تبدو أهداف حركة
فتح والسلطة
الفلسطينية من الدخول للانتخابات واضحة، فيما لا نستطيع تفكيك قرار
حماس المشاركة فيها، ولا الوقوف على أسبابه.
السلطة وفتح تريدان تجديد الشرعيات، وخاصة شرعية الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ليس بطبيعة الحال من أجل الشروع في مواجهة من نوع جديد مع الاحتلال الإسرائيلي، لكن من أجل العودة مجددا بشرعية جديدة "للعملية السياسية"، حيث تشير كل المعطيات إلى أن الرئيس عباس وحركة فتح ما زالا يتمسكان بالتفاوض كأداة وحيدة في إدارة الصراع مع إسرائيل.
السلطة وفتح تريدان تجديد الشرعيات، وخاصة شرعية الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ليس بطبيعة الحال من أجل الشروع في مواجهة من نوع جديد مع الاحتلال الإسرائيلي، لكن من أجل العودة مجددا بشرعية جديدة "للعملية السياسية"
وليس بالضرورة بطبيعة الحال أن يكون ولوج حركة حماس إلى هذه الانتخابات
للمشاركة في هذا المسار لكن بشكل أو بآخر فإن مشاركتها سيضفي شرعية عليه. وفي سياق محاولتنا لتفسير أسباب دخولها للانتخابات، ربما يكون افتقادها لخيارات أخرى في مواجهة حالة الجمود والانسداد القائمة هو السبب. فهي من جهة تسعى لإيجاد طريقة للخروج من الحصار والعزلة الدولية، ومن جهة أخرى تريد التقاط الأنفاس لترتيب الأوراق.
لكن اعتقاد حماس بأن الانتخابات ستسهم في تحقيق ذلك لها يبدو خاطئا، فربما تجد نفسها في أزمة أعمق، بالنطر إلى
احتمالات خسارتها الانتخابات باعتبار أن الحزب الحاكم دوما يخسر من رصيده الانتخابي، إضافة لاحتمال أن يتجه الناخب لما يسمى "التصويت العقابي"، وبالتالي تفقد حماس شرعية انتخابات 2006 والتي على الأقل تقول إنها تعطيها مشروعية في الاستمرار في إدارة قطاع غزة وحماية مكتسباتها فيه.
ومن جهة أخرى، فإن التجارب السابقة في المصالحات والتوافقات مع الرئيس الفلسطيني تؤكد أن الرجل غير معني بالتوافق ولا بحل أزمة حماس في غزة، بل هو فيما يمكن قراءته من جملة مواقفه تجاه القطاع غير معني بغزة ولا بعودتها، وبالتالي ربما تنتهي الانتخابات لتجديد شرعية فتح والسلطة الفلسطينية والرئيس عباس في الضفة،
وفوز تيار محمد دحلان في غزة، وبالتالي يكون الخاسر الوحيد هي حركة حماس.
ربما تنتهي الانتخابات لتجديد شرعية فتح والسلطة الفلسطينية والرئيس عباس في الضفة، وفوز تيار محمد دحلان في غزة، وبالتالي يكون الخاسر الوحيد هي حركة حماس
وإذا نظرنا للوضع الإقليمي الذي تشير فيه كثير التقارير والمعطيات إلى تحرك دول إقليمية، كمصر والإمارات والأردن، باتجاه الدفع لرأب الصدع بين جناحي فتح، وتمهيد الطريق لعودة القيادي المفصول من الحركة محمد دحلان إلى صفوفها، والمصالحة مع عباس. فلا يمكن استبعاد أن تنجح
هذه الضغوطات في التقريب بين عباس ودحلان (طبعا تحت الضغط)، على أرضية التخلص من العدو المشترك وهو حركة حماس. وعلى الأقل إذا كان هذا الأمر مستبعدا حاليا لاستحكام الخلاف بين الرجلين، فإنه ليس مستبعدا في المرحلة المقبلة.
بتقديري لا يوجد مخرج سوى التوافق وإقرار برنامج سياسي قبل الولوج للانتخابات، لكن الانتخابات بحد ذاتها ليست حلا، بل هي ربما وصفة لتعميق الأزمة عوضا عن تفكيكيها. فقد كانت سببا لانقسام 2006، فكيف يمكن أن تكون أداة للوحدة والتوافق في 2021؟
هل تجرى
الانتخابات الفلسطينية أم لا، ليس هذا السؤال المهم، السؤال الأهم الذي لا تجيب عليه حركتا فتح وحماس حتى الآن: ما هو البرنامج السياسي الذي تجرى عليه الانتخابات؟ بمعنى، في اليوم التالي للانتخابات هل سنواصل الدوران في متاهات أوسلو؟ أم سنخرج منها؟ وإذا كنا سنعتبرها لاغية ما البديل؟
لا يوجد مخرج سوى التوافق وإقرار برنامج سياسي قبل الولوج للانتخابات، لكن الانتخابات بحد ذاتها ليست حلا، بل هي ربما وصفة لتعميق الأزمة عوضا عن تفكيكيها. فقد كانت سببا لانقسام 2006، فكيف يمكن أن تكون أداة للوحدة والتوافق في 2021؟
دعونا نفترض كل السيناريوهات، ماذا
لو فازت حركة حماس في الضفة؟ هل ستسلم فتح والسلطة السلطة لها؟ وهل أصلا ستسمح إسرائيل بذلك وهي تعتقل من الآن وقبل الانتخابات قيادات حماس وكوادرها؟ وإذا كانت ذاكرة البعض سمكية، فقد اعتقلت رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني عزيز الدويك، وأعضاء المجلس المنتمين لحماس عقب فوزهم في انتخابات 2006.
من جهة أخرى، مع الواقع الجديد في غزة، هل ستسلم حماس "ما فوق الأرض وما تحتها" لفتح في حال فوز الأخيرة، وحماس كانت بالأساس قد حسمت الصراع في 2006 لحماية سلاحها ومكتسبات المقاومة وكوادرها؟
أعتقد أن الانتخابات ليست حلا، بل إن أولى الخطوات نحو الحل تتحقق بأن تخبر حركتا فتح وحماس
الشعب الفلسطيني متى سيحلان هذه السُلط المتوهمة، أو يغيروا وظيفتها. على فتح وحماس أن تخبرا الشعب الفلسطيني ماذا حصل بـ"القيادة الوطنية الموحدة للمقاومة الشعبية؟ لماذا كان بيانها الأول هو الأخير؟".