قضايا وآراء

ماذا "كسبت" المقاومة من العدوان على غزة؟!

عدنان حميدان
1300x600
1300x600
سؤال غير بريء يطرحه المشككون دائما في كل مواجهة للمقاومة مع الآلة العسكرية الغاشمة للاحتلال في فلسطين، بوجود الفارق الهائل بينهما في العتاد العسكري، وانتقام الاحتلال بوحشية من النساء والأطفال والبنايات السكنية والبنى التحتية، بل إن تدميره طال مقابر الموتى فضلا عن هوايته الدائمة بدفن المدنيين أحياء تحت أنقاض بيوتهم.

والسؤال بهذه الطريقة خاطئ ومغرض؛ فلا أحد معني بتبرير حاجته للدفاع عن نفسه وأرضه ومقدساته بكل ما أوتي من قوة، فالكرامة تقدم على حسابات الربح والخسارة، ولكن حتى مع منطق الربح والخسارة المجرد نحتاج لتصحيح صياغة السؤال لنقول: ماذا خسر الاحتلال بعدوانه على غزة؟!

الكل يعلم أنها حرب غير متكافئة لا بالعتاد ولا بالعدة ولا بمواقف أصحاب القرار من المجتمع المدني، ومع ذلك تجد اعترافاتهم بخسائر مباشرة فاقت الخمسمائة مليون دولار منذ بداية العدوان، مع تعطيل الدراسة في 70 في المائة من مدارسهم وتوقف حركة الصناعة جنوب الأراضي المحتلة كليا في 30 في المائة منها وجزئيا في 17 في المائة، وتوقف لعدة أيام في حركة القطارات مع إلغاء كثير من شركات الطيران لرحلاتها، وتعليق العمل في حقل تمار للغاز الطبيعي.

أما القبة الحديدية فقد ثبت انكسار هيبتها وفشلها أمام رشقات صواريخ المقاومة على بدائيتها ومحلية تصنيعها وانخفاض تكاليف ذلك، ليصبح الصاروخ الذي لا تتجاوز كلفته 300 دولار مرهقا لقبة حديدية تنفق من خمسين إلى مئة ألف دولار لصده كل مرة، والاحتلال حسب أرقامه يعترف بصد نحو ألف منها بينما تمكنت الصواريخ الأخرى من اختراقها. وبحسبة تقريبية مبسطة تجد أن الاحتلال احتاج في المتوسط الحسابي وبشكل مباشر نحو 75 مليون دولار للتصدي لصواريخ قيمتها لا تتجاوز 30 ألف دولار! بالإضافة للخسائر غير المباشرة المرتبطة بتعطيل حياة الناس، وشبه حظر للتجوال في الشوارع واضطرارهم للاختباء فترات طويلة في الملاجئ.

الاحتلال اعترف بمقتل 13 شخصا وجرح نحو 100، مع أن المقربين منه يزعمون أن الأرقام أعلى من ذلك بكثير، وهذه الأرقام تعتبر كبيرة بالنسبة للتفوق النوعي للاحتلال بالسلاح والعتاد والطيران وعدم وجود قتال مباشر على الأرض.

وعودة للسؤال غير البريء حول مكتسبات المقاومة في العدوان على غزة مع فاتورة اقتصادية للدمار في غزة تجاوزت 234 مليون دولار وأكثر من 200 شهيد، ثلثهم من الأطفال، ونحو 1400 جريح في غزة فضلا عن مئات الجرحى في الضفة والقدس، تجد الجواب في غزة على لسان المحاصرين هناك بالالتفاف حول المقاومة بشكل غير مسبوق، واتحاد فلسطين كلها من النهر إلى البحر في إضراب غير مألوف، توّجه إلغاء الاحتلال رسميا خطط اقتحام الأقصى التي دأبت عليها المجموعات الدينية الأكثر تطرفا.

وتجلى التقدم النوعي الجديد في عتاد المقاومة المصنع محليا، من طائرات مسيرة وطول مدى ناهز الـ220 كيلو مترا لصاروخ عياش 250 الذي دخل الخدمة مؤخرا.

وتساءل الناس وهم يرون هذه الإنجازات لشعب محاصر عن حال الجيوش العربية والنياشين التي تزين صدور قادتها، ولم يجدوا لهم حربا تذكر إلا في قمع شعوبهم وقتال أشقائهم في بعض الأحيان!

يفهم مواطنو غزة خاصة وأبناء فلسطين وأنصارهم بصفة عامة حرص الاحتلال على استهداف الأطفال والنساء والبنايات السكنية والمرافق العامة لزعزعة ثقة الناس بالمقاومة والتفافهم حولها، ولعدم مقدرتهم على الوصول إلى القادة البارزين والعسكريين في المقاومة، وقد أعماه غباؤه عن رؤية الأثر العكسي لطموحاته، إذ يزداد الناس التفافا حول المقاومة وتمسكا بها كلما زادت فاتورة الدم وارتفع صوت المعركة.

أيام فاصلة نعيشها أثبتت أن موازين الحرب مختلفة تماما عن سابقاتها، وزادت الأمل بالنصر والعودة والتحرير بصورة أكبر من أي وقت مضى، رغم الثمن الباهظ الذي يدفعه الفلسطينيون هناك من دمائهم وأموالهم، فهم يدركون تماما أن طريق الحرية والكرامة والتمكين لا تزينه الورود ولا يعطّره الياسمين إلا المخضب بدماء الشهداء والمعبّد بالجرحى والمعتقلين.
التعليقات (2)
زهنية كزبر
الخميس، 20-05-2021 03:14 م
‏مقال رائع وفي الصميم. جزاك الله عنا خير الجزاء.
Dunia Suliman
الخميس، 20-05-2021 09:42 ص
والله ما حدا بسأل هذه الاسئله والتشكيك بسلاح المقاومه غير الذباب الكتروني المحسوبه على الحكومات , بفكرهم بهذا الاسلوب رح يغيره من نظرة الناس للمقاومه ويصبحو ضددها ,, معهمش خبر انه كلما زاد الهجوم على المقاومه كلما التفت الشعوب حولها اكثر , لانه الشعوب تعشق الحر المقاوم الذي يدافع عن ارضه وعرضه بكل ما اوتيه من قوه وباضعف الايمان فما بالك عندما تطلع صواريخ صناعه محليه وبمجهود شخصي ,,, بارك الله بالمقاومه وبسلاح المقاومه