هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
طرحت الزيارة المفاجئة، الأولى عربيا، لرئيس حكومة ليبيا الجديد عبد الحميد دبيبة إلى مصر الآن، مزيدا من التساؤلات حول أهداف الخطوة ورسائلها، ودلالة التسارع المصري للتعاطي مع السلطة التنفيذية الجديدة في ليبيا.
ولاقت زيارة "دبيبة"
ترحيبا مصريا رسميا واسعا، حيث استقبله كل من رئيس الوزراء المصري ووزير الخارجية، ليلتقي
بعدها رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، بحضور رئيس المخابرات العامة عباس كامل.
من جهته، أكد المكتب الإعلامي
لرئيس حكومة ليبيا الجديدة، في بيان وصل "عربي21" نسخة رسمية منه، أن الاجتماعات
مع الرئيس المصري ركزت على أهمية التنسيق مستقبلا، وأن دبيبة قدم الشكر لمصر حكومة
وشعبا على دورها في مسارات الحوار الأخيرة، خاصة المسار العسكري والدستوري.
كما أكد المتحدث باسم الرئاسة
المصرية على أهمية الزيارة، وأنها "لاقت ترحيبا واسعا، وتأكيدا من الرئيس على أنها بداية
مبشرة لمرحلة جديدة، تعمل فيها كافة مؤسسات الدولة الليبية بانسجام وبشكل موحد، على
نحو يرفع المصلحة الوطنية فوق أي اعتبارات"، وفق بيان رسمي.
دعم مصري
وفي الداخل الليبي، تباينت ردود
الفعل حول الزيارة بين مرحبين ورافضين، لتظل الأسئلة: ما أهداف الزيارة الآن؟ ولم الترحيب
المصري الواسع رغم أن دبيبة لم يتسلم مهامه رسميا؟ وهل من علاقة بزيارة رئيس حكومة
ليبيا إلى شرق البلاد الجمعة؟
من جهته، رأى وزير الدفاع الليبي
السابق، محمد البرغثي أن "رئيس الوزراء الليبي الجديد سيجد في الجانب المصري الداعم
والقادر على تحقيق مصالحة حقيقية بين شرق ليبيا وغربها، كون مصر هي المرجعية السياسية
والأمنية للوضع في ليبيا".
وأكد في تصريحات لـ"عربي21"
أن "دور مصر التاريخي في الثقافة والتعليم للشعب الليبي يجعلها الجهة الأكثر
جاذبية لأي حكومة جديدة، كما أن علاقة المؤسسة العسكرية هي الأفضل، كون معظم القيادات
في الجيش الليبي تعلمت وتدربت في مصر، لذا فهي زيارة هامة، وفي توقيت جيد"، وفق رأيه.
في المقابل، قال رئيس منظمة
الديمقراطية وحقوق الإنسان بواشنطن، عماد الدين المنتصر، إن "الزيارة تسير على
نفس خطى سياسات من سبق دبيبة، مثل رئيس المؤتمر العام محمد المقريف، إلى فائز السراج
وغيرهم، أغلبها زيارات مكوكية للخارج، دون استراتيجية وهدف"، وفق تعبيره.
اقرأ أيضا: مباحثات بين السيسي ودبيبة.. واستئناف رحلات ليبيا إلى مصر
وأضاف لـ"عربي21":
"للأسف المواطن هو آخر شيء في حسابات ساسة ليبيا الجدد، وبخصوص مصر بالذات، فهي
دولة عدوان، ولن ترضى لنا الحرية، ولن تسمح بانتخابات حرة أو نزيهة في ليبيا، لذا يجب
اتخاذ استراتيجية فطنة في التعامل معها، وليس الهرولة وراء لقاء حكومتها"، كما
صرح.
لكن مقرر هيئة صياغة الدستور
الليبي، رمضان التويجر، أكد أن "إقامة علاقات متوازنة مع كل الأطراف الإقليمية
والدولية أمر مهم تقتضيه المصلحة الوطنية، ويخدم الاستقرار بليبيا، لذا من المهم أن
تقيم السلطة التنفيذية الجديدة علاقات شراكة متوازنة مع كل بلدان العالم، وعدم قفل باب
التواصل مع أي دولة إقليمية أو دولية".
وتابع خلال حديثه لـ"عربي21":
"أن يتم هذا التواصل بما يحافظ على سيادة ليبيا واستقرارها، خاصة مع دولة مصر ودول
الجوار، التي تمثل جميعها بعدا للأمن القومي الليبي، ولمصر خصوصيتها العربية والإسلامية"،
وفق كلامه.
تأسيس علاقات
الأكاديمي من الشرق الليبي،
عماد الهصك، أشار إلى أن "مصر دولة محورية وفاعلة إقليميا، خاصة في الواقع السياسي
الليبي، ومن صالح أي حكومة ليبية أن تخلق علاقات جيدة ومتوازنة معها. أما الزيارة، فأعتقد
أن هدفها إيصال رسائل طمأنة وحسن نية للرئاسة المصرية، لا سيما بعد تلك القطيعة والخلاف
الحاصل بين القوى السياسية الفاعلة في الغرب الليبي مع مصر، الذي دام لسنوات".
وتابع: "زيارة دبيبة جاءت
لتأسيس علاقات التعاون بين البلدين، وتجاوز خلافات الماضي القريب، وطي صفحته، وأن ليبيا
تحت رئاسة حكومة الوحدة الوطنية ليس لديها أي نية لاستمرار هذا الخلاف، وأن تستبدل به علاقات
سياسية أفضل لصالح البلدين، ومصر بدورها رحبت بهذه المبادرة؛ لأن واقعية السياسة تحتم
ذلك".
واستدرك: "مصر تأكدت مؤخرا
أن المسار السياسي هو الخيار الممكن والواقعي في ليبيا؛ لهذا دعمته بقوة، لا سيما بعد
الزيارات التي قام بها بعض مسؤولي حكومة الوفاق سابقا، وستسعى مصر لعقد شراكة استراتيجية
مع ليبيا في عدة مستويات، أهمها المستوى الاقتصادي والسياسي؛ لأن من صالح مصر أن تستقر
ليبيا؛ باعتبارها سوقا اقتصاديا واعدا"، كما قال لـ"عربي21".