هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أكد رئيس حركة مجتمع السلم الجزائرية الدكتور عبد الرزاق مقّري أن مشروع الدستور الذي يجري الاستعداد للاستفتاء عليه في 1 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل ليس توافقيا، وليس في مستوى الحراك الجزائري الذي خرج مطالبا بالحرية والانتقال الديمقرتطي.
وقال مقّري في تدوينة نشرها اليوم على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "الدستور المعروض للاستفتاء ليس دستورا توافقيا، إذ لم يتم الحوار بشأنه، حيث كانت اليد الطّولى فيه للجنة غير توافقية وغير متوازنة التشكيل".
وأكد مقّري أن "ما ورد في المسودة يخالف توجهات الأغلبية الساحقة، وما انتهى إليه المشروع التمهيدي لم يراع الاقتراحات الأساسية للفاعلين السياسيين والاجتماعيين".
وأشار إلى أن "أمورا أساسية اقترحتها أغلب الأطراف المشاركة لم تؤخذ بعين الاعتبار ومنها ما يتعلق بطبيعة النظام السياسي، استقلالية القضاء، الهيئة المستقلة لتنظيم الانتخابات، العودة إلى تسمية السلطة التنفيذية والقضائية والتشريعية. علاوة على أنه تم التصويت عليه في البرلمان من قبل أحزاب الموالاة فحسب".
إقرأ أيضا: لماذا اختار رئيس الجزائر هذا الموعد لاستفتاء تعديل الدستور؟
وأوضح مقّري أن الجهات المشرفة على صياغة الدستور لم تستجب لاقتراحاتهم الأساسية ومنها على وجه الخصوص "طبيعة النظام السياسي وتعيين رئيس الحكومة من الحزب الفائز الأول في الانتخابات التشريعية، استقلالية القضاء، وكذا المحكمة الدستورية والهيئة المستقلة لتنظيم الانتخابات"، وغيرها من المطالب الأخرى.
وأكد مقّري أن "هذا الدستور لم يستجب لمطالب الحراك الداعي إلى التغيير الجذري وتجسيد الإرادة الشعبية، ولم يجسد مطالب النوفمبرية الباديسية التي رفعت في العديد من المسيرات، كما لم يحقق المشروع التمهيدي النصاب المؤهل للانتقال الديمقراطي واستئصال آفة الفساد واستقلالية القضاء والهيئة المستقلة لتنظيم الانتخابات. فهو بعيد كل البعد عن أن يكون دستور ثورة خرج فيها 20 مليون جزائري للشارع".
وفصل مقّري في النقاط الخلافية التي دفعتهم إلى عدم التصويت للدستور، وقسمها إلى عدد من القضايا الرئيسية، أولها على مستوى الهوية، حيث أشار إلى وجود فقرات وصفها بـ "المسمومة"، وقال بأنها "تهدد الهوية"، وتمس المواطنة وحرية الرأي والمسجد ودوره والأسرة ومكانتها.
وأشار إلى أن الدستور اكتفى بذكر بيان أول نوفمبر في الديباجة وعدم اعتماده كمرجعية أساسية للدولة وتشريعاتها وعدم جعله ضمن المواد الصماء غير القابلة للتغيير.
كما أن الدستور لم يعتمد اقتراحهم بخصوص اللغة البربرية واعتماد الأمازيغية مادة صماء رغم عدم التوصل إلى اتفاق على الحرف الذي تكتب به بعد، كما لم يعتمد الشريعة الإسلامية كمصدر من مصادر التشريع، ولم يمنع استعمال اللغات الأجنبية في الوثائق والمؤسسات الرسمية.
أما على مستوى طبيعة النظام السياسي، فرأى مقّري أن النظام الذي أتى به الدستور الجديد نظام سياسي هجين من شأنه أن يعقّد تجسيد الإرادة الشعبية ويصنع أزمات سياسية مستقبلية، حيث يحرم الحزب الفائز الأول من الإشراف على تشكيل الأغلبية البرلمانية، ويوفر المجال واسعا للرئيس والسلطة الحاكمة بأن يقوموا هم بتشكيل الأغلبية البرلمانية لما يملكونه من أدوات وتأثير.
وأضاف: "ما يدعم هذا الأمر الصلاحيات المضخمة لرئيس الجمهورية في المواد 91 و92 الموروثة من العهد البوتفليقي والتي أضيفت لها صلاحيات لم تكن موجودة. بما يجعله مسيطرا على السلطتين التشريعية والقضائية".
وعلى مستوى استقلالية القضاء، رأى مقّري أن رئيس الجمهورية يقوم وفق المادة 92 بتعيين كل رؤساء الهيئات القضائية، ووفق المادة 181 يتم التعيين في الوظائف القضائية النوعية بموجب مرسوم رئاسي وعليه كل النواب العامين وكذلك رؤساء المجالس القضائية تكون تحت سلطة السلطة التنفيذية.
كما أنه ووفق المادة 180 يرأس رئيس الجمهورية المجلس الأعلى للقضاء، وتشكيلته في المحصلة تابعة للسلطة التنفيذية وفق نفس المادة.
وقال مقّري: "لا معنى للتنصيص في الفقرة الأولى من ذات المادة بأن المجلس الأعلى للقضاء يضمن استقلالية القضاء".
أما على مستوى الحقوق والحريات، فإن أخطر ما ورد في هذا المجال، وفق مقّري، المادة 67 التي قال بأنها "وحدها تلغي صلاحية هذا الدستور وتسقطه أخلاقيا وقانونيا وتجعل منه مسخرة على المستوى الدولي وتفتح باب التدخل السياسي الأجنبي لا قدر الله".
وقال: "هي مادة تذكرنا بقانون الأنديجينا الاستعماري، حيث تجعل المواطنين صنفين: صنف له الحق في تولي المناصب العليا للدولة المتعلقة بالسيادة والأمن وصنف لا يحق له ذلك. وهي حالة مطبقة عمليا إذ إن كثير من الإطارات في مختلف مؤسسات الدولة يحرمون من الترقيات وأخذ حقوقهم المهنية لأسباب سياسية وجهوية، وذلك رغم معقولية المادة الدستورية في الدستور الحالي التي تنص ابتداء أن المواطنين سواسية في إطار القانون خلافا للمادة الجديدة التي تنص ابتداء بأنهم غير متساوين مما يفتح المجال واسعا للتعسف في القوانين وفي الممارسة باسم الدستور".
كما لفت مقّري الانتباه إلى أن الدستور الجديد لم يعر اهتماما لأهمية المجتمع المدني، ولم يتم النصيص فيه على تأسيس الأحزاب بمجرد الإخطار أو التصريح، مما يجعل العمل الحزبي تحت تهديدات الإدارة والتعسف القضائي والتأويل القانوني.
وحذّر مقّري في ختام ملاحظاته، من أن أهم تراجع وقع في مجال الرقابة هو تبعية الهيئة الوطنية لتنظيم الانتخابات للسلطة التنفيذية، حيث أصبح رئيس الجمهورية هو من يعين رئيس السلطة علاوة على أن النصوص الدستورية في المشروع والتنظيمية المعمول بها تلغي مطلب التوافق بخصوص هذا الشأن الذي يتعلق بشكل مباشر ومصيري بالشركاء السياسيين على مستوى الأحزاب خصوصا، بما لا يعقل استبعادهم في الحوار بهذا الخصوص.
إقرأ أيضا: تساؤلات حول أهلية برلمان الجزائر لمناقشة الدستور الجديد