صحافة إسرائيلية

الاحتلال أمام سنة عاصفة.. هذه تحدياته الأمنية في 2022

أكد خبير إسرائيلي أن "الجيش يعاني من مشكلات متعددة منها تدني مكانة وقدرة القوات البرية"- جيتي
أكد خبير إسرائيلي أن "الجيش يعاني من مشكلات متعددة منها تدني مكانة وقدرة القوات البرية"- جيتي

سلط خبير عسكري إسرائيلي بارز، الضوء على أهم التحديات الأمنية التي ستشغل تل أبيب في 2022، في ظل اهتمام أقل من الإدارة الأمريكية بمنطقة الشرق الأوسط.


وذكر الخبير العسكري الإسرائيلي لدى صحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل، أن "المركبات الأساسية للتفوق العسكري الإسرائيلي لم تتغير؛ من تفوق استخباري وتكنولوجي وبشري وأذرع الأمن، مع دعم سياسي واقتصادي بارز من الولايات المتحدة".


حرب متعددة


وأوضح أن "هذا التفوق تم الحفاظ عليه بفضل استعداد إسرائيل لاتباع سياسة فعالة جدا، والمثال الأفضل على ذلك، مهاجمة المنشأة النووية التي بنتها كوريا الشمالية لصالح نظام الأسد في شمال شرق سوريا، بالقصف من الجو، وميزان القوة في المنطقة كان يمكن أن يظهر الآن مختلفا كليا لو لم يتم وقف البرنامج النووي السوري".


وأضاف هرئيل: "في الجانب السلبي، بقيت الصعوبة في تطوير رد مناسب على التهديد الأساسي الذي يقوم ببنائه أعداء إسرائيل، خاصة منذ حرب لبنان الثانية في 2006"، مؤكدا أن "منظومات الدفاع الإسرائيلية من مثل "حيتس" و"الصولجان السحري" و"القبة الحديدية"، ستجد صعوبة التصدي للصواريخ في حالة حرب في لبنان، وفي سيناريو حرب متعددة الساحات، تتضمن إطلاق آلاف القذائف بصورة متوازية من لبنان وسوريا وغزة".


وأكد أن "الجيش الإسرائيلي يعاني من مشكلات متعددة، مثل: تدني مكانة وقدرة القوات البرية، والخوف المتزايد من استخدامها عند الحاجة للمناورات الكثيفة في أراضي العدو، ونقص التدريب في وحدات الاحتياط، وانخفاض المحفز للخدمة في الوحدات الميدانية من قبل المجندين ذوي المؤهلات العالية، إضافة إلى فجوة في فهم هيئة الأركان العامة لمواقف المدنيين، التي تساهم بدورها في انخفاض ثقة الجمهور بالجيش".

 

اقرأ أيضا: تفاصيل مثيرة عن تحصينات الاحتلال بسجن جلبوع (إنفوغراف)


وتناول الخبير، "صورة الوضع في الساحات الأساسية التي ستشغل الحكومة وجهاز الأمن في السنة القادمة"، مركزا على الساحة الإيرانية وخاصة على المشروع النووي الإيراني، بصفته أبرز التحديات التي تواجه تل أبيب في 2022.


وذكر أن "إدارة جو بايدن خططت للتوقيع على اتفاق نووي محدث مع إيران في الأشهر الأولى بعد دخول الرئيس الجديد البيت الأبيض، لكن إيران رفضت (حتى الآن)، وهذا في تقدير الجيش الإسرائيلي، شوش على الخطط المسبقة"، منوها إلى أن "بسيب تردي الوضع الاقتصادي وكورونا، قدرة إيران العسكرية إزاء الغرب محدودة، وهي تقتصر في هذه الأثناء على عمليات صغيرة ضد أهداف ترتبط بشكل غير مباشر بإسرائيل، مثل سفن بملكية شركات إسرائيلية، ولكنهم في واشنطن، يدركون أن المراوحة الحالية في المكان، التي خلالها تواصل إيران تخصيب اليورانيوم، لا تخدم المصالح الأمريكية".


وفي ظل هذا الواقع، "يبحث بايدن الآن عن خطة بديلة، وأحد السيناريوهات، زيادة الضغط الاقتصادي على طهران، إلى جانب نشاطات تخريبية سرية طوال بضعة أشهر، على أمل إقناع إيران بالعودة للمفاوضات"، مضيفا أنه "في مثل هذه الحالة، سيتم التوقيع على اتفاق سيؤخر مرة أخرى تحقق المشروع النووي مدة عقد أو أكثر، وهذه المرة إسرائيل ستكون مضطرة إلى أن تستغل بصورة أفضل الوقت المتاح لها، لوضع خيار عسكري حقيقي ضد إيران، حال خرقت طهران التزاماتها أو انهار الاتفاق".


وأشار إلى أن تل أبيب وبحسب تقارير أجنبية، "استعدت لمهاجمة المنشآت النووية عدة مرات بين 2009 و2013، مع الشك إلى أي درجة كانت القدرات العملياتية التي تمت بلورتها في حينه ناضجة بما فيه الكفاية لتنفيذ هذه المهمة، ومنذ أن صعد نفتالي بينيت إلى الحكم، فإنه نبه إلى أن سلفه (بنيامين نتنياهو) أهمل الاستعدادات العسكرية ولم يستعد لاحتمالية، أن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، سيقرب طهران من إنتاج القنبلة".


وبحسب هرئيل، فإن "نتنياهو كان يأمل في تغيير ميزان القوى في الشرق الأوسط بواسطة اتفاقات التطبيع التي وقع عليها مع الإمارات والبحرين، ولكن إسرائيل فطمت بالتدريج من وهم أن الإمارات أو السعودية ستحاربان إلى جانبها ضد إيران".


تمهيد الطريق


وحول الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، فقد بين أن "السبب الرئيسي، يكمن في توجيه أنظار أمريكا نحو الشرق، المنافسة التكنولوجية ومعارك النفوذ مع الصين، حيث أصبح وسط آسيا مثل الشرق الأوسط، أقل أهمية بالنسبة لواشنطن"، مستبعدا أن "يخلي بايدن في القريب، قواته من العراق وسوريا".


وأفاد الخبير العسكري، بأن "التقدير في إسرائيل، أنه سيبقى تواجد عسكري أمريكي هناك، كي لا تبدو وكأنها في حالة تراجع مطلق، علما بأنه يوجد ثمن للإصغاء الأمريكي لطلب تل أبيب، يتمثل بعلاقات إسرائيل مع الصين"، موضحا أن "جهاز الأمن في إسرائيل، يؤكد أن إدارة بايدن زادت الضغط على إسرائيل لتقليص صفقات البنى التحتية مع الصين في المستقبل، وفرض رقابة أكثر تشددا على الاتفاقات التي تم عقدها".


ونبه إلى أن "أمريكا عرابة التطبيع بين الإمارات وإسرائيل، تتحفظ حتى من تداعيات العلاقات الوثيقة للإمارات مع الصين على إسرائيل"، لافتا إلى أن "مصادر أمريكية غير رسمية حذرت في السنوات الأخيرة، من أن تواجد الصين في ميناء الخليج بحيفا، سيصعب على سفن الأسطول السادس الرسو في قاعدة سلاح البحرية المجاورة".

 

اقرأ أيضا: سجلّ حافل لأسرى فلسطين بانتزاع الحرية من المحتلّ


وفي مؤشر على رضوخ تل أبيب للضغوط الأمريكية، رجح العميد احتياط، أساف أوريون، رئيس برنامج "إسرائيل-الصين" التابع لـ"معهد بحوث الأمن القومي"، أن تكون هناك "بوادر تغيير في سياسة إسرائيل تجاه الصين"، منوها إلى أن سياسية حكومة بينيت في هذا الجانب، "ستعتبر العلاقات مع الصين مسألة أمنية، وستأخذ في الحسبان مخاوف الولايات المتحدة، وستكون الأولوية للعلاقات مع واشنطن".


جبهة مكشوفة


وزعم هرئيل، أن "إسرائيل راكمت نجاحات كثيرة في إطار هجمات المعركة بين حربين، حيث حدت من تحركات إيران في المنطقة وأحبطت عمليات تهريب السلاح لحزب الله في لبنان، وأعاقت جزءا من جهود التمركز للحرس الثوري الإيراني في سوريا".


وتابع: "مع ذلك، فإنه في مجال واحد تقترب إسرائيل من مفترق الطرق ما سيجبرها على إعادة تقييم سياستها، فرغم جهودها، إلا أنها لم توقف كليا جهود حزب الله وإيران في أن إقامة خطوط إنتاج مستقلة لتطوير قدرات الإصابة للصواريخ التي توجد لدى حزب الله في لبنان"، مؤكدا أن "مشروع زيادة الدقة، يمكنه أن يغير ميزان القوة بين إسرائيل وحزب الله".


ولفت إلى أن زيادة ترسانة حزب الله من الصواريخ الدقيقة، سيمكنه في الحرب المقبلة، من إصابة أهداف مختلفة بدقة كبيرة، مثل البنى التحتية وقواعد عسكرية في إسرائيل"، مضيفا أنه "خلال سنين، فإن إسرائيل لم تخاطر بحرب مبادرة لإحباط جهود التسلح وبناء القوة لدى خصومها، باستثناء حالتين شاذتين في المجال النووي هما قصف المفاعل النووي في العراق عام 1981 وقصف المنشأة السورية في 2007".


وأكد أن "مشروع زيادة الدقة يزيد شدة المعضلة، لأنه يضاعف الخطر الكامن على الجبهة الداخلية في إسرائيل، وهذه معضلة ستقف في السنوات القريبة القادمة على عتبة حكومة بينيت-لابيد أو الحكومة التي ستليها".


فضاء يتقلص


أما في ما يخص الضفة الغربية وقطاع غزة، فأفاد الخبير، بأن رئيس الوزراء، "سيسمح لجهاز الأمن بتنسيق وثيق مع السلطة الفلسطينية، وتقديم تسهيلات اقتصادية"، لافتا إلى أن "الخطر الأساسي لاشتعال آخر في قطاع غزة، ربما يكون في الأشهر القريبة القادمة".


وقال: "بينيت يأخذ في الحسبان احتمالية مرجحة لتصعيد جديد، والتبجح بعرض إنجاز سيضمن الهدوء إزاء حماس لبضع سنوات يمكن أن يتحطم على صخرة الواقع، فإسرائيل التي وعدت بأن "ما كان لن يكون" سبق وتنازلت عن معظم أوراق المساومة التي احتفظت بها أمام حماس، دون أن تتعهد حماس بوقف طويل لإطلاق النار أو حل مسألة جنودنا الأسرى".


وذكر أن "على إسرائيل أن تأخذ في الحسبان تغييرا مهما؛ فرغم تعاطف إدارة بايدن معها، فإن هامش المناورة الذي ستمنحها إياه في حالة مواجهة في المناطق سيكون أضيق من الذي منحتها إياه ادارة دونالد ترامب".


وحذر هرئيل تل أبيب، من أن إدارة بايدن "في أي مواجهة مستقبلية، ستجد صعوبة أكبر في تحويل مساعدات عسكرية سريعة لإسرائيل، وبالأساس، إذا كان الأمر يتعلق بتسليح هجومي دقيق".


وأرجع الخبير ذلك، إلى "صعود الجناح التقدمي في الحزب الديمقراطي، الذي من شأنه أن يضع عقبات على هذه الخطوة في الكونغرس، وهذه ظاهرة لم تواجهها إسرائيل في حرب لبنان الثانية أو في عدوانها على غزة عام 2014، وهي من شأنها أن تقلص حرية عمل إسرائيل أثناء الحرب".

التعليقات (0)