هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
الكتاب: "نظرية الأحزاب.. الأحزاب الأوروبية فوق القومية والبرلمان الأوروبي معالم رؤية مستقبلية"
الكاتب: د. حسين طلال مقلد
الناشر: الهيئة العامة السورية للكتاب، دمشق، الطبعة الأولى 2020
(437 صفحة من القطع الكبير).
في الفصل الأخير من الكتاب، يستعرض الكاتب حسين مقلد، أهم الأحزاب اليمينية المتطرفة في القارة الأوروبية.
1 ـ إيطاليا- تحالف اليمين واليمين المتطرف: تقدم تحالف اليمين واليمين المتطرف في الانتخابات التشريعية الإيطالية التي أجريت في 4 آذار/ مارس 2018 وتشير الاستطلاعات إلى أنّ حركة "خمس نجوم" الشعبوية حصدت قرابة الـ30% من الأصوات، ما يجعلها أول أحزاب البلاد.
ويضم ائتلاف اليمين حزب رئيس الوزراء الأسبق سيلفيو برلسكوني، "إيطاليا إلى الأمام" (فورتزا إيطاليا)، و"رابطة الشمال" المعادية للمهاجرين والأجانب بزعامة ماتيو سالفيني، و"إخوة إيطاليا" (فراتيلي ديطاليا) السيادي بقيادة الصحافية والوزيرة السابقة في حكومة برلسكوني جورجيا ميلوني.
وكان حزب رابطة الشمال يؤثر منذ نهاية الثمانينيات في المشهد السياسي لإيطاليا، حيث شارك عدة مرات في الحكومة. وبعد انتكاسة مرتبطة بفضيحة فساد داخل هذا الحزب صعد زعيم الحزب ماتيو سالفيني في إطار أزمة اللجوء من تصريحاته المعادية للأجانب، ليكتسب الحزب مجدداً مزيداً من التأييد لدى الناخبين، حسب استطلاعات الرأي. ويتمثل أحد أهدافه المنشودة في انفصال شمال إيطاليا المزدهر صناعياً عن جنوبها الفقير.
2 ـ بريطانيا- حزب الاستقلال: حزب الاستقلال البريطاني أحرز في الانتخابات البرلمانية لعام 2015 نحو 13% من مجموع الأصوات، ونظراً لقانون الأغلبية الانتخابي حصل على مقعد واحد فقط. لكن بالنظر إلى مجموع الأصوات، فإنَّه احتل المرتبة الثالثة. والهدف الرئيسي للحزب الذي تأسس في 1993 هو انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. كما يطالب بمراقبة صارمة للهجرة، ويرفض المجتمع المتعدد الثقافات.
من جهته، يُتهم الحزب "الوطني البريطاني" (بي أن بي)، بأنه حزب "عنصري وله علاقات وثيقة بالحركة النازية العالمية، خصوصاً في دول الشمال". ويعتبر الحزب اليميني المتشدد، أن "بريطانيا يجب أن تكون فقط للبيض". ومن أهم قضايا الحزب ، قضايا وقف الهجرة واللجوء وإرسال الأجانب إلى أوطانهم الأصلية، من بريطانيا وباقي دول الاتحاد الأوروبي، ويطالب بإعادة الحكم بالإعدام.
3 ـ فرنسا- الجبهة الوطنية: الجبهة الوطنية الفرنسية التي أسسها جان مارين لوبان في عام 1972 وترأسها حالياً ابنته مارين لوبان صعدت في السنوات الأخيرة إلى أقوى حزب سياسي في فرنسا. ففي الجولة الأولى للانتخابات المحلية عام 2015 أحرزت الجبهة نحو 28 % من مجموع الأصوات وتفوقت على الجمهوريين والاشتراكيين.
يعود نجاح الجبهة اليمينية الشعبوية لأسلوب إدارة زعيمتها مارين التي تحاول في السنوات الأخيرة إضفاء صبغة اجتماعية على الحزب، وابتعدت بوضوح عن الجماعات اليمينية المتطرفة. لكن الجبهة الوطنية تظل وفية لمواقفها المعلنة منذ تأسيسها، فهي قومية ومطلقة ومعادية للنظام القائم ومعادية للسامية. وتروج الجبهة منذ سنوات للتحرك ضد ما أسمته أسلمة فرنسا المفترضة وتدعو إلى فرض عقوبات مشددة على الأجانب الذين يرتكبون جنايات. كما تطالب الجبهة باستقلالية أكبر لفرنسا عن الاتحاد الأوروبي وفرض إجراءات حمائية للصناعة والزراعة الفرنسيتين.
وقال الرئيس الفرنسي السابق هولاند، في مقابلة مع صحيفة "لوباريزيان" الفرنسية، بمناسبة إصدار كتابه الجديد "دروس السلطة": "التهديد الحقيقي يأتي من جانب اليمين المتطرف، وفي ظلّ إدارة ماكرون للبلاد، فإنّ اليمين المتطرف سيحكم البلاد لا محالة، عاجلاً أو آجلاً، خلال الانتخابات المقبلة عام 2022، أو اللاحقة، ليكون الخيار الوحيد الذي لم يجربه الفرنسيون".
كما وجّه الرئيس الفرنسي السابق انتقادات إلى وزير الداخلية الإيطالي، ماتيو سالفيني (يمين متطرف)، ورئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان (يمين متطرف)، ورأى أنهما يسعيان إلى تجميد كل تطور داخل الاتحاد الأوروبي، موضحاً أنّ أوروبا مشيدة على الثنائي ألمانيا وفرنسا.
يقول رئيس البرلمان الأوروبي السابق مارتن شولتز منتقداً حزب "الجبهة الوطنية" اليميني المتطرف في فرنسا: "الجبهة الوطنية حزب يحدد مسؤولين، أكباش محرقة: المهاجرين والحكومة وأوروبا الشرقية والأوروبيون والألمان، أي جهة، عندما نطرح إيجاد حلول ملموسة، مثلاً لمكافحة عمليات النقل إلى الخارج أو المنافسة غير المنصفة: صمت، لا شيء". وسأل: "هل سمعتم باقتراحات ملموسة من الجبهة الوطنية لتسوية هذه المشكلات؟ أين الاقتراحات الملموسة للحزب؟".
4 ـ النمسا- حزب الحرية (النمسا أولاً): توصَّل الحزب المحافظ في النمسا الذي تصدر الانتخابات التشريعية التي جرت في 15 تشرين الأول (أكتوبر) 2017 ، وحزب الحرية اليميني المتطرف الذي يتزعمه هاينز ـ كريستيان شتراخه، إلى اتفاق على تشكيل حكومة ائتلافية. ويعني هذا الاتفاق عودة حزب الحرية إلى الحكومة بعد عشر سنوات على خروجه منها عام 2007. وحصل حزب الحرية على ثلاث حقائب سيادية ووصل قادته إلى السلطة، حيث نال للمرة أولى وزارتي الداخلية والخارجية.
وينتقد حزب الحرية الاتحاد الأوروبي وعملة اليورو ويحرض ضد المسلمين ويتبنّى سياسة معادية للهجرة وطالبي اللجوء ليكتسب بذلك ناخبين محتجين. ولقد عززت أزمة اللجوء هذا التوجه، ولاسيما العمال والشباب والناخبون الكبار وهم من صوت لصالح هذا الحزب الذي يرفع شعار "النمسا أولاً".
5 ـ المجر- حركة مجر أفضل "فيدس": الحزب اليميني الشعبوي بزعامة فيكتور أوربان. هذا الحزب، يمارس التأثير الأكبر على الحقل السياسي منذ بداية التسعينيات في المجر. فمنذ الانتخابات البرلمانية في 2010 يحكم أوربان كرئيس وزراء بأغلبية ساحقة، وهو يستغل سلطته لتغيير معالم الدولة، إذ تمكن بفرض عدة إجراءات أفرغت المؤسسات الديمقراطية ومناهج المراقبة من محتواها، وحجم حرية الصحافة والرأي، وذلك رغم احتجاج بعض الشركاء الأوروبيين. وإلى جانب حزب أوربان يوجد حزب يميني متطرف آخر يُدعى "حركة مجر أفضل" وهي ثالث أقوى كتلة حزبية داخل البرلان تصنّف نفسها كحزب مسيحي قومي محافظ، لكنها تتبنّى في سياستها أفكار مجموعات فاشية تعاونت في الأربعينيات مع النظام النازي آنذاك في ألمانيا.
6 ـ هولندا- حزب الحرية: حزب الحرية بزعامة فون غيرت فيلدرز. ويُعتبر فيلدرز منذ مدة أحد قياديي اليمين الشعبوي في أوروبا، ويدعو الحزب إلى انسحاب هولندا من الاتحاد الأوروبي والتحريض الممنهج ضد المسلمين. وعقب الاعتداءات الإرهابية في باريس طالب فيلدرز بترحيل جميع من هم غير هولنديين.
7 ـ الدنمارك- حزب الشعب الدنماركي: حزب الشعب الدنماركي هو ثالث أقوى كتلة سياسية داخل البرلمان. وبطلبه فرض إلغاء لحق اللجوء انتزع هذا الحزب في الانتخابات البرلمانية في حزيران (يونيو) 2015 نسبة 21.1% من مجموع الأصوات، متقدماً على الحزب اليميني الليبرالي اللذين شكلا في النهاية حكومة أقلية. فسياسة اللجوء الدنماركية تحمل بصمة هذا الحزب اليميني الذي يروج لسياسة معادية للأجانب، لا سيما المسلمين منهم، وينتقد كذلك النهج السياسي القائم ويرفض الاندماج الأوروبي. ورغم أنّ هذا الحزب يبتعد رسمياً عن اليمين المتطرف، إلا أنه يتم ربطه باستمرار بمواقف وشخصيات يمينية متطرفة.
8 ـ اليونان- حزب الفجر الذهبي (XA): حزب "افجر الذهبي" أحرز في الانتخابات الأخيرة عام 2015 نسبة 7% من مجموع الأصوات ليحتل المرتبة الثالثة. هذا الحزب لم يكن ذا شأن حتى تفجر الأزمة المالية في 2009. أحواله تغيرت مع إجراءات التقشف الحكومية الصارمة التي جلبت معها نسبة بطالة عالية، كما أنّ العدد الكبير للاجئين الوافدين على اليونان يزيد من شعبية هذا الحزب اليميني المتطرف الذي ليس له علاقات مع الأحزاب الخرى التي ترفضه.
9 ـ بولندا- حزب "القانون والعدالة": أجندة هذا الحزب معادية لليبرالية ومنتقدة للأتحاد الأوروبي ويعلن دوماً "الأولوية لبولندا"، ويرفض إيواء لاجئين في البلاد. كما توجد حركة يمينية أخرى يتزعمها مغني روك سابق أصبحت ثالث أقوى حركة سياسية في البرلمان تدعو إلى بناء جدار على الحدود مع أوكرانيا. ولكن أصول هذه الأحزاب اليمينية والشعبوية ورسائلها متباينة. فعلى سبيل المثل، حزب القانون والعدالة" البولندي، بر بعد العام 2000، إثر عقدين على انهيار الاتحاد السوفييتي، مع صعود اليمين القومي في أوروبا الوسطى ورجحان كفة حركة فيكتور أوربان في هنغاريا في نهاية التسعينات ومطلع العام 2000 .
في خاتمة قراءتي لهذا الكتاب، يطرح السؤال الآتي: هل ستسهم الأحزاب الأوروبية في تنظيم الحياة السياسية في الاتحاد الأوروبي، باعتباره تجاوزًا تاريخيًا للدولة/ الدولة القومية، وخطوة على طريق طويلة وشائكة قد تفضي إلى أممية ديمقراطية، أو عالم ديمقراطي، أو إلى علاقات ديمقراطية سلمية وعادلة بين الدول، في الحدود الدنيا، فتضمن بذلك تماسك الاتحاد الأوروبي وقوته وديمومته، وكيف يمكنها أن تفعل ذلك؟
يتوقف الأمر في اعتقادنا، على مدى وعي الأحزاب السياسية الأوروبية بمسؤولياتها على تجديد الديمقراطية وترسيخها اجتماعيا وثقافيًا وأخلاقيًا، وفق مبادئ المساواة والحرية والعدالة، لا في دول الاتحاد الأوروبي فحسب، بل في العالم كله، بعيدًا عن استراتيجية "نشر الديمقراطية" كما تنادي بها إمبريالية الفضيلة الأمريكي، كغطاء للتدخل في شؤون الدول الأخرى أو الاعتداء عليها.
إقرأ أيضا: الحزب في الفكر السياسي الغربي.. قراءة في المفاهيم والأدوار
إقرأ أيضا: الأحزاب السياسية دورها أساسي في صنع قرار الاتحاد الأوروبي