هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لعب الإعلام المصري
دورا كبيرا في إعادة مصر إلى مربع الحكم العسكري بعد ثورة 25 يناير 2011، وكان أحد
أهم وأنجع أسلحة المجلس العسكري في إسقاطها وما حققته من مكاسب، وفق سياسيين وخبراء
في الإعلام.
وفي ذكرى مرور أول عقد
على ثورة 25 يناير التي أطاحت بحكم الرئيس المصري الأسبق، حسني مبارك، بعد حكم
امتد لثلاثة عقود، كشف سياسيون وإعلاميون لـ"عربي21" كيف عمل المجلس
العسكري على حصار الثورة والثوار إعلاميا، ثم مقاطعة مكتسباتهم التاريخية التي
تمثلت في أول انتخابات برلمانية ونقابية وجامعية ورئاسية حرة ونزيهة.
وأكدوا أن المجلس
العسكري، أدرك أهمية الإعلام مبكرا في الالتفاف على مكاسب الثورة والثوار، ونجح في
تفريقهم، وعمل على استقطاب المعارضين لحكم الرئيس مرسي، وإظهارهم كقادة سياسيين
ورموز ثورية وأحاطهم بوهج الشهرة وبريقها، مقابل منع الفريق الفائز في كل
الاستحقاقات الانتخابية من الظهور، ومحاصرته إعلاميا.
الإعلام.. السلاح الناجع
وصف المدير العام
لقناة مكملين الفضائية المعارضة، الدكتور أحمد الشناف، دور الإعلام بعد ثورة 25
يناير بالدور الوظيفي، قائلا: "أدرك النظام العسكري في مصر أهمية دور
الإعلام، وعبر عنه السيسي في تسريبات له عندما تحدث عن الأذرع الإعلامية، وأهمية
التأثير عليها وصناعتها والتحكم في المحتوى، والحرص على تصدير فكرة أن الجيش حمى
الثورة على خلاف الحقيقة".
وأعرب عن اعتقاده في
حديثه لـ"عربي21" أن "الإعلام كان أداة الجيش في تفريق صفوف المعارضة ثم
ممارسة دور الوسيط، وبعد ذلك كرس الإعلام لخدمة تيارات بعينها لا تحظى بقبول شعبي
يمكن التخلي عنها لاحقا بسهولة لمواجهة التيار الإسلامي العام".
وكشف أستاذ الإعلام
وخبير المحتوى أيضا، أن المؤسسة العسكرية "منذ بدء حكم الرئيس الراحل محمد
مرسي، مدت المعارضة بكل وسائل الإعلام المتاحة لتأليب الرأي العام على حكم التيار
الإسلامي، واختلاق أزمات ونشرها على جميع وسائل الإعلام، والتأثير على العقل
الجمعي بشكل سلبي ومتكرر كل يوم، وإطلاق مصطلحات (أخونة - دولة المرشد) وغيرها
لصنع حالة من الخوف لدى الشارع".
واختتم حديثه بالقول:
"ولإدراك السلطة العسكرية الحاكمة أهمية الإعلام وخطورته خاصة في اللحظات
الفارقة كان أول شيء قام باستهدافه هي القنوات الفضائية المحسوبة على الثورة مثل
قناة مصر 25 وكذلك القنوات الإسلامية باعتبارها قريبة من الإخوان والتي يمكن أن
تكون منصات متعاطفة معهم فأغلقها واعتقل من فيها بالتزامن مع بيان الانقلاب في 3
يوليو 2013".
اختلال كفة موازين
الإعلام
"الإعلام أول أدوات
المجلس العسكري للانقلاب على الثورة"، بهذه الكلمات أعرب الأمين العام المساعد
للمجلس الأعلى للصحافة السابق، قطب العربي، عن اعتقاده بأن "الإعلام لعب دورا
كبيرا في ضياع مكتسبات الثورة والتمهيد للانقلاب عليها مع التأكيد أيضا أن
الانقلاب كان عسكريا بامتياز وأنه استخدم فقط الإعلام للتمهيد له".
وأضاف لـ"عربي21":
"لم نكن أمام إعلام مهني صاحب رسالة حقيقية تجاه الشعب، ولكننا كنّا أمام
إعلام للثورة المضادة، إعلام صنعته ورعته عواصم إقليمية وأموال خارجية تدفقت على
مصر كجزء من خطة تشويه ومن ثم انقلاب، وقد قام هذا الإعلام الممول سعوديا وإماراتيا
بدوره المرسوم في قلب الحقائق والسخرية من كل شيء، ولَم يسلم من ذلك أول رئيس مدني
لمصر بعد ٦٠ عاما من الحكم العسكري الكامل".
وأشار إلى أن
"الإعلام العسكري (المضاد) سخر كل إمكانياته لتشويه التيارات الإسلامية
الداعمة للرئيس ومحاصرتها وشيطنتها وإلصاق كل نقيصة بها، في وقت لم تمتلك فيه هذه
القوى إعلاما مكافئا من حيث القدرات المالية أو الكفاءات المهنية، كما روج ذلك الإعلام لكذبة الأخونة وهي هيمنة
موظفين ينتمون للإخوان على كل الوظائف العليا والمتوسطة في الدولة رغم أن ذلك لم
يكن صحيحا البتة".
واعتبر العربي أن
"الإعلام لعب دورا كبيرا في تهيئة الشعب لقبول حكم العسكر مجددا، واعتباره
المنقذ (من حكم الإخوان) وبدأ يواجه هتافات يسقط حكم العسكر ويسفهها، وكانت
الكثير من سياسات الإعلام في ذلك الوقت يتم صوغها في مقر المخابرات الحربية ويتم
توصيلها للقيادات الإعلامية عبر لقاءات خاصة في بعض الفنادق والكافيهات في
الزمالك ووسط المدينة".
امتلاك آلة التزوير
وأرجع الناشط، عمرو
عبد الهادي، نجاح إعلام الانقلاب إلى سببين، "الأول: سذاجة الثوار لأنهم
قبلوا باستمرار لميس وعمرو أديب وسيد علي وأحمد موسى بعد تنحي مبارك، وهم أكثر
المؤيدين للنظام البائد، السبب الثاني: نجاح الجيش في إعادة تدوير هؤلاء
الإعلاميين، وهم للأسف كانوا أكثر ولاءا للدولة العميقة، ومن ثم نجح الجيش في
جمعهم على خريطة واحدة، وتوفير الدعم والحماية لهم، وفتح قنوات الاتصال على أعلى
مستوى".
وأضاف
لـ"عربي21": "تم تكوين حركة تمرد وتكريس الإعلام والإعلاميين
والصحفيين للدعاية لها، والتنسيق بين الحركة والمخابرات والإعلاميين كان يجري على
أنه عمل وطني، وكانوا في الواقع مطية لا أكثر ولا أقل، قاموا بتنفيذ مخطط عسكري
وليس وطنيا".
وأردف: "إلى الآن
السيسي فشل في صنع نخبة بديلة لهؤلاء، وهذا أرقه بشكل كبير، وأكثر ما يخشاه
هو انقسام ولاء هؤلاء بين أجهزة الدولة الأمنية المتنافسة، وأعني أمن الدولة والمخابرات العامة والمخابرات الحربية خلال تنافسهم المحموم في التزلف لرأس النظام
الحاكم".