نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا للمحرر الدبلوماسي باتريك وينتور، قال فيه، إن الأحداث في غزة عرت التوترات داخل حزب المحافظين الحاكم بشأن القضية
الفلسطينية.
وأضاف أن الموجة الأخيرة من العنف في إسرائيل دفعت عددا من وزراء خارجية سابقين في حزب المحافظين الحكومة البريطانية للوعي بأن القضية الفلسطينية لا يمكن إدارتها على أمل أن تتلاشى بنفسها.
وتابع بأن الدعوات تعكس التوتر داخل حزب المحافظين بشأن فلسطين الذي عادة ما غطت عليه الخلافات الصارخة حول موضوع معاداة السامية داخل حزب العمال. وعبر بعض المراقبين عن أن تقدم حزب المحافظين في الانتخابات الأخيرة بين المسلمين البريطانيين سيؤدي إلى تراجع الدعم الصلب لإسرائيل داخل الحزب. وقالوا إن أفعال الشرطة الإسرائيلية داخل المسجد الأقصى في الأسبوع الأخير من رمضان، أزعج المحافظين واعتقادهم بحرية العبادة وأدى بعدد من النواب إلى تلقي دعوات للتدخل من قواعدهم الانتخابية خاصة المسلمة.
لكن بعض مظاهر القلق ستخف من خلال الصواريخ التي أطلقتها حماس على إسرائيل وبعض مظاهر المعاداة للسامية التي ظهرت في لندن وأماكن أخرى.
وقال وزير شؤون الشرق الأوسط السابق أليستر بيرت، إن الفشل في تحقيق حل عادل للموضوع الفلسطيني كان سببا في مشاهد العنف. وأكد أن النقاش بشأن إدارة الموضوع الفلسطيني على أمل تلاشيه غير صحيح. وحذر وزير آخر في الخارجية وهو سير ألان دانكن على موقع حزب المحافظين الرسمي قائلا: "لخصت الأسابيع الأخيرة وبوضوح أن الحكومة البريطانية تعيش ومنذ سنوات في كذبة. وسياستها كما هي موجودة تدور في فراغ أخلاقي". وقال إن الوزراء لا يزالون يتحدثون عن حل الدولتين مع أن كلامهم يشي بأنهم لا يعنون ما يقولون.
وعبر كل من بيرت ودانكن ومن منظورين مختلفين عن مخاوفهما من تكرار وزارة الخارجية التعبير عن قلقها المعروف عن المستوطنات الإسرائيلية والتي باتت طقوسا معروفة. وقال وزير ثالث إن "الموضوع لا علاقة له بسياسة دعم حل الدولتين ولكن بالطاقة التي نخصصها لتحويلها إلى واقع أو أنها مجرد ورقة تين. ولكن هناك عدو جديد وفاشيون يتجولون في الشوارع يتغذون من منصات التواصل الاجتماعي وبات التعايش في خطر"، مضيفا أن مبادرة سلام جديدة مطلوبة.
وقال كريس دويل من مجلس التفاهم العربي-البريطاني: "قد يكون هناك تغير في المفهوم، وهو واضح لدى عدد من النواب المحافظين في الأسبوع الماضي داخل مجلس العموم وانتقادهم دور قوات الأمن في المسجد الأقصى"، مضيفا أن "هذا قد يعكس النجاح الأخير للمحافظين بين الناخبين المسلمين ونواب يمثلون مقاعد لم يفز بها المحافظون من قبل".
ومن ناحية أخرى، فإن إسرائيل ستظل مرتاحة نظرا لقوة أصدقاء إسرائيل في حزب المحافظين. وفي التقرير السنوي ذكر أصدقاء إسرائيل أن "أكثر من 100 نائب ولورد تحدثوا دعما لإسرائيل وشجبا لعداء السامية والعدوان الإيراني بالمنطقة سواء في مجلس العموم أو اللوردات، وقدموا أكثر من 440 مساهمة شفوية أو مكتوبة" إضافة إلى "125 برلمانيا محافظا شاركوا في مناسباتنا لهذا العام إما عبر الإنترنت أو شخصيا قبل الإغلاق".
واستطاع رئيس حكومة تصريف الأعمال الإسرائيلية بنيامين نتنياهو تأمين انتصارين دبلوماسيين مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، واحد منهما إقناعه بدعم عدم تحويل إسرائيل إلى محكمة الجنايات الدولية. وقال جونسون إن المحكمة الجنائية ليس لديها صلاحيات أو اختصاص وتبدو متحيزة. واستجاب جونسون لمطالب أصدقاء إسرائيل في حزب المحافظين عدم دعم ما رأته إسرائيل تحركا متحيزا ضدها في مجلس حقوق الإنسان.
وكانت
بريطانيا الدولة الأوروبية الوحيدة مع دولة التشيك التي صوتت ضد ثلاثة قرارات للمجلس. وإذا كان هناك جهة موازية لأصدقاء إسرائيل فهو مجلس الشرق الأوسط في حزب المحافظين، لكنه يمنع من العمل كجماعة مناصرة ولديه مبدأ وهو التمسك بالقانون الدولي. كما أن المجلس واجه معوقات نظرا لترك عدد من رموزه مثل دانكن ونيكولاس سومز وهوغو سواير البرلمان في الانتخابات الأخيرة. ولم يدعم قرار الدولة الفلسطينية في البرلمان عام 2014 إلا أقل من 10 نواب من بين 44 نائبا محافظا، ولا يمكن فحص المزاج بين نواب المقاعد الخلفية بسبب القيود التي فرضت بعد انتشار فيروس كورونا. ومع ذلك فقد ترددت بريطانيا في أن تخالف شركاءها الأوروبيين بموضوع الشرق الأوسط.
وعندما كان جونسون وزيرا للخارجية لم يتبع مثال دونالد ترامب ونقل السفارة البريطانية من تل أبيب إلى القدس؛ كما أنها استمرت بريطانيا ملتزمة بالاتفاقية النووية، كما أنها لم تعارض أو تتحمس كثيرا لاتفاقيات إبراهيم التي وقعتها الإمارات العربية المتحدة والبحرين مع إسرائيل. ولعبت في الفترة الأخيرة دور الوسيط بين الأمم المتحدة والولايات المتحدة للدفع باتجاه وقف إطلاق النار، حيث رفضت واشنطن دعمه مرتين.
ومن المستبعد أن يتم وضع الأزمة الحالية على أجندة قمة الدول السبع المقررة الأسبوع المقبل في كورمويل، ففي الوقت الحالي تحتل أجندة كوفيد وعلاقات منطقة إندو-باسيفيك الأجندة. ومن الملاحظ أن البيان من 87 صفحة الذي أعلن وزراء خارجية الدول السبع الذي حددت فيه المناطق الساخنة في العالم، لم يذكر لا فلسطين ولا إسرائيل. وسيتبع جونسون جوزيف بايدن الذي لم يظهر اهتماما بالنزاع الإسرائيلي-الفلسطيني، بقدر اهتمامه بوقف حرب اليمن والعودة للاتفاقية النووية والتقارب السعودي-الإيراني.