هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تحدث الكاتب الفلسطيني رجا شحادة، في مقال بمجلة "فورين بوليسي"، عن مسيرة المفاوض الفلسطيني وأمين سر منظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، الذي توفي قبل أيام متأثرا بإصابته بفيروس كورونا.
وأضاف شحادة في مقاله الذي ترجمته "عربي21" أن عريقات المفاوض، الذي لا يكل أو يمل، آمن حتى النهاية بالدبلوماسية، وقدرتها على حل نزاع الشرق الأوسط، وإنشاء دولة فلسطينية إلى جانب "إسرائيل".
ولم يكن طريقه سهلا، بسبب العناد الإسرائيلي. وبعد سنوات من المفاوضات العبثية، أدار الكثير من الفلسطينيين ظهورهم للعملية السلمية والمفاوضات، لكن صائب الذي كان يملك لسانا حادا وبديهة سريعة لم يتزحزح عن إيمانه.
ويشير الكاتب للقائه مع "صديقه" صائب لأول مرة، وكان في 1983، عندما عاد من برادفورد في بريطانيا التي أكمل فيها دراسة الدكتوراه، وترك انطباعا جيدا لدى الكاتب من ناحية فصاحته وطاقته.
مفاوضات واشنطن
ومثل بقية أعضاء الوفد الفلسطيني الذي شارك في مفاوضات واشنطن، لم يعرف صائب عن القنوات السرية التي بدأتها منظمة التحرير نهاية عام 1992 في أوسلو إلا بعد عام، ووصلته الأخبار في صيف 1993 عندما كان في طريقه لحضور جولة أخرى من المفاوضات في واشنطن.
وكانت صدمة له، بحسب الكاتب، لكن الصدمة الأكبر هي عدم وضع شرط لتجميد المستوطنات، وهو مطلب الوفد الفلسطيني إلى واشنطن.
واستطرد الكاتب: "عمل صائب بجد في المفاوضات، حيث عين في 1994 كبيرا للمفاوضين الفلسطينيين، ووزيرا للحكم المحلي بعد إنشاء السلطة، بالإضافة لمهام في منظمة التحرير، كما انتخب مرتين للبرلمان الفلسطيني عن مدينة أريحا، ثم انتقل إلى المدينة الصحراوية؛ نظرا لجفاف جوها، ولأنها ساعدته في مرضه الذي كان يعاني منه، وهو التليف الرئوي.
اقرأ أيضا: إعادة تداول لمقطع روى فيه الراحل "عريقات" تجربة "الموت"
وخلال عمله، التقى "صائب" رؤساء الدول والمسؤولين الكبار، وكان يظهر تصالحا في مرات، ويؤكد على موقفه. وفي السنوات الأخيرة، ترأس صائب اللجنة الوطنية العليا لمتابعة محكمة الجنايات الدولية؛ بهدف تقديم الإسرائيليين المتهمين بجرائم إلى العدالة.
ولفت الكاتب إلى أنه حتى اليوم فشلت اللجنة التي يعتبر الكاتب عضوا فيها بمنع الإسرائيليين من مواصلة الانتهاكات من دون خوف من العقاب. وفي حزيران/ يونيو هذا العام، أطلق الجيش الإسرائيلي النار على ابن أخ صائب عندما كان يقترب من حاجز للجيش قرب بيت لحم.
وظل صائب يواصل عمله، ويناور داخل السياسة الفلسطينية الفوضوية وسياسات رئيس الوزراء المتطرف بنيامين نتنياهو. وظل يقابل المسؤولين الإسرائيليين حتى بعد مواصلة نتنياهو بناء المستوطنات في الضفة الغربية والقدس للقضاء على حلم الدولة.
الصبر والعزيمة
وشدد شحادة على أنه "عندما نقل دونالد ترامب السفارة الأمريكية إلى القدس، اهتز إيمانه بالدبلوماسية، وأخبر صحيفة هآرتس الإسرائيلية بأن حلم الدولتين انتهي، وحان الوقت لتحويل الكفاح نحو حل الدولة الواحدة والحقوق المتساوية للجميع على أرض فلسطين التاريخية".
وحتى بعد هذه النكسة وتهديدات إسرائيل بضم أجزاء من الضفة، واصل "صائب" جهوده لتحقيق حل الدولتين، وفي كتابه "الإمام علي والمفاوضات"، قال فيه إن "الإمام علي يؤكد على أهمية الصبر والعزيمة كعمودين للتفاوض بين الناس، والصبر هو واحد من دعائم الإيمان والطريق للنصر. وفي الحقيقة هو القلب النابض للسياسة والعلاقة بين الناس والأمم".
وبحسب الكاتب، كان لدى صائب، الصبر والعزيمة، لكن صحته تدهورت في السنوات الماضية. وفي 2017، أجريت له عملية زراعة رئتين، وفي بداية هذا العام، أصيب بكوفيد-19، وتوفي نتيجة لمضاعفاته في 10 تشرين الثاني/ نوفمبر.
ويقول شحادة: "كان صائب أصغر عمرا مني بسنوات، ووفاته تذكير مؤلم بأن أعضاء جيلي الذي عملوا من أجل تحقيق الدولة الفلسطينية قد لا يرون الحلم يتحقق. ويجب أن يكون مؤلما للإسرائيليين، فرحيل رجل التزم بالتفاوض على اتفاق سلام يجب أن يكون مصيبة لهم".