ملفات وتقارير

جيل "ثورة 25 يناير".. كيف يراها بعد 10 أعوام على اندلاعها؟

مشاركون بثورة يناير يعتبرون أن ثورة قادمة مسألة وقت بسبب القمع الشديد- جيتي
مشاركون بثورة يناير يعتبرون أن ثورة قادمة مسألة وقت بسبب القمع الشديد- جيتي

لا يزال الجيل الذي شارك في ثورة 25 يناير بمصر في ذكراها العاشرة التي حلت اليوم، يحلم باستكمالها، على الرغم من القمع الذي واجهته وتحولت من مسار يجلب الحرية لمصر، إلى انقلاب عسكري في وقت وجيز لم تستكمل فيه أهداف الثورة.

وأعرب عدد من النشطاء الذين شاركوا في الثورة، منذ لحظتها الأولى عن استعدادهم للمشاركة من جديد في أي ثورة تقوم، نافين أن يكونوا "نادمين" على تلك المرحلة، رغم الصعوبات والإخفاقات التي حدثت، واستغلها العسكر لحرف مسارها والاستحواذ عليها بحسب قولهم.

وكان المصريون خرجوا في مثل هذا اليوم قبل 10 أعوام، في ذكرى عيد الشرطة، بمظاهرات حاشدة وغير مسبوقة، جابت العديد من شوارع العاصمة القاهرة، بدأت بهتافات تطالب بإصلاح نظام حسني مبارك، لكنها تطورت بشكل سريع مع التصدي الأمني، إلى مطالبات بإسقاطه، مع وقوع قتلى وإصابات في صفوف المتظاهرين.

وتحولت التظاهرات إلى اعتصام مفتوح في ميدان التحرير الرئيسي وسط القاهرة، والذي كان يمثل أيقونة لـ"الثورة"، ورغم محاولات الهجوم عليه بواسطة "البلطجية"، إلا أن المتظاهرين صمدوا حتى أعلن مبارك تنحيه عن الحكم وتسلم المجلس العسكري سلطاته.

فكيف يرى الجيل الذي عاش لحظات ثورة يناير تلك المرحلة؟

الدكتور سمير الوسيمي أكاديمي واستشاري في الإدارة الاستراتيجية، وأحد المشاركين في ثورة يناير، رأى أن الحديث عن ثورة يناير يفتح جروحا كبيرة، لأنها تمثل أعلى درجات سلم الأحلام للمصريين في العيش بحرية بعيدا عن الاستبداد والظلم الذي فتحوا أعينهم على الدنيا وهو يمارس بحقهم.

وقال الوسيمي لـ"عربي21": "ثورة يناير تمثل حلما لا يزال مستمرا حتى اليوم، لكن الألم الكبير في الأمر هو إخفاقنا في تثبيت الثورة، وتمكينها، رغم الكثير من الظروف والعقبات والمصاعب، خاصة أن هناك عسكرا في الأمر وقيادات وتنظيمات ومصالح ومطامع كبيرة في تلك الفترة، وعدم فهم ومعرفة لشكل المرحلة الانتقالية، وهو ما أضاع الحلم آنذاك".

لكنه أشار إلى أن "الحلم لا يزال مستمرا، وجيل يناير موجود، وحتى الجيل القادم الذي رآى مستويات كبيرة من الظلم بالتأكيد لديه دافعية للتخلص منه، خاصة وأن القمع يفوق ما كان يحدث أيام حسني مبارك".

وشدد الوسيمي على أن "حلم التغيير والتحرر من الظلم، موجود الآن عند جيل لا تعرف ردة فعله، ولن يتوقع أحد شكل تحركه، رغم أن الدافعية الآن غير موجودة بسبب انعدام القدوات في المعارضة أو شكل التحرك، لكن المطلب الأساس بالحرية موجود بشكل أكبر من تلك المرحلة".

 

اقرأ أيضا: 10 سنوات على ثورة يناير.. القسوة سلاح السيسي لمنع تكرارها

 

وقال إن جيل 25 يناير، "شهد قيادات مهترئة في المعارضة، في الوقت الذي كان لديه حماس كبير لإنجاح الثورة، لكن أيضا كان يفتقد للموارد البشرية والعلاقات والتمويل، والتي هي بالمحصلة موجودة بصورة هائلة عند العسكر، وهو ما ساعده على إبقاء قبضته الغليظة حتى الآن على رقاب المصريين".

ولفت الوسيمي إلى أنه لو عاد به الزمن للوراء، "فلن أتأخر عن المشاركة، لكن ربما تكون بعقل آخر وتفكير مختلف، لكن تحرير الإنسان من القيود التي كبل بها هو الأمل والحلم".

وشدد على أن محاولة اجترار الأحداث مرة أخرى، والاعتقاد أن ثورة يناير يجب أن تتكرر بنفس السيناريو هو الخطأ الأكبر، وقال: "أي وسيلة أو طريقة يمكن أن تستعيد روح ثورة يناير وتحقق الحرية للمصريين، هو إنجار وتحسب لثورة يناير وتعد إحدى نتائجها، ولسنا في إطار استعادة أحداث بعينها ومواجهات معروفة لنقول إن ثورة يناير ستعود بهذه الصورة، لأن التاريخ صار تاريخا وانتهى وتبقى روحه".

من جانبه قال الناشط والصحفي المصري حسام الوكيل، وهو مشارك في أحداث الثورة، إن يناير "حلم لم يكتب له النجاح، لكنه لا يزال متجذرا في نفوس من صنعوه، لأن الصراع في مصر بات واضحا اليوم أكثر من أي وقت آخر".

ولفت الوكيل لـ"عربي21"، إلى أن "ثورة يناير كانت دوافعها خليطا من ظروف اقتصادية صعبة، ومناخ سياسي مقفل، لكن اليوم الوضع أكثر عمقا، وهذه جميعا أعراض للحكم العسكري السبب الرئيسي لكل الأزمات التي تمر بها مصر، والشعب مقتنع بضرورة التغيير وإسقاط الحكم العسكري، في حال توفرت قيادة مناسبة وقادرة على تحمل المسؤولية".

وأضاف: "رغم المعاناة الكبيرة نتيجة إفشال هذا الحلم، إلا أن الندم لم يتسلل إلينا لمشاركتنا في الثورة، لأن القيمة التي تمثلها تستحق الكثير وأن نقوم بثورة اخرى، لكن الخطأ الكبير أننا سلمنا الثورة لمن هم ليسوا أهلا لها، وأدوا إلى نتائج كارثية".

لكن على صعيد المستقبل، رأى الوكيل، "أننا أمام تحد حقيقي، والإشكالية الأساس من وجهة نظري ليست المؤسسة العسكرية، لكن فيمن قاد المعسكر الثوري، لذلك لو تصدر الشباب الآن ووضعوا رؤى حقيقية، في كيفية تحييد القوى الإقليمية أو اجتذابها، وحل مشكلة هيمنة العسكر، وإعادة بناء المجتمع المصري الذي حطموه خلال سنوات الانقلاب، سيكون المستقبل أكثر إشراقا وتستعاد روح يناير".

بدورها قالت هبة حسن المديرة التنفيذية للتنسيقية المصرية للحقوق والحريات والناشطة في ثورة 25 يناير: "إن الثورة كانت حدثا جديدا على المصريين في ذلك الوقت، وهم كانوا يسمعون عن ثورات في الخمسينيات وغيرها، لكن ما جرى كان خروجا للشعب كله أمام بطش النظام، رغم أن الطريق طويل وصعب ومليء بالخسائر لتحقيق الحلم".

وأوضحت هبة لـ"عربي21" أن تجربة يناير، "حملت الكثير من الدروس القاسية لمن شاركوا فيها، والجميع تعرض للأذى من قتل وسجن وتشريد خارج مصر بصورة غير مسبوقة".

وأضافت: "نحن الآن أكثر وعيا، لتجنب الخداع مرة أخرى، والمطلوب هو التجمع مجددا لأن المهمة صعبة في نيل الحرية مرة أخرى واسترجاع روح يناير رغم ما عانيناه خلال 10 أعوام".

 

وذكرت الحقوقية والناشطة المصرية أنه لو عاد بها الزمن لكانت أكثر حرصا على المشاركة في الثورة، بل كانت ستشارك بفاعلية في صفوف الإعداد للثورة، منوهة إلى أنها كانت ستنشغل أكثر بـ "تشبيك حقيقي بين مختلف قوى الثورة، من أجل إيجاد مساحات تشاركية واعية بين كل شرائح الشعب لتستطيع الصمود أمام مكائد وخطط الثورة المضادة".


أما الإعلامي والناشط في ثورة يناير سامحي مصطفى فقال إن ثورة يناير، "كانت شرارة لمرحلة جديدة، من الحرية وامتلاك القرار للإنسان في بلاده، ونقلها إلى مرتبة كالدول المتقدمة، ونكون في الصدارة بتحقيق أحلام المهمشين".

ورأى مصطفى في حديث لـ"عربي21" أن يناير "كان انطلاقة لتحرير مصر من قبضة عسكرية منذ عشرات السنين، لكن توقيتها كان مجهولا ولم يكن مخططا له، ولو عاد بي الزمن إلى الوراء لكنت من أول المنادين بها، لأنها فعل سام لتحرير المصريين، الذين دخل أغلبهم تحت خط الفقر، وعانوا من إذلال النظام لهم".

وشدد على أن "التجربة المريرة التي عاشها في السجن نتيجة الانقلاب على ثورة يناير، لم تدفعه للشعور بالندم على المشاركة فيها وتصدرها" وقال: "صودرت أموالي وحكمت بالمؤبد ووصلت إلى عتبة الإعدام، لكن مبدأ الحرية أمر عظيم ولو عادت الثورة ثانية سنكون أول من يشارك فيها بعقل جديد وأساليب جديدة ونتعلم من أخطاء الماضي".

وقال إن القمع الحالي، يؤشر إلى أن الجيل القادم "لو خرج فلن يعود مرة أخرى، ولا يمكن لأحد التنبؤ بموعد ثورة الناس، لأن ما يجري بحقهم يفوق كل الوصف، وأكثر بدرجات مما فعله مبارك حتى اندلاع ثورة يناير، لأن كل فئات الشعب الآن تتعرض للتنكيل، حتى الأطباء الذين يواجهون فيروس كورونا في السجون، ولذلك فحلم يناير سيتحقق في لحظة ما".

التعليقات (2)
أحمد النسناس
الثلاثاء، 26-01-2021 08:11 ص
أضيق طرق التغيير لنظام "وطني" هي العمل السياسي، العمل العام المجتمعي والخيري والثقافي هي الميدان الأكبر للتغيير، خاصة أنه تبين أن التغيير في بلادنا ما هو إلا صراع داخلي أمريكي بين صناع القرار هناك. ثوري سابق ترك الهيجان، وكره السياسة وأهلها.
ابوعمر
الثلاثاء، 26-01-2021 06:29 ص
هذا الجيل(الثوري) القادم يجب أن يشحذ السيف لا القلم لتطهير الارض والبلادوالأوطان العربية من الطغاة وميشياتهم العسكرية بقايا المحتل الغربي الصليبي...لا سلمية مع الكلاب السعرانة