مقالات مختارة

رسائل «حظر خاشقجي»

محمد سعد عبدالحفيظ
1300x600
1300x600

إثر امتناعها عن اتخاذ أي عقوبات ضد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سليمان الذي حمله تقرير الاستخبارات الأمريكية مسؤولية اغتيال الصحفى السعودي المعارض جمال خاشقجي في سفارة المملكة بإسطنبول قبل عامين، تعرضت إدارة بايدن لضغوط إعلامية وسياسية وحقوقية كبيرة.

تقرير المخابرات المكون من 4 صفحات، الذي رفعت عنه السرية قبل يومين، قال إن واشنطن توصلت إلى استنتاج مفاده أن ولي عهد المملكة العربية السعودية أجاز عملية اعتقال أو قتل خاشقجي في إسطنبول، «نمط العملية يتماشى مع تأييد ولي العهد لاستخدام العنف وسيلة لإسكات المعارضين في الخارج».

إدراة بايدن فرضت عقوبات وحظر تأشيرات تستهدف مسؤولين سعوديين، تقول إن لهم صلة بعملية الاغتيال، لكنها لم تفرض عقوبات على لبن سلمان، وهو ما أثار موجة من ردود الأفعال الغاضبة ضد الإدارة الأمريكية، التي تبدو أنها لا تسعى إلى الصدام مع أقرب حلفائها في المنطقة، واعتمدت على معادلة «التوزان بين القيم والمصالح».

وترى المحللة في معهد الدفاع عن الديموقراطيات في واشنطن فارشا كودوفايور، أن إعلان التقرير والعقوبات المقررة ليست الضربة التي ينتظرها الكثيرون ضد السعودية، «موقف بايدن بشكل عام حول السعودية، هو وضع القيم في قلب السياسة الأمريكية الخارجية وتأكيد حقوق الإنسان والتراجع عن نهج المساومة في السنوات الأربع الأخيرة، مع الحفاظ على علاقتنا بالرياض».

وفيما ينتظر الرأي العام الأمريكي اليوم قرارات جديدة من إدارة بايدن ترفع الحرج عن الولايات المتحدة، تجد واشنطن نفسها في مأزق، فعلاقتها الاستراتيجية بالمملكة لا تقف عند حد القواعد العسكرية أو تأمين سوق النفط أو إحداث التوازن مع طهران ومحاربة الإرهاب، بلا تتعداها إلى صفقات عسكرية وتجارية بمليارات الدولارات، يتم ضخها سنويا في شرايين الاقتصاد الأمريكي.

كريستين ديوان من معهد دول الخليج العربية في واشنطن، ترى أن «فريق بايدن للسياسة الخارجية يتألف من خبراء متمرسين وليسوا ساذجين لدرجة الاعتقاد بأنه يمكنهم تحقيق أهدافهم في الشرق الأوسط دون التعامل مع الدولة السعودية، التي لا تزال ممسكة بزمام النفط والأمن في الخليج حتى ولو بطريقة أقل شمولية، لهذا السبب، استبعدوا فرض عقوبات على ابن سلمان؛ ما يترك مساحة للتعامل مع الدولة السعودية وقيادتها العليا».

على أي حال، يترقب العالم القرارات الجديدة التي ستصدرها إدارة بايدن بشأن تلك الأزمة، فالأمير الممسك بزمام الأمور في المملكة في ظل الحالة الصحية لوالده، لا يمكن أحد توقع ردود أفعاله في حال وجد نفسه معاقبا ومعزولا، فيكفيه ما أصاب سمعته بعد أن تم الكشف عن التقرير الأخير.

بالتزامن مع الإعلان عن التقرير المخابراتي، كشف وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، عن اعتماد واشنطن سياسة جديدة أُطلق عليها «حظر خاشقجي»، تتضمن قيودا على تأشيرات 76 فردا سعوديا، يُعتقد أنهم متورطون في «تهديد المعارضين في الخارج».

وتسمح «حظر خاشقجي» بفرض قيود على تأشيرات أفراد يُعتقد أنهم شاركوا بشكل مباشر في أنشطة مناهضة للمعارضين نيابة عن حكوماتهم تتجاوز حدودهم الإقليمية، بما في ذلك تلك التي تقمع أو تضايق أو تراقب أو تهدد أو تضر بالصحفيين أو النشطاء، أو غيرهم من الأشخاص الذين يُنظر إليهم على أنهم معارضون لقيامهم بعملهم.

وقال بلينكن: «من باب السلامة للجميع داخل حدودنا، لا ينبغى السماح للجناة الذين يستهدفون المنشقين المفترضين نيابة عن أي حكومة أجنبية بالوصول إلى الأراضي الأمريكية».

وتابع: «إلى جانب إرسال هذا التقرير، وكجزء من تعهد الرئيس، تعلن حكومة الولايات المتحدة عن تدابير إضافية لتعزيز إدانة العالم لهذه الجريمة، ولمقاومة الحكومات التي تتجاوز حدودها لتهديد الصحفيين ومهاجمتهم واعتبارهم معارضين لممارستهم حرياتهم الأساسية».،مشيرا إلى أن وزارته سترصد في تقاريرها السنوية أي انتهاك تقوم به الحكومات في ملف حقوق الإنسان، سواء محليا أو خارجيا.

رسائل سياسة «حظر خاشقجي» لن تقف عند حدود المملكة كما أشار وزير الخارجية الأمريكي، فإدارة بايدن عازمة على تغيير السياسة التي اتبعها ترامب مع حلفائه وخصومه في الشرق الأوسط، وعلى حكومات المنطقة أن تفكر كيف ستتعاطى مع توجهات الإدارة الأمريكية الجديدة، وأن تبادر بإعادة النظر في سياستها المتعلقة بملف الحقوق والحريات.

 

(الشروق المصرية)

0
التعليقات (0)