هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
استهجن سياسيون وحقوقيون مصريون مقترح قانون تقدم به أمين سر لجنة القوى العاملة في مجلس النواب يقضي بفصل أي موظف في الدولة يثبت انتماؤه إلى جماعة الإخوان المسلمين، أو متعاطف معها، وحذروا من أنه يستهدف جميع الموظفين بلا استثناء.
وبرر النائب عبد الفتاح محمد، عضو حزب مستقبل وطن، ظهير الظهير السياسي للنظام المصري، سبب إقدامه على مشروع القانون هو الحرص على المنشأة الصناعية أو الجهة الإدارية التي يعمل بها، وذلك بعد تكرار حوادث القطارات في مصر واتهام موظفين وعمال بالسكك الحديد بالإنتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين، والتسبب فيها.
وكان وزير النقل المصري، الجنرال السابق، كامل الوزير، وذراع قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، في مشروعاته التي ينفذها الجيش، قد ربط بين تكرار حوادث القطارات ووجود موظفين وعمال ينتمون لجماعات "إثارية، لا يريدون الأمن والسلامة لمصر.
وطالب الوزير في كلمة له بمجلس النواب بإدخال تعديلات على قانون الخدمة المدنية، تمكنه من فصل 162 عاملا وفنيّا بهيئة السكة الحديد ثبت له ارتباطهم بأنشطة متطرفة وإثارية، بحسب زعمه للسيطرة على حوادث القطارات المتكررة.
وتجاوز نص مشروع القانون الذي تقدم به النائب المحسوب على النظام استهداف الموظفين الذي ينتمون لجماعة الإخوان، إلى تضمين مادة تجيز فصل كل موظف بالدولة ينشر الشائعات والأخبار الكاذبة عن مؤسساتها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.
اقرأ أيضا: MEE: السيسي يريد طرد كل متعاطف مع الإخوان من وظيفته
وقال منتقدو مشروع القانون؛ إنه يستهدف التضييق على المعارضين من جهة والتستر على الفساد المتفشي في الجهاز الإداري وكبار موظفي الدولة من جهة أخرى، واستخدام القانون كفزاعة للموظفين، وإجبارهم على السكوت إزاء أي فساد في أجهزة الدولة.
قرارات أمنية لا تشريعات قانونية
في السياق، استنكر البرلماني المصري سابقا، عزالدين الكومي، مشروع القانون، قائلا: "ما تضمنه مشروع القانون لا يمت للقانون ولا الدستور بشيء، وغير إنساني، هو أشبه بالقرارات الأمنية منها للتشريعات القانونية التي تستهدف المواطنين جميعا وليس المعارضين، مشيرا إلى أنها قوانين انتقامية مخالفة أيضا للتشريعات والمواثيق الدولية"
النقطة الثانية؛ هذا البرلمان كان يفترض أن يكون أمينا على مصالح الشعب، ويعبر عن طموحه، ولكنه أداة في يد النظام السياسي ما يؤكد أنه برلمان أمني بامتياز، وولاؤه بالأساس للنظام وليس للشعب"، محذرا في الوقت ذاته من أن "مثل هذا القانون سوف يفتح باب الفساد على مصراعيه".
وأوضح وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشورى سابقا، "أن هذا القانون سوف يسمح للمسؤولين والمديرين بالانتقام من موظفيهم لأسباب شخصية بتهم واهية، كما يسمح بتمرير الإجراءات والمعاملات الخاطئة والمشبوهة والفاسدة في أي إدارة أو وزارة، تحت مقصلة التهديد بالفصل من العمل أو الوظيفة، كما أنه يشجع الموظفين على العمل كمخبرين لمديريهم ورؤسائهم".
واعتبر الكومي أن "هيمنة النظام على السلطة القضائية والتشريعية، هما مفتاحا الفساد والتنكيل بالمصريين بشكل عام، وهذا النظام أصبح مسجل خطر، والعالم يعلم ذلك؛ ولذلك تجد دولا مثل روسيا وإيطاليا وفرنسا تبتزه لشراء أسلحة ومعدات وصناعات بعشرات مليارات الدولار مقابل صمتهم عن جرائمه، وعدم فتح ملفاته السوداء في مجال حقوق الإنسان".
ممارسة الفصل منذ 2013
وفي تصريح لموقع ميدل إيست آي، قالت المديرة التنفيذية لمنظمة "الديمقراطية من أجل العالم العربي الآن"؛ "إن مشروع القانون الذي تنوي تقديمَه الحكومةُ المصرية بغية إنهاء خدمات الموظفين المتهمين بالتعاطف مع جماعة الإخوان المسلمين، بغض النظر عن مهاراتهم وقدراتهم المهنية؛ ما هو سوى ممارسة رعناء وجزء من عملية التنكيل والافتراس التي تهدد أمن المصريين وسلامتهم".
وأضافت سارة لياه ويتسون: "يبدو أن حكومة السيسي لن تقنع، إلا حينما تقوم باعتقال كل واحد من عشرات الملايين من المصريين الذين صوتوا لحزب الحرية والعدالة (التابع لجماعة الإخوان المسلمين)."
لكن على أرض الواقع، تقوم السلطات المصرية بالفعل بفصل آلاف الموظفين منذ الانقلاب العسكري في تموز/ يوليو 2103، حيث قامت العديد من الوزارات والهيئات الحكومية بفصل بعض موظفيها بدعوى انتمائهم إلى جماعات "إرهابية"، كان أبرزها فصل 1070 معلما في نهاية 2019.
رفض عمالي للقانون
اعتبر رئيس لجنة العمال باتحاد القوى الوطنية المصرية، سيد حماد، أن مشروع القانون هو خروج عن القانون، وقال؛ إن "أسباب فصل العامل في قانون الخدمة المدنية 10 أسباب في المادة 69 من قانون الخدمة المدنية لسنة 2016 ليس من بينها إذا كان منتميا لجماعة الإخوان المسلمين، بما لا يدع مجال للشك بعدم دستورية هذا القرار".
وأكد لـ"عربي21"، "أن مشروع القانون يفتح الباب على مصراعيه للمديرين لمساومة الموظفين وابتزازهم في أعمال منافية للأمانة، وانتشار الفساد والرشوة، وإلا اتهام الموظف بالتحريض على الدولة والانتماء لجماعة الإخوان، حتى لو كان من كارهي الجماعة".
وحذر من أن "صدور مثل هذا القانون بهذه الفجاجة، وسط هذا الكم من المخالفات الدستورية والقانونية، ستكون له عواقب وخيمة، ويزيد الانقسام بين أفراد الشعب المصري، ويغري الموظفين بعضهم ببعض، ويضيف صفوفا طويلة من البطالة وتشريد الأسر".