هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا للصحافيين بن هبارد وهويدا سعد، ترجمته "عربي21"، قالا فيه إن حزب الله المتشدد قال إنه قام بنقل أكثر من مليون غالون من وقود الديزل الإيراني إلى لبنان من سوريا الخميس، احتفالا بهذه الخطوة كوسيلة لإغاظة أمريكا مع تقديم المساعدات التي تشتد الحاجة إليها في بلد يعاني من الشلل تقريبا بسبب نقص الوقود.
ومع تعرض لبنان لواحد من أسوأ الانهيارات الاقتصادية في التاريخ الحديث، فقد صور حزب الله نفسه على أنه المنقذ الوطني، وتدخل حين فشلت الحكومة اللبنانية وداعموها الغربيون.
واصطف أنصار حزب الله على الطرقات في شمال شرق لبنان مع وصول عشرات الشاحنات. ولوحوا بأعلام حزب الله ووزعوا الحلوى ورددوا الأناشيد البطولية وأطلقوا قذائف صاروخية في الهواء احتفالا.
وسلطت عملية تسليم الوقود - التي قال مسؤول في حزب الله إنها الدفعة الأولى من أكثر من 13 مليون غالون - الضوء على خطورة الأزمة اللبنانية، فضلا عن فشل الحكومة في معالجتها.
ولعدم إمكانية تأمين المساعدة من أي مكان آخر، فقد تحول إلى سوريا التي مزقتها الحرب وإيران المتضررة اقتصاديا.
ويبدو أن هذه الخطوة تنتهك العقوبات الأمريكية المتعلقة بشراء النفط الإيراني، لكن لم يتضح يوم الخميس ما إذا كانت أمريكا ستضغط في هذه القضية..
فحزب الله، الذي تعتبره أمريكا منظمة إرهابية، يخضع بالفعل لعقوبات أمريكية. وعلى الرغم من أنه يشكل جزءا من الحكومة اللبنانية، لكنه يبدو أنه يعمل بشكل مستقل.
ورفضت السفارة الأمريكية في بيروت التعليق يوم الخميس. لكن عندما أعلن حزب الله الشهر الماضي أن الوقود في طريقه من إيران، فقد قلل السفير الأمريكي من شأن أي تهديد باتخاذ إجراءات عقابية.
وفي هذا الصدد قالت السفيرة دوروثي شيا لقناة العربية الإنجليزية: "لا أعتقد أن أي شخص سوف يضطر للاستقالة إذا كان شخص ما قادرا على إدخال الوقود إلى المستشفيات التي تحتاج إليه".
ووصل الوقود بينما يعاني لبنان مما وصفه البنك الدولي بأنه أحد أسوأ الانهيارات الاقتصادية في العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر. ومنذ خريف عام 2019، فقد فقدت العملة الوطنية 90% من قيمتها، وتضاعفت أسعار العديد من السلع ثلاث مرات.
اقرأ أيضا: حزب الله يعلن وصول أول باخرة نفط إيراني لمرفأ بانياس السوري
وتسبب نقص الوقود في انقطاع الكهرباء على نطاق واسع وترك العديد من اللبنانيين ينتظرون في طوابير طويلة لملء سياراتهم، وسلط وصول القافلة الضوء على الغياب شبه الكامل للدولة اللبنانية.
ولم تشارك الهيئات الحكومية المكلفة بالإشراف على واردات الطاقة في الاستلام. في حين انطلقت الشاحنات من سوريا إلى لبنان عبر قطعة أرض مفتوحة، وليس عبر معبر حدودي رسمي، دون جمارك أو تفتيش أمني، فيما لم يتضح ما إذا كان للواردات أي ترخيص قانوني أو ما إذا كان سيتم دفع أي ضرائب عليها.
ولم يدل رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، الذي شكل حكومة جديدة هذا الأسبوع وتعهد بالعمل على تخفيف مشاكل البلاد، بأي تصريح علني بشأن شحنة الوقود يوم الخميس. ولم تفعل كذلك السلطات المشرفة على الحدود.
وقال إلياس فرحات، وهو جنرال متقاعد في الجيش اللبناني، إن "البلاد تواجه أزمة خطيرة، لذا فإن الحكومة لا تهتم بما إذا كانت الشاحنات دخلت بشكل قانوني أو غير قانوني.. نحن في حالة طوارئ".
وقال أحمد راية، المسؤول الإعلامي في حزب الله، إن الشحنة هي الدفعة الأولى من 13.2 مليون غالون لسفينة إيرانية تم تسليمها إلى ميناء بانياس بسوريا، هذا الأسبوع. أما الباقي فسوف يستغرق عدة أيام لتفريغه ونقله إلى لبنان.
وقدر موقع TankerTrackers.com، وهو مجموعة تتعقب شحنات النفط العالمية، أن السفينة تحمل أقل من ثمانية ملايين غالون.
وأدت أزمة الوقود إلى مواجهة من نوع ما بين حزب الله وحلفائه وأمريكا حول من يمكنه التصرف بشكل أسرع لتخفيف آلام الناس، وهي منافسة فاز بها حزب الله، على الأقل حاليا.
وكانت كل خطوة تقريبا في رحلة الوقود تمثل تحديا لأمريكا، التي فرضت عقوبات على شراء النفط الإيراني والحكومة السورية وحزب الله والشركة المرتبطة بحزب الله والتي ستوزع الوقود داخل لبنان.
وقال الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، إن الوقود دفع ثمنه رجال أعمال لبنانيون لم يكشف عن أسمائهم، وأن معظمه سيتم التبرع به لمؤسسات تشمل المستشفيات الحكومية ودور رعاية المسنين ودور الأيتام والصليب الأحمر اللبناني والمنظمات العاملة في توزيع المياه.
وقال إنه سيتم بيع الوقود بسعر مخفض للمستشفيات الخاصة ومصانع الأدوية والمخابز ومحلات السوبر ماركت وشركات الكهرباء الخاصة.
وقال نصر الله في كلمة يوم الثلاثاء: "هدفنا ليس التجارة أو الربح.. هدفنا هو تخفيف معاناة الناس". وقال أيضا إن ثلاث سفن إيرانية أخرى، إحداها تحمل بنزين واثنتان تحملان الديزل، في طريقها إلى سوريا.
في حين قالت جيسيكا عبيد، مستشارة سياسة الطاقة والباحثة غير المقيمة في معهد الشرق الأوسط، إن المليون غالون التي أبلغ حزب الله عن جلبها يوم الخميس لم تكن كبيرة بالنسبة لاحتياجات البلاد، لكنها يمكن أن تساعد بعض المؤسسات.
وقالت إن مولد المستشفى، على سبيل المثال، قد يحرق حوالي 26 غالونا في الساعة، لكن التدخل حيث فشلت الدولة كان بمثابة انقلاب سياسي لحزب الله، الذي تلطخت صورته كمدافع عن الأمة بسبب مشاركته في الحرب الأهلية في سوريا ومعارضته لحركة احتجاج شعبية سعت إلى إنهاء الفساد الحكومي.
واتهم حزب الله أمريكا بالمسؤولية عن أزمة لبنان الاقتصادية، زاعما أنها فرضت حصارا على لبنان. في الواقع، تركز عقوبات أمريكا بشكل كبير على حزب الله وحلفائه، وليس على الدولة اللبنانية، التي يشكل خللها وفسادها أساس الأزمة.
وصور حزب الله وصول القافلة يوم الخميس بعبارات بطولية، قائلا إنها "كسرت الحصار الأمريكي"، وهو خط تفكير سيقبله الكثير من اللبنانيين على الأرجح.
وقال مهند الحاج علي، الزميل في مركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت: "هذا يغذي الصورة بأن حزب الله قد انتصر في معركة الثبات ضد الحصار الأمريكي، وهذا النوع من الصورة هو ما تحاول المنظمة أن تعكسه".
وبعد إعلان نصر الله، قالت شيا، سفيرة أمريكا، إنها تعمل على وضع ترتيب آخر للمساعدة في حل أزمة الطاقة في لبنان. ويتطلب هذا الترتيب إرسال الغاز الطبيعي من مصر إلى الأردن ونقله إلى لبنان عبر خط أنابيب يمر عبر سوريا.
وزار وفد رفيع المستوى من لبنان دمشق، هذا الشهر لمناقشة الخطة، لكن تفاصيلها لا تزال غير واضحة، بما في ذلك المدة التي سيستغرقها إصلاح خط الأنابيب، ومن سيدفع ثمنه، وما هي الرسوم التي ستفرضها سوريا على السماح بمرور الغاز خلال خط الأنابيب الذي يمرعبر أراضيها.
وقد يشكل ذلك تحديا آخر لأمريكا، التي تفرض عقوبات على أي شخص يتعامل مع الحكومة السورية، لكن معاناة اللبنانيين العميقة جعلت من غير المحتمل أن تعاقب أمريكا أي شخص لقبول الوقود الإيراني الخاضع للعقوبات.
وهنا قال الحاج علي: "لست متأكدا من مدى استعداد أمريكا للمخاطرة بفرض عقوبات على السكان المحتاجين.. هذا من شأنه أن يصور أمريكا على أنها قاسية وصارمة، وهذا انتصار لحزب الله".
— mahdisaade (@mahdisaade1) September 17, 2021
— Latif Aliani 🇮🇷 (@latif_Aliani) September 16, 2021