سياسة عربية

كيف تحولت ثورة 25 يناير بمصر لكابوس بعد عقد من اندلاعها؟

ذهبت مطالب الثورة الأساسية من الخبز والحرية والعدالة الاجتماعية إلى حد كبير دون إجابة- جيتي
ذهبت مطالب الثورة الأساسية من الخبز والحرية والعدالة الاجتماعية إلى حد كبير دون إجابة- جيتي

قالت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، إن حلم ثورة 25 يناير 2011 في مصر تحول بعد 10 سنوات إلى كابوس، وذهبت مطالب الثورة الأساسية من الخبز والحرية والعدالة الاجتماعية إلى حد كبير دون إجابة.

 

وأشارت الصحيفة إلى أنه "لم يكن يتوقع أشد مؤيدي المظاهرات التي خرجت في 25 يناير 2011 أنها تنجح في الإطاحة بنظام الرئيس محمد حسني مبارك، الذي استمر لمدة 30 عاما، ثم ينتهي الحال بشبابها بعد 10 سنوات إلى السجون".

 

ولفتت إلي أن الشعور السائد حينها كان: "إذا تمكنت الدولة العربية الأكثر اكتظاظا بالسكان من الإطاحة بحسني مبارك -شعار الاستبداد العربي- فقد تكون هناك فرصة للدول الأخرى للتحرر، وبالفعل انطلقت المظاهرات في اليمن وليبيا والمغرب والبحرين وسوريا عقب سقوط نظام مبارك في 11 فبراير 2011".


وأضافت: "لكن بعد عشر سنوات، تم إخماد شرارة الأمل والتغيير هذه إلى حد كبير. فقد انهارت الثورات في سوريا واليمن وليبيا إلى حروب أهلية معقدة، بينما تشهد مصر أشد مستويات القمع في تاريخها".

 

وأوضحت "الإندبندنت" أن آمال الثوار الشباب بمصر تبددت في معركة مريرة بين الإخوان المسلمين والجيش. وبلغت ذروتها باستيلاء قائد الجيش آنذاك عبد الفتاح السيسي على السلطة بانقلاب عسكري ضد أول رئيس مدني منتخب في مصر، محمد مرسي، وفي السنوات التي تلت ذلك، قُتل مئات الأشخاص وسُجن عشرات الآلاف.

 

وتابعت: "كما تم حظر العشرات من وسائل الإعلام المستقلة ومنظمات المجتمع المدني، ومنع النشطاء من السفر ومصادرة أموالهم، بالإضافة إلى فرار المعارضين إلى الخارج".

 

ونقلت الصحيفة عن نشطاء حقوقيين في مصر، توصيفهم للأوضاع التي عاشتها مصر خلال العقد الماضي، وتحول الأحلام الثورية المصرية إلى كابوس خاصة بعد خداع الجيش للمتظاهرين الذين خرجوا للمطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، واستخدمهم كأداة للانقلاب العسكري ضد الرئيس مرسي، ثم زج بهم في السجون.

 

وقالت الناشطة الحقوقية، منى سيف: "أي إجراء بسيط، حتى اتخاذ إجراء قانوني أو إبداء بعض الملاحظات العامة، يمكن أن يؤدي بك إلى السجن، أو قضية أمنية، أو الاختطاف والتعذيب".

وأضاف، مدير المبادرة المصرية لحقوق الإنسان، حسام بهجت: "لا أعتقد أن هناك أي شك في أن هذه هي أسوأ لحظة في تاريخنا الحديث. نحن نعيش في عصر الظلام".

وقالت الصحفية هبة عطا الله، عن تشجيعها للثورة على أول رئيس مدني منتخب في مصر، محمد مرسي: "لقد شعرت بالخطأ بشكل بديهي".

وأضافت: "شعرت أننا نستعد لتحول سياسي كبير من شأنه أن يغير حياتنا... ولكن كان هناك شيء غير صحيح في الاعتماد على الجيش لتحقيق الرغبة في الإطاحة بحكم الإخوان".

 

وتابعت: "كان الجو غريبا. انقلبت وسائل الإعلام الحكومية والخاصة على جماعة الإخوان وأيضا أي شخص ينتقد الجيش".

وفي 3 يوليو 2013، أطاح الجيش بمرسي بعد أن وجه إليه إنذارا اشتهر برفضه في خطاب تحد صرخ فيه بكلمة "شرعية" عشرات المرات. وأقام أنصاره عدة اعتصامات تم فضها بعنف في 14 آب/ أغسطس، في ما تصفه بعض الجماعات الحقوقية بأنه واحد من أكبر عمليات قتل المتظاهرين العزل في التاريخ الحديث.

لكن ما زاد الطين بلة، وفقا للكثير من الحقوقيين، هو احتفال الناس بالعنف. حتى إن بعض الثوار المؤيدين للديمقراطية الذين شاركوا في انتفاضة 25 يناير أيدوا الطريقة الوحشية التي قامت بها قوات الأمن في القضاء على الإسلاميين.

وبحسب الإندبندنت، ستصبح الحياة السياسية في البلاد أقبح. كانت هناك مظاهرات حاشدة لدعم المشير السيسي عندما تولى الرئاسة في عام 2014، بعد انتخابات قال مراقبون دوليون إنها ليست حرة ونزيهة حقا. وكان المجال لانتقاد جميع الأطراف يضيق ويصبح خطيرا.

وعلى مر السنين مع اندلاع الثورات في ليبيا وسوريا واليمن وتحولها إلى الحرب، فقد وسعت الحكومة المصرية المدعومة من الجيش بقيادة الرئيس السيسي حملتها القمعية. فقد احتجزت أي شخص بسبب صلاته بجماعة الإخوان المسلمين المحظورة، بالإضافة إلى الصحفيين غير المرتبطين بالجماعة والعاملين في مجال حقوق الإنسان والمعارضين المناهضين للإخوان الذين أيدوا الانقلاب ومؤخرًا أعضاء من مجتمع المثليين للتلويح بأعلام قوس قزح، والأطباء للتعبير عن مخاوفهم من استجابة البلاد للوباء.

ولكن على الرغم من الانتقادات لسجل مصر الحقوقي الكارثي، فقد نمت مكانة السيسي دوليا حيث نصب نفسه كحصن ضروري ضد الفوضى المتزايدة في المنطقة وجماعات مثل تنظيم الدولة.

وقالت "الإندبندنت"، إن سيف تشعر بالفعل بالهزيمة. لقد أوقفت دراستها لأن شقيقها علاء وأختها سناء خلف القضبان، وتقضي أيامها في التنقل بين السجنين مع والدتها. للمرة الأولى، تفكر الأسرة، المعروفة باسم قدامى المحاربين، وحتى نجوم حركة حقوق الإنسان في مصر، في مغادرة البلاد.

واختتمت سيف حديثها للصحيفة وهي تبكي: "في عهد السيسي، أنا غير قادرة على تخيل أي مستقبل".

 

وتابعت: "في السابق كان الأمر يبدو وكأنه معركة من أجل مستقبل أفضل، لتحقيق أحلامنا، من أجل تأمين شيء لأطفالنا. الآن يبدو الأمر وكأنه معركة من أجل البقاء".

 

التعليقات (0)