ثان الزقازيق لمدة يومين، ثم عرضوا جميعا على النيابة، التي قررت إخلاء سبيل الجميع، والتقى محافظ الشرقية ووكيل وزارة الصحة في المحافظة ونقيب الصيادلة بإيزيس، ووعدوها بالتحقيق بالأمر، قبل أن تتخذ القضية منحى معاكسا تماما.
وكشفت والدة إيزيس أن ابنتها أبلغتها خلال اتصال هاتفي في 16 تشرين الأول/ أكتوبر، أن رجلين بزي مدني طلبا منها مرافقتهما، دون أي تفاصيل، بوصول اﻷم إلى صيدلية ابنتها، كان الرجلان اصطحبا ابنتها بالقوة بالفعل إلى جهة غير معلومة، لا تعلم عنها شيئا لمدة يومين، قبل أن تفاجأ بظهورها أمام نيابة أمن الدولة العليا، الاثنين الماضي، واتهامها "بالانضمام لجماعة إرهابية، ونشر أخبار كاذبة"، وقررت حبسها 15 يومًا على ذمة القضية.
أخطر ما في تصريحات والدة الصيدلانية، بحسب حقوقيين ونشطاء، أن الموظفة المتهمة الرئيسية بالاعتداء هددت ابنتها بأن لديها "واسطة هتوديها في داهية"، ما يزيد من غموض ملابسات تحول القضية وانقلابها دون تفسير.
لا أحد في أمان بمصر
استهجنت الناشطة النسوية والمتحدثة باسم حزب أمل مصر تحت التأسيس، نانسي كمال، التعامل مع المواطنين وشكواهم بعقلية أمنية ترهيبية، وقالت: "ما جرى مع الصيدلانية يؤكد أنه لا أحد في أمان في مصر، وإلا ما معنى تحويلها من ضحية إلى متهمة "بالإرهاب"، وتحول القضية من النيابة الإدارية إلى نيابة أمن الدولة العليا".
وأعربت في تصريحات لـ"عربي21"عن مخاوفها "من أن يكون سبب هذا التحول في القضية هو نفوذ المعتدية، وما تملكه من "وساطة" في جهاز أمن الدولة، لتقلب الحقائق والتحقيقات رأسا على عقب، بحسب ما صرحت والدتها".
وأكدت أن "هذا الحادث ليس بجديد، فلا حقوق للمواطنة لأي مواطن في مصر أمام جهاز أمن الدولة، لا حقوق للضعيف أمام القوي، لا حقوق للمسالمين أمام المستأسدين، لا حقوق للشاكين أمام المعتدين، لا سلطة حتى للنيابة العامة والمحافظ ووزارة الصحة أمام جهاز الأمن الوطني ونيابة أمن الدولة العليا".
وسخرت كمال من طبيعة التهم الموجهة للصيدلانية: "هل أصبحت جميع التهم للشعب المصري واحدة لا تتغير سواء، وهي الانضمام لجماعة إرهابية، ونشر أخبار كاذبة، للأسف فقد الشعب المصري إحساسه بالمواطنة تماما".
تلاعب بحقوق الإنسان
من جهته، قال المدير التنفيذي للشبكة المصرية لحقوق الإنسان أحمد العطار: "المتابع للملف الحقوقي المصري سيجد تحقيق نيابة الدولة العليا مع الصيدلانية إيزيس مصطفى، واتهامها بالانضمام إلى جماعة إرهابية، ونشر أخبار كاذبة، هي نتيجة طبيعية لغياب العدالة، وانعدام تطبيق القانون، وتلاعب البعض به لصالح الآخرين".
وأضاف لـ"عربي21": "التحقيق مع إيزيس كمتهمة بعدما تم التحقيق معها كمجني عليها، واستقبال قيادات محافظة الشرقية ومسؤولي وزارة بها، هو دليل واضح على انعدام المنطق والعقل في دولة يحكمها نظام بوليسي".
وتساءل العطار: "كيف لمجني عليها وتم الاعتداء عليها بالضرب والتحرش بها يتم اتهامها ببلاغ كيدي من قبل أحد المحامين، وإحالة البلاغ إلى نيابة أمن الدولة العليا، والتحقيق معها، وحبسها 15 يوما، وترحيلها إلى سجن القناطر للسيدات، وإلغاء دور النيابة المنوط بها التحقيق في الأمر".