صحافة دولية

WP: الكراهية تسمم المجتمع الهندي رغم تجاهل الكثيرين

يدعو متطرفون هندوس إلى نشر فكرة ضرورة أن تكون الهند تحت "السيادة الهندوسية"- جيتي
يدعو متطرفون هندوس إلى نشر فكرة ضرورة أن تكون الهند تحت "السيادة الهندوسية"- جيتي

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا تحدثت فيه عن الكراهية داخل المجتمع الهندي، التي تخنق مختلف جوانب الحياة رغم تجاهل الكثيرين لذلك.

 

المقال الذي كتبته الصحفية الهندية رنا أيوب، أوضح أن الهند لا يوجد فيها مساحة آمنة.

 

وقالت: "في الصباح الباكر يوم 18 تشرين أول/ أكتوبر، نبهني جار إلى رسالة على الواتساب وزعها حارس البناية التي نقطن فيها، تشيد بقاتل مهاتما غاندي وتحث الناس على حمل السلاح لحماية فكرة السيادة الهندوسية. هذا النوع من الرسائل رائج بين القوميين الهندوسيين واليمينيين المؤيدين لرئيس الوزراء ناريندا مودي. وعندما نشرتها على موقع التواصل الاجتماعي الخاص بي، أيد الكثير الكراهية والتهديد الذي تحتويه تلك الرسالة دون خجل".


وعندما قامت شركة المجوهرات التي تحمل ماركة Tanishq بنشر دعاية تعرض فيه زواج من ديانتين مختلفتين، اضطرت ردة الفعل الغاضبة على الإعلام الاجتماعي من اليمين الهندوسي الشركة أن تسحب الإعلان.


وكان الإعلان الذي مدته 45 ثانية قد اختزل التقاليد الهندية بالتعددية والتنوع الثقافي، حيث تقوم عائلة مسلمة بالاحتفال بعادات وتقاليد هندوسية لإشعار زوجة ابنهم الهندوسية الحامل بأنها محبوبة في بيتها. ولكن الفيديو أثار موجة من التهديدات بالعنف الجسدي ضد موظفي شركة المجوهرات. واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي الهندية باستخدام مصطلح هاشتاغ حب الجهاد، وهي الشتيمة التي اخترعها هندوسيون قوميون لزواج هندوسية من رجل مسلم.


وتضيف: "هذا هو ما دفعنا إليه الانقسام والكراهية في بلد ترتيبها الثانية بعد أمريكا فقط في عدد حالات كورونا المؤكدة. حيث شعر الكثير أن ذلك الإعلان الذي حظي بتغطية إخبارية واسعة على مدى أيام، شكل خطرا وجوديا للهند وليس سوء إدارة التعامل مع الجائحة. وخلال أقل من 24 ساعة أعلنت الشركة سحب إعلانها الذي يحمل عنوان "إيكاتفام" أو "الوحدة"، حيث قالت الشركة إن "الفيلم شجع ردود فعل مختلفة وقوية تتعارض مع الهدف منه".


وتستدرك أن حقيقة شركة كبيرة التي هي جزء من مجموعة كان يديرها سابقا راتان تاتا، أحد أثرى وأقوى الشخصيات في الهند، تضطر لسحب إعلان لحماية موظفيها، يقدم مثالا واضحا إلى الأعماق التي وصلنا إليها في 2020 تحت حكم مودي. وأدى سحب الإعلان إلى غضب وخيبة أمل. فقد عرف عن الشركة التي يبلغ عمرها 152 عاما أنها ملتزمة بالتعددية والنزاهة، وشجبت العديد من التغريدات والمقالات تاتا الذي يعتبره الكثيرون وجها للشركة، ولكنه بقي متفرجا صامتا خلال كل التهديدات.


وتعلق: "كتبت مرات عديدة أن حملات الكراهية هذه يولدها وينشرها ويضخمها مؤيدون للحكومة، ومسؤولون كبار وقنوات أخبار بارزة. ولم يستطع إعلان تلفزيوني أن يقف في وجه شبكات ممولة بشكل جيد، ومهمتها تقسيم المجتمع وإشعال نار الفرقة لأغراض سياسية".

 

ولكن ليس الكل انحنى أمام ذلك. فعلى عكس الكثير من الأشخاص ضعاف الشخصية في مجتمع الأعمال الذين اختاروا أن يركعوا أمام نظام مودي، وسمحوا لأنفسهم أن يخضعوا للرقابة ويتم ضمهم هناك استثناءات مهمة؛ باجاج أوتو وبارلي بروداكتس للمواد الغذائية، حيث يرفضون الإعلان على القنوات التي تبث الأخبار السامة التي تقود للاستقطاب وتثير مشاعر الأكثرية في البلد.

 

ولكن لا يزال هناك أمل، حيث يقوم مسؤولون بالتحقيق في قنوات أخبار لتلفيق أعداد المشاهدين. تلك القنوات كانت متسقة في نشاطها الموالي للدولة وتنشر المعلومات الملفقة عن الأقليات الهندية، وهو ما يقوي الطائفية في الهند.

 

وسيحتاج الأمر إلى إرادة سياسية ومجتمع هندي محشد لمحاسبة هذه القوى الكبيرة. وهذه التحقيقات المستقلة تعتبر قلعة قوية في وجه تآكل الديمقراطية الهندية.
ولا يزال الكثير يرفضون مواجهة العنصرية والطائفية، التي تغلغلت وازدهرت في السنوات الأخيرة كل وجوه المجتمع الهندي تقريبا.


وغرد راهول غاندي، أحد القيادات الرئيسية لحزب المؤتمر الوطني الحزبي مؤخرا بأن "الحقيقة المخجلة هي أن الكثير من الهنود لا يعتبرون الداليت والمسلمين والقبليين بشرا". وتسببت التغريدة بغضب كبيرة بما في ذلك من بعض الليبراليين. وجاءت التغريدة على إثر الاغتصاب الجماعي والقتل المزعوم لفتاة من الطبقة الدنيا في ولاية أوتار براديش من رجال من طبقة أعلى. وقام الشرطة بحرق الجثة على أمل جعل القصة والعدالة تختفي.

 

ومُنعت عائلة الفتاة من الحديث للإعلام أو أي حزب سياسي ووقف أعضاء من الحزب الحاكم مع المتهمين. وقد لامس غاندي وترا حساسا وكشف الكراهية الممنهجة ضد الأقليات الدينية والطبقية ونساؤها الأكثر عرضة للاعتداء.


والجدل حول دعاية المجوهرات أكد هذا: حيث غضب القوميون الهندوسيون من أن تمارس امرأة هندوسية حقها في أن تحب وتكون جزءا من عائلة مسلمة، وهي فكرة ملعونة في نظر المتعصبين الذين ينظرون إلى النساء أنها أشياء يجب السيطرة عليها وتدميرها ليهيمنوا عليها.


وتختم بالقول: "الآن بعد أن تم إلغاء الدعاية وتم محوها من خيالنا تحت فيض من العنف يكشف التدهور الأخلاقي في بلدنا. أنا متأكدة أن حارس بنايتنا يتفق مع قرار سحب الإعلان. الكثير يريدون إنكار ذلك، ولكن التعصب والكراهية في كل مكان، وأقرب مما يريد الكثير أن يعترف".

 

 للاطلاع على النص الأصلي (هنا)

التعليقات (0)