قضايا وآراء

دروس استراتجية من ثورة يناير

إبراهيم الديب
1300x600
1300x600
أجندة وزاد جولتنا الثانية: أهم عشرين درس تعلمناها من ثورة يناير المجيدة..

تماما كما دفع المسلمون في أُحد ثمنا غاليا؛ سبعين شهيدا على رأسهم سيد الشهداء حمزة ليتعلم المسلمون على مدار التاريخ البشرى دروسا استراتجية ستظل عالقة في ذهن الأمة حتى قيام الساعة، دفع الشعب المصر وما زال يدفع أثمانا كبيرة لتعلم الدروس الاستراتجية المؤكدة من ثورة يناير المجيدة.

ليس معنى ذلك أن نظل نخطئ وندفع حتى نتعلم وننتصر، فالعاقل والحكيم هو من يحسن التفكير والإعداد، ليقلل من نسب خطئه، كما أنه يتعلم من دروس التاريخ ومن أخطاء غيره، وكذلك من أخطائه مرة واحدة ولا يكرر، فلا يلدغ مؤمن من جحر مرتين.

في هذا السياق أعيد على الأبصار والأسماع والقلوب المتطلعة والساعية إلى التحرر بعضا من أهم الدروس الاستراتجية للجولة الأولى من أعرق ثورات التاريخ المصري والعربي والإنساني، ثورة يناير المجيدة، لتكون زادا ورصيدا فاعلا من الخبرات ورأس المال الثوري للجيل الحالي والأجيال التالية في الجولة الثانية، والتي لا نتمنى لها جولة ثالثة.

ويتوقف ذلك على جودة استفادتنا وإعدادنا وتجهيزنا للجولة الثانية، حتى نكمل ثورتنا بنجاح.

أهم الدروس الاستراتجية

هي أجندة ومفكرة في جيب وعقل وقلب كل ثائر حر، دليل ونور يهديه في فتن وظلام الحراك الثورى المتلاطم، بالأعداء والعملاء والخونة ووتجارة وسماسرة ومرنزقة الثورة، فتنيره وتحوله إلى طريق واضح ومحدد. إنها دروس الثورة التي دفعنا ثمنها غاليا من دماء شهدائنا ومصابينا ومعتقلينا ومشردينا، فاحفظوها وحافظوا عليها وعلموها لغيركم.

1- الثورة ليست مغنما، إنما هي مغرم وتضحيات كبيرة.

2- الثورة تخطيط وإعداد وجولات متتالية ومنتظمة ومهدفة، وليست فعلا عشوائيا فجائيا.

3- الثورة مستمرة، وليست موسمية أو ذكرى نتذكرها ونحتفل بها سنويا.

4- الثورة شاملة على النظام كله بأشخاصه وأفكاره وتوجهاته ومؤسساته.

5- الثورة إعلان تمرد وخروج كامل على النظام الحالي بكل مكوناته، وليست معارضة لجزء أو بعض منه ومن أفعاله.

6- الثورة صراع حقيقي بين قيم العبوية والاستبداد والقهر، وقيم التحرر والعزة والكرامة الإنسانية الوجودية.

7- الثورة تبدأ من داخل النفس بإعلان التوحيد والعبودية الخالصة لله تعالى، والخروج ضد الحاكم المستبد الذي نصب نفسا إلها وفرعونا جديدا على الناس من دون الله تعالى.

8- الثورة صراع صفري يبدأ بالنقاط حتى يتم حسمه نهائيا بين نظامين؛ أحدهما استبدادي والآخر تحرري، نتيجته بقاء أحدهما وغياب الآخر من الساحة وربما من الوجود.

9- الثورة إعلان وتحرك قوي لانتزاع حق الحكم والثروة المسروق ظلما وعدوانا وغشا وغيلة بانقلاب عسكرى غاشم، وليس مطالبة ولا مناشدة ولا تسولا لبعض المنح والعطايا والمكاسب.

10- الثورة كاملة حتى تكمل مهمتها بتغيير شامل للنظام وإحلال بديل ديمقراطي شعبي كامل مكانه، فلا يوجد نصف ثورة، ولا حلول جزئية أو مرحلية ولا لقاء في منتصف الطريق.

11- الثورة لتحرير الوطن وانتزاع حقوق وكرامة شعب، وكتابة تاريخ جديد، وليست هبة شعبية للقصاص من قتلة الثوار ولصوص الشعب.

12- الثورة بمراكز التفكير والبحوث والتخطيط والميادين، وليست بالاستديوهات وعلى السوشيال ميديا.

13- الثورة تحتاج رجالا حقيقيين يمتلكون قوة القيم والمبادئ والمعرفة والرؤية والعزم على العيش لأوطانهم وشعوبهم، وليست للتافهين أشباه الرجال المنتفعين، ولا للأرجوازات المسلين المتلاعبين بعقول وعواطف الجماهير.

14- الثورة الحقيقية تطور ذاتها حتى تستكمل مكوناتها واستحقاقات نجاحها:

أ- التحول إلى حركة تحرر وطنى موسسية ناضحة لإدارة الحراك الثوري.

ب- وعي شعبي كبير يصنع إرادة جمعية قوية واحدة للشعب ضد نظام الحكم الاستبدادي.

ج- قيادات بديلة لإدارة كافة مفاصل الدولة بديلا عن النظام ودولته العميقة.

د- مشروع وطني بديل يتكون من مشروع ثقافي للهوية الوطنية الواحدة لكافة مكونات الوطن، ومشروع اقتصادي وسياسي يعبر بالدولة إلى الاستقرار والتنمية.

15- شرعية القيادات الثورية تأتي مما أنتجته وأنجزته للثورة، ومن تواجدها وفاعليتها في الميادين، وليس بتواصلها مع سفارات الدول الأجنبية وحصولها على الدعم الإقليمي والدولي أو بفرضها وتلميعها على شاشات الإعلام والسوشيال ميديا.

16- الثورة مركز ومجمع للمبدعين والمبتكرين أصحاب الأفكار والنظريات والخطط والسياسات الثورية المتجددة المبتكرة المفاجئة للمستبد ونظامه، وليست مقهة وتجمعا للمفلسين الفاشلين.

17- الثورة لأصحاب الرأي الشجاع الجريء الواضح المعلن البيّن برفض النظام الانقلابي والخروج الكامل عليه، وليست للأكاديمي المراوغ المداهن، مدعي الحكمة والإصلاح بين الطرفين، اللاعب على الحبلين، الآكل على كل مائدة.

18- الثورة للمتدينين الحقيقيين أصحاب المبادئ والمواقف الثابتة والتضحيات الواضحة لخدمة الوطن والشعب والتحرر من المستبد الغاشم، وليست للمتدينين المزيفين المستضعفين المستسلمين، ولا المداهنين ولا الأيديولوجيين العاملين لمصالح تنظيماتهم وأحزابهم من دون الشعب.

19- الثورة للمفكرين العاملين المتفائلين، صناع الأمل والمشاريع والوسائل والأدوات، وليست للمنظرين أو المحبطين أو للحالمين الواهمين.

20- الثورة للمهمومين العاملين لها، المترقبين لفرصة العودة إلى الداخل للتواجد في الميادين، وليست للباحثين عن الجوازات البديلة والأمن والاستقرار الدائم خارج أوطانهم.
التعليقات (0)