مقابلات

"عربي21" تحاور الرئيس السابق لجمعية الأمم المتحدة (شاهد)

الأمم
الأمم

أكد الرئيس السابق للجمعية العامة للأمم المتحدة، موجن يكيتوفت، رفضه التام للانتقادات التي توجهها إسرائيل للمحكمة الجنائية الدولية، مستنكرا زعمها بأن إجراء تحقيق في العدوان الأخير على قطاع غزة يُعدّ معاداة صريحة للسامية، ومشدّدا على أن دعم حل الدولتين، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، لا علاقة له مطلقا بمعاداة للسامية.

وقال في مقابلة خاصة مع "ضيف عربي21": "من غير المقبول أن يحاول أي شخص أينما كان تشويه سمعة المحكمة الجنائية الدولية، ولا يمكن التسامح مع عرقلة عملها. ومن المهم للغاية بالنسبة للحكومات الأوروبية أن تدعم استقلالية هذه المحكمة، وأن تحمي موظفي المؤسسة أيضا من أي ضغوط وتهديدات خارجية".

ولفت يكيتوفت، الذي شغل منصبي وزيري المالية والخارجية في الدنمارك، ورئيس البرلمان الدانماركي، إلى أنه لا يقبل بممارسات حكومة إسرائيل الحالية، مطالبا بالعمل دائما على مواجهة أي محاولات للقيام بإبادة جماعية.

ودعا الرئيس السابق للجمعية العامة للأمم المتحدة جميع القوى الديمقراطية الداعمة لمواثيق حقوق الإنسان الأممية إلى اتخاذ موقف داعم لسلطة المحكمة الجنائية الدولية في كافة الأرجاء، مؤكدا على ضرورة "تقييم كافة مرتكبي الجرائم والمشتبه بارتكابهم جرائم من قِبل المحكمة الجنائية الدولية".

وكان 55 مسؤولا أوروبيا سابقا قد شنّوا -في رسالة مفتوحة إلى صحيفة "الغارديان" البريطانية- هجوما ضد نقاد المحكمة الجنائية الدولية، منوهين إلى أن النقد غير المبرر للمحكمة يعرقل عملها. وخصوا النقد المتعلق بقرار المحكمة القيام بالتحقيق بجرائم حرب في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وفيما يلي نص المقابلة الخاصة مع "ضيف عربي21":

بداية.. كيف تابعتم العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة؟ وكيف بدأ؟


بحسب فهمي فقد بدأ الصراع الأخير بين الفلسطينيين والإسرائيليين بإخلاء سكان عاشوا لمدة 60 عاما في المكان نفسه في القدس الشرقية. كانت هناك مظاهرة ضخمة عند المسجد الأقصى، وكانت هناك حملة قمع شديدة من قِبل الشرطة الإسرائيلية على تلك المظاهرة؛ إذ أصيب 300 شخص، وهذا هو السبب في بدء الحرب البالغة المأساوية الأخيرة على غزة، وبنفس الوقت كانت حماس تمطر صواريخها على إسرائيل، وإن كان قد تم اعتراض معظمها قبل أن يصيب أي هدف، ومن ثم كان رد فعل إسرائيل حربٌ دموية ومدمرة، والخلاصة حرب أخرى تطال المدنيين في غزة.

كيف تنظرون إلى انتقادات الإسرائيليين للمحكمة الجنائية الدولية ومحاولاتهم التأثير على عملها؟


هذه النقطة هي جوهر الرسالة المفتوحة التي أطلقناها، ونحن 55 شخصا معظمنا وزراء خارجية أوروبيون سابقون نعمل مع المفوضية الأوروبية ومجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، وكلنا نوجه رسالة بألا تشوهوا سمعة المحكمة الجنائية الدولية ولا تقولوا بأن أي شخص معفي من المحاكمة في المحكمة الجنائية الدولية، وعلينا أيضا أن نقدم الدليل القانوني على الاتهامات بانتهاكات حقوق الإنسان في الحرب من كافة الأطراف، ولكن طبعا أبرزها هو الآثار المدمرة من قِبل الجانب الإسرائيلي.

إلى أي مدى سيتأثر عمل المحكمة الجنائية الدولية بالإجراءات الإسرائيلية أو بالأحرى بجهودهم المضادة؟

يصعب القول حقيقة، ولكن بلا شك ولأسباب تاريخية يوجد عديد من الأصدقاء لإسرائيل في أوروبا، ولكن باعتقادي على كافة أصدقاء الشعب الإسرائيلي، وأصدقاء السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين أن يكونوا على استعداد للقبول بوجود تحقيق واحتمالية صدور حكم متعلق بحقوق الإنسان في حرب غزة وغيرها من الممارسات التي جرت في الأجزاء الأخرى المحتلة من الأراضي الفلسطينية التاريخية، وكذلك في إطلاق الصواريخ العشوائي من غزة على إسرائيل، وإن لم يكن لذلك ربما نفس القدر من الضرر، لكنه أمر ينبغي أن يكون محل مساءلة في مجال انتهاك حقوق الإنسان بصفته استهداف عشوائي.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال إن تحقيق الجنائية الدولية بشأن "حرب غزة" لن يكون إلا "معاداة صريحة للسامية".. ما ردكم على تصريحات نتنياهو؟

حين كنت رئيس الجمعية العمومية للأمم المتحدة عام 2016 ذكرت أثناء افتتاح مؤتمر يتناول معاداة السامية عددا من النقاط حول ضرورة بذل كل ما بوسعنا لتجنب إبادة جماعية شبيهة بأي من المجازر المرتكبة في أوروبا أثناء الحرب العالمية الثانية، وكانت حدثا تاريخيا مروّعا للغاية لا حدود للضرر الذي ألحقه بالحياة البشرية، وهناك مجازر إبادة أخرى أيضا شهدناها، ضد الآشوريين في العراق مثلا أثناء هجمات داعش الإرهابية هناك، وشهدنا عدة أمثلة أخرى للأسف حينها.

وينبغي علينا العمل على الدوام لمواجهة أي محاولات للقيام بإبادة جماعية، إلا أن ما لا يمكن اعتباره معاداة للسامية هو دعم حل الدولتين بين إسرائيل وفلسطين، وإنهاء الاحتلال.

وبالنسبة لي أرى أيضا أنه من غير المقبول اعتبار الانتقادات لدولة إسرائيل ولسياساتها معاداة للسامية. أنا لست معاد للسامية على الإطلاق، بل وسأواجهها على الدوام، لدي العديد من الأصدقاء اليهود، ولكن هذا لا يعني أن بوسعي القبول بأي من ممارسات حكومة إسرائيل الحالية.

والقول بأن محاكمة إسرائيل في المحكمة الجنائية الدولية هو معاداة للسامية فإن ذلك صرف للانتباه عن النقاش الحقيقي حول كيفية الحفاظ على نظام عدالة دولي عام. ينبغي أن يتم تقييم كافة مرتكبي الجرائم والمشتبه بارتكابهم جرائم من قبل المحكمة الجنائية الدولية، وهذا فحوى بياننا.

من غير المقبول أن يحاول أي شخص أينما كان تشويه سمعة المحكمة، ولا يمكن التسامح مع عرقلة عملها. أود أن أقول إنه من المهم للغاية بالنسبة للحكومات الأوروبية أن تدعم استقلالية المحكمة الجنائية الدولية، وأن تحمي موظفي المؤسسة أيضا من أي ضغوط وتهديدات خارجية، ولهذا السبب نقدر أيضا رفع الرئيس الأمريكي جو بايدن للقيود التي كان فرضها الرئيس ترامب ضد المحكمة الجنائية الدولية.

هناك بعض الدول التي تعارض تحقيق الجنائية الدولية في الانتهاكات الإسرائيلية.. ما الذي تستند إليه تلك الدول في معارضتها لتحقيق الجنائية الدولية؟


هناك الكثير من الحالات حيث ترفض حكومات ارتكبت أو اتهمت بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان سلطة المحكمة الجنائية الدولية، ولهذا السبب، ينبغي على كافة القوى الديمقراطية الداعمة لمواثيق حقوق الإنسان الأممية أن تأخذ موقفا داعما لسلطة المحكمة الجنائية الدولية في كافة الأرجاء، سواء في أفغانستان، أو ليبيا، أو السودان، مالي أو بنغلادش أو للتحقيق في الإبادة الجماعية المروّعة المرتكبة من قِبل الجيش في ماينمار بحق أقلية الروهينغيا في ولاية راخين. ينبغي تقييم كل ذلك والحكم عليه من قِبل المحكمة الجنائية الدولية.

ماذا لو فشلت جهود المحكمة الجنائية الدولية في محاسبة إسرائيل على انتهاكاتها؟ وهل باتت تل أبيب فوق القانون الدولي؟


هناك شق يتعلق بالمبدأ، ينبغي القبول بأن المحكمة الجنائية الدولية ستنظر في أفعالك وتحكم عليها، وذلك دون اتهامها بمعادة السامية أو أي اتهام آخر. الشقّ الآخر هو أن المحكمة الجنائية الدولية لا تملك السلطة لإنفاذ أي نوع من الأحكام بحال كانت الحكومة قوية بما يكفي لرفض الحكم، وهذا سبب آخر يوجب علينا حشد الدعم قدر الإمكان شعبيا وسياسيا لاسيما في أوروبا لدعم سلطة المحكمة الجنائية الدولية، ولمتابعة ألا يكون هناك محاولات لإعاقة عملها أو عرقلته.

دعوتم، في رسالتكم المفتوحة، إلى حماية المحكمة الجنائية الدولية وموظفيها وأفراد عائلاتهم من أي تهديد يعطل عملهم.. فهل لديكم مخاوف ما من أي تهديدات محتملة قد يتعرضون لها؟

لا. أعتقد أن من الأهمية بمكان أن المحكمة الجنائية الدولية ذاتها قررت أنها تتمتع بالسلطة في كافة الأرجاء بما في ذلك في إسرائيل وفلسطين، وأن على كافة الأطراف هناك أن تخضع لنفس معايير المحاكمات كأي جهة أخرى.

 

التعليقات (0)