هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثار مقترح وزير النقل المصري كامل الوزير بتعديل قانون الخدمة المدنية لموظفي الدولة استنكارا واسعا؛ لأن التعديل يسمح للوزراء بفصل الموظفين بسبب انتماءاتهم السياسية بدعوى أنهم عناصر "متطرفة"، وتعرقل العمل وتكره الخير للبلاد، على حد زعمه.
وحضر الوزير إلى مجلس النواب، الإثنين، بناء على طلبه، وقد حدد بنفسه موعد حضوره للمجلس، بدلًا من الموعد الذي سبق وحدده رئيس المجلس للاستماع له، بعد تكرار حوادث القطارات وسقوط المئات بين قتيل وجريح.
وفي سابقة من نوعها، أرجع الوزير، الضابط السابق بالجيش برتبة فريق، تدهور أوضاع قطاع السكك الحديدية، إلى وجود عمال وموظفين مرتبطين بـ"أنشطة متطرفة"، ولا تريد للسكة الحديد، بل لمصر كلها الأمن والتنمية والسلام. بحسب قوله.
بل ذهب الوزير إلى أبعد من ذلك عندما طالب لإيقاف التدهور في القطاع، وللسيطرة على حوادث القطارات المتكررة بإدخال تعديلات على قانون الخدمة المدنية تمكنه من فصل 162 عاملًا وفنيًا بهيئة السكة الحديد ثبت له ارتباطهم بأنشطة متطرفة وإثارية وتعاطي مخدرات، بحسب بيان لمجلس الوزراء.
وللمرة الأولى منذ فرض حالة الطوارئ على البلاد، أدرج رئيس الوزراء المصري، قبل يومين، "جرائم القتل الخطأ أو الإصابة الخطأ أو التزوير في محررات السكك الحديدية أو الإضرار بأموال هيئة سكك حديد مصر والتي ترتكب من العاملين بالسكك الحديدية أثناء وبسبب تأدية واجبات وظيفتهم، وما يرتبط بكل ذلك من جرائم" ضمن الجرائم التي تختص محكمة أمن الدولة العليا للطوارئ بالبت فيها خلال فرض حالة الطوارئ.
الوزير والأطفال والإخوان
في معرض رده على بعض النواب، قال الوزير المصري: "بخصوص وجود موظفين متطرفين وإخوان في الوزارة، فهي معلومات صحيحة ومعروفة، وحاولت الوزارة بشتى الطرق التخلص من موظفين أجمعت الجهات الأمنية أنهم ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين".
وحمّل الوزير مسؤولية حوادث القطارات إلى جانب العناصر الإثارية إلى وجود "صبية يقومون بفك المسامير وإلقاء الحجارة على القضبان، وينتهي الأمر إلى انقلاب القطارات، ويصورونها بالموبايل"، متسائلا عمن يحركهم، وقال إن هناك من ينام تحت القطار ويصور الأمر بالهواتف.
في حين أن جميع بيانات النيابة العامة المصرية لم تتطرق إلى تلك النقاط من قريب أو بعيد، بل كشفت عن أسباب فنية تتعلق بالإهمال وسوء الإدارة تقف وراء حوادث القطارات الأخيرة، التي شهدتها مصر، وأسفرت عن ضحايا بالعشرات بين قتيل وجريح.
تعديل غير دستوري
بشأن دستورية هذا التعديل الذي يسمح للوزراء بفصل الموظفين من الوزارة تحت دعاوى ربما تكون ملفقة، وصف المستشار محمد سليمان رئيس محكمة سوهاج الأسبق وأحد رموز تيار الاستقلال، الأمر بأنه غير دستوري وقانوني.
وقال سليمان لـ"عربي21": "إن القول بدستورية مثل ذلك التعديل من عدمه حال صدوره، فلم يعد هناك في مصر مجال لقانون أو دستور، الجميع أصبح يعمل لتنفيذ أوامر السيسي وأهوائه والمؤشرات الدولية لوضع سيادة القانون في مصر تؤكد ذلك".
وأكد أن "الإطاحة بالموظفين بسبب آرائهم السياسية يتم منذ الانقلاب بلا قانون، وحديث كامل الوزير من قبيل البحث عن شماعات لتعليق فشله عليها وما جاء على لسانه سخافات لا تنطلي على أحد، ولا تصدر من مسؤول ولا من وزير".
— المراقِب الشرعي (@ALMURAQB_ASSAD) April 26, 2021
— أحمد البقري (@AhmedElbaqry) April 26, 2021
— abdo khalifa (@abdokha46994747) April 27, 2021
عقل ومنطق العسكر
اعتبر القيادي العمالي المصري السابق، طارق مرسي، طلب سن مثل هذا التشريع إفلاسا وانحدارا، قائلا: "مصر تعيش مرحلة مزرية بكل ما تحمله الكلمة، ولربما نكون في أسوأ صور الحياة والحكم صاحبها طلب سن هذا القانون"، مشيرا إلى أن "مثل هذا البرلمان هو كيان مسخ مبتداه التزوير والفساد، ومنتاه غطاء قذر وديكور عفن لكل خيانات السيسي وزمرته من الجنرالات والفَسَدة".
واستنكر عضو لجنة القوى العاملة بمجلس الشورى سابقا مثل تلك المطالب التي تعكس عقلية وتفكير الوزير العسكري: "الحقيقة الوزير العسكري هو النموذج الفج في تزاوج الفساد والفشل، ومن علامات الفُجْر فيه وفي النظام الذي يمثله، أنه يدلس ويغطي على فساده وإخفاقه بفرية أخرى سماها الفاسد الفاشل عناصر إثارية ويقصد الموظفين الإخوان".
واختتم حديثه بالقول: "الواقع في مصر من رأسه إلى كل مفرداته يمثل أعتى صور الظلم والبغي والفساد، والموظفون ليسوا هم فقط المظلومين، بل كل الشعب المسكين المقهور يعاني إجرام هذا النظام وجلاوزته وطفيلياته الملتصقة به".
كامل الوزير والسيسي
بدوره؛ قال البرلماني والسياسي المصري، محمد عماد صابر، إن "هذا الموضوع يطرح كل فترة خاصة في أوقات الفشل والإخفاق والأزمات التي يعانيها النظام؛ لذلك يقوم بتصدير أزماته للغير ولن يجد أسهل من مربع الإخوان داخل مصر خاصة الذين يعملون في الحكومة، بالاعتقال والفصل من الوظائف، وهذا متكرر، ولن تكون الموجة الأخيرة، خاصة أنه لا دستور ولا قانون".
وأشار في حديثه لـ"عربي21": "وقد سبق فصل الآلاف من وظائفهم ولما لجأوا للقضاء تم اعتقالهم ثم اعتقل بعض المحامين الذين يترافعون عنهم، الإخوان ومربع رفض الانقلاب يعاني التطهير العرقي على خلفية فكرية وسياسية".
واعتبر أن طريقة تفكير الوزير تتسق مع تفكير السيسي، "فالوزير رغم الكوارث الأخيرة يرفض الاستقالة ويبرئ نفسه، ويتهم الآخرين، واختزل الأزمة الكبرى في عناصر إثارية، وضرب كل العصافير بحجر واحد؛ تخلص من الرافضين لسياساته الفاشلة داخل الوزارة، ومن المطالبين بحقوقهم المهضومة، وتخلص من الرافضين لبيع السكك الحديدية؛ الجنرالات كلهم نسخة واحدة فاشلون كاذبون".