نشرت صحيفة "
ليزيكو" الفرنسية تقريرا أكدت فيه
أن أهداف إدارة الرئيس الأمريكي جو
بايدن لا تختلف عن أهداف سلفه دونالد ترامب رغم
اختلاف السياسات بين الإدارتين.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"،
إن بايدن يتبع على الصعيد الدولي أسلوبا مختلفا تماما عن أسلوب دونالد ترامب، لكن الأولويات
تبدو متقاربة إلى حد بعيد بينهما.
ومن شأن إعادة بناء العلاقة مع الحلفاء والدفاع بحزم عن القيم
الأمريكية وتأسيس جبهة مناهضة للصين، أن يصب -حسب الصحيفة- في خانة تحقيق هدف واحد
وهو دعم الطبقة الوسطى الأمريكية.
سياسة خارجية مختلفة
وتؤكد الصحيفة أن رسالة "عودة أمريكا وعودة الدبلوماسية"
التي أراد جو بايدن إرسالها إلى الأوروبيين خلال جولته على هامش قمة مجموعة السبع،
كانت واضحة، وقد كررها مرارا وتكرارا وتتضمن محورين أساسيين: رغبة الإدارة الجديدة
في إعادة علاقاتها مع حلفائها إلى قلب دبلوماسيتها، ونية العودة إلى منظومة القيم التي
تخلى عنها دونالد ترامب.
وحسب بعض المراقبين الأوروبيين، فقد كانت هذه الوعود كافية لتجعل
من الرئيس الأمريكي الجديد الزعيم الذي ينتظره العالم الغربي. ومع ذلك، يتطلب الأمر
قراءة أعمق في تاريخ الدبلوماسية الأمريكية، وجهودها المستمرة لضمان مصالحها وجعل الطبقة
الوسطى الأمريكية في قلب سياسات الإدارات الديمقراطية.
وعندما وصل إلى السلطة، حاول جو بايدن إرسال إشارات إلى حلفائه،
الذين أصيبوا بصدمة من الفوضى التي أحدثها دونالد ترامب. وكانت أولى إجراءاته على المستوى
الدولي، هي إعادة الولايات المتحدة إلى اتفاقية باريس للمناخ، وإلى مجلس حقوق الإنسان
التابع للأمم المتحدة، وإعادة تأكيد ثقته في منظمة الصحة العالمية، التي سبق وأن هدد
ترامب بتعليق المساهمة في تمويلها.
وكانت محادثات بايدن الخارجية الأولى بعد تنصيبه مباشرة مع
رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، والرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور،
ثم بوريس جونسون وأنجيلا ميركل وإيمانويل ماكرون. ووضع بايدن الأمور في نصابها مع
روسيا مهددا بفرض عقوبات إضافية على موسكو بسبب دورها في الهجمات الإلكترونية على المؤسسات
الأمريكية.
دعم الطبقة الوسطى
على الساحة المحلية، قدمت إدارة بايدن رؤية مختلفة أيضا،
وقد صرح وزير الخارجية أنتوني بلينكن في هذا السياق: "سنناضل من أجل كل وظيفة
أمريكية ومن أجل حقوق ومصالح العمال الأمريكيين. يجب أن تستجيب سياساتنا التجارية بوضوح
شديد لدعم الطبقة الوسطى الأمريكية، وخلق وظائف جديدة من شأنها أن تعود بالفائدة على
الأمريكيين، وليس فقط أولئك أصحاب رؤوس الأموال".
وحتى قبل انتخابه، ربط جو بايدن هذه القضية المحلية بمسألة
مقاومة الهيمنة الاقتصادية
الصينية، وأوضح في عمود نُشر بمجلة "فورين أفيرز"
قبل أكثر من عام، أن "إدارته ستمنح الأمريكيين أدوات النجاح في الاقتصاد العالمي،
بسياسة خارجية تدعم الطبقة الوسطى. للفوز بالمنافسة المستقبلية ضد الصين أو أي دولة
أخرى، يجب على الولايات المتحدة تعزيز تفوقها في مجالات الابتكار وتوحيد الجهود الاقتصادية
للأنظمة الديمقراطية، من أجل مواجهة الممارسات الاقتصادية التعسفية وتقليل عدم المساواة".
ووفقا لمركز الأعمال والبحوث الاقتصادية، فإن 85 بالمئة من
خسارة الوظائف في الولايات المتحدة بين سنتي 2000 و2010 كان بسبب التحولات التكنولوجية
في الشركات الأمريكية، وخاصة أتمتة الوظائف، وليس بسبب الاتفاقيات التجارية.
استراتيجية طويلة المدى
وترى الصحيفة أن سياسة الحوار مع الحلفاء، سواء في أوروبا
أو آسيا أو أمريكا اللاتينية، هدفها الأساسي الدفاع عن المصالح الأمريكية ومصالح الطبقة
الوسطى، وقد كان ذلك واضحا في المفاوضات التجارية مع أوروبا.
لم يرفع جو بايدن الرسوم الجمركية التي وضعها دونالد ترامب
على الصلب والألومنيوم القادم من أوروبا. أدى ذلك إلى توفير بضعة آلاف من الوظائف في
الولايات المتحدة، وهو عامل مؤثر سياسيا، ويمكن أن تلعب دورا حاسما في انتخابات التجديد
النصفي العام المقبل.
وأوردت الصحيفة أن بايدن لم يعد أيضا إلى اتفاقية التجارة
الحرة مع بعض دول جنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية وأوقيانوسيا، وقد أوضح أنه يفكر
في العودة، لكن بشروط معينة لم تتحقق بعد.
ومن الواضح -حسب الصحيفة- أن جو بايدن يعتمد أسلوبا مختلفا
عن ترامب في مسألة العلاقات الثنائية مع الصين، حيث تحاول الإدارة الحالية أن تعزل
بكين من خلال تعزيز تحالفاتها في المنطقة.
في الوقت الحالي، يتجنب بايدن المواجهة المباشرة مع بكين،
وقد جرت اجتماعات بين فريق أنتوني بلينكن ونظيره الصيني يانغ جيتشي في آذار/ مارس،
لكنها كانت خالية من أي تفاهمات.
وكانت لهجة بلينكن حازمة بعض الشيء عندما قال إن "كل
تصرفات بكين تهدد النظام والقواعد التي تحافظ على الاستقرار العالمي"، لكن بايدن
لم يتخذ أي قرار بشأن عقوبات جديدة ضد الصين قد تؤثر بشكل غير مباشر على الشركات والعمال
الأمريكيين.
وتختم الصحيفة بأن سعي إدارة بايدن لتشكيل جبهة مشتركة ضد
بكين يعدّ استراتيجية طويلة الأمد هدفها الرئيسي استعادة ثقة المواطن الأمريكي العادي
الذي أغرته الترامبية بشعاراتها البراقة.