ملفات وتقارير

تحذيرات من خطورة سن قانون "جرائم المعلوماتية" بالعراق

مختصون قالوا إن بنودا في المسودة تناقض القانون العراقي- جيتي
مختصون قالوا إن بنودا في المسودة تناقض القانون العراقي- جيتي

أثارت مسودة قانون "مكافحة جرائم المعلوماتية" العراقي، الذي تعتزم قوى سياسية إقراره في البرلمان، جدلا واسعا بين ناشطين ومشرّعين، كونه يحتوي على مواد وصفها مراقبون بأنها "خطيرة للغاية".

الحديث عن قرب تشريع القانون المثير للجدل يأتي في وقت يستعد فيه العراق لإجراء انتخابات تشريعية مبكرة في حزيران/ يونيو 2021، بعد حركة احتجاجات واسعة اندلعت في تشرين أول/ أكتوبر 2019، وأطاحت بحكومة عادل عبد المهدي.

خطورة القانون

وتعليقا على الموضوع، قال الخبير القانوني، علي التميمي، إن مشروع القانون فيه مشكلات كثيرة، ابتداء من العنوان إلى الأسباب الموجبة، فضلا عن المواد، فمثلا اسم القانون "مكافحة جرائم المعلوماتية" في حين هناك في إقليم كردستان أطلق عليه "معالجة التجاوز على المواقع الإلكترونية".

وأضاف التميمي في حديث لـ"عربي21" أن "القانون لم يضع لنا معيارا ثابتا بين النقد والانتقاد، إضافة إلى أنه لم يبين الجهة المعنية بتطبيق القانون وضبط إيقاعه، بمعنى عندما تقع جريمة مشهودة، كيف تضبط؟ وإذا ما جرى اختراق صفحة الشخص على مواقع التواصل، كيف يجري التعامل مع الأمر؟".

وأوضح أن "القانون لم يعالج جرائم المخدرات والتزوير وخيانة الأمانة والاتجار بالبشر، وأيضا هو عودة إلى قانون العقوبات المختص بجرائم الاعتداء على أمن الدولة، وهذا أمر خطر؛ لأن فيه إعدامات وشرّع عام 1969"، منوها إلى أن "قانون جرائم المعلوماتية" يخالف ميثاق العهد الدولي في المادة 21، وأن العراق موقع على الحقوق المدنية والسياسية لهذا الميثاق.

التميمي لفت إلى أن القانون جاء بمصطلحات فضفاضة لم تعرّف، منها: "الاعتداء على القيم الدينية، والأذى المالي، والجهات المعادية، هذه كلها ليست واضحة، لأن القاعدة القانونية تقول إنه لا اجتهاد في مورد النص. وفي التشريع يجب أن يكون النص صريحا وواضحا غير قابل للاجتهاد".

وأشار الخبير القانوني إلى أن "واحدة من مشاكل قانون الجرائم الإلكترونية، أنه يعاقب المحرض على التحريض حتى وإن لم تقع الجريمة من الفاعل، وأن هذا الشيء غير موجود في قانون الجريمة، لأن الجريمة لم تحدث".

توقيت التشريع

وبخصوص توقيت طرح القانون، قال التميمي إن "النقطة الخطرة في توقيت هذا القانون، إنه يجري تشريعه في ظل غياب المحكمة الاتحادية؛ لأنها لا تستطيع الانعقاد كونها غير مكتملة النصاب بسبب غياب عدد من أعضائها، وبالتالي إذا جرى التصويت على القانون فإنه لا يمكن الطعن به".

ورأى التميمي أن "الأمر الثاني في توقيت طرح القانون، هو ربما قرب الانتخابات التشريعية، لأنه قبل كل انتخابات تنطلق حملات الإسقاط والجيوش الإلكترونية".

 

 

اقرأ أيضا: حكومة العراق: جهات هربت قتلة الهاشمي بعد يوم من اغتياله


وفي السياق، رأى المحلل السياسي غانم العابد، أن "توقيت طرح القانون هدفه إلى لمنع دعم أي حركة احتجاج في المستقبل، وعدم محاولة مهاجمة الأطراف السياسية قبل إجراء الانتخابات المبركة، لهذا فالأطراف السياسية تسعى إلى إسكات الجميع".

وأضاف العابد في حديث لـ"عربي21" أن "القانون إذا شُرع فذلك يعني إنه بمجرد أن تنتقد سياسيا أو أي حالة سلبية تواجه السجن، فهل نحن أمام جمهورية الخوف من جديد؟".

واتساقا مع ذلك، قال نقيب الصحفيين العراقيين رئيس اتحاد الصحفيين العرب، مؤيد اللامي، إن "قانون الجرائم المعلوماتية، بصيغته الحالية، يخالف الدستور، ولا يوجد مثله في أي دولة في العالم".

ولفت اللامي في تصريح تلفزيوني، الثلاثاء، إلى أن "البرلمان وعد بمراجعة القانون"، محذرا من أن "السجون ستكون مليئة بالصحفيين في حال إقرار هذا القانون".

"كذبة الديمقراطية"

وعلى صعيد تأثير القانون على حرية الرأي والتعبير، قال غانم العابد إن "قانون جرائم المعلوماتية ظهر مع بداية نهاية الاحتجاجات، إذ كان لمواقع التواصل الاجتماعي الدور الكبير في دعم هذه الاحتجاجات، والكشف عن الكثير من الجرائم والمجازر التي طالت المتظاهرين".

وبحسب العابد، فإن "أغلب من يستخدم الجيوش الإلكترونية وحملات الإسقاط هي الأطراف المرتبطة إما بالمليشيات أو بجهات سياسية، فبمجرد أنك تكتب أي تعليق ضدهم تهاجمك هذه الجيوش".

العابد أوضح أنه "يوم بعد يوم نتأكد أن موضوع الديمقراطية هي كذبة كبيرة، بدليل أنه ليس لا يوجد قانون حاكم، وإنما هناك مليشيات منفلتة بإمكانها اغتيال واختطاف وتعذيب أي شخص، وهناك مافيات مسيطرة على المال العراقي".

وشدد على أن "العراقيين لم يتبق لهم من كل الأحداث التي جرت قبل وبعد الاحتلال إلا الصوت، وهذه الحكومات تسعى إلى إسكاته"، مؤكدا: "نحن أمام وضع خطير جدا، فإذا مرر القانون ليس بإمكان أي مواطن عراقي إنقاذ هذه الأطراف السياسية، والكل يعلم أنها إما فاسدة أو متواطئة أو فاشلة".

من جهته، اعتبر مركز "ميترو"  للدفاع عن حقوق الصحفیين أن قانون مكافحة جرائم المعلومات أسوأ القوانين الكاتمة لحرية الرأي والتعبير، واصفا إياه بالانتهاك لمبادئ الديمقراطية.

وأعرب المركز في بيان صدر عنه، الأربعاء، عن "رفضه الشديد لمشروع قانون مكافحة جرائم المعلومات الإلكترونية بصيغته الحالية، الذي تم قراءته الأولى في البرلمان العراقي، في انتظار القراءة الثانية ومن ثم إقراره بعد إجراء بعض التغييرات الشكلية عليه".

ولفت "ميترو" إلى أن "التعديلات لم تغير شيئا في جوهر القانون، باعتباره من أسوأ القوانين التي تكتم حرية الرأي والتعبير، والتي تتناقض مع الكثير من مواد الدستور العراقي، ومنها المادة 38 ومواد أخرى".

ورأى المركز أن "القانون يستهدف جميع المواطنين، وأنه بمجرد نقد بسيط لمسؤول أو ظاهرة سلبية، أو شكوى لمواطن بسيط عن سوء الأحوال، جميع ذلك سيكون تحت طائلة هذا القانون التعسفي، وسيعرض صاحبها لعقوبات تبدأ من سنتين سجن إلى المؤبد، أو غرامة 3 إلى 50 مليون دينار عراقي (42 ألف دولار أمريكي)".

التعليقات (0)