هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا، سلطت فيه الضوء على تراجع قيمة الدولار الأمريكي؛ بسبب الظروف الصحية والسياسية.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي
ترجمته "عربي21"، إنه منذ شهر آذار/ مارس، فقدت هذه العملة 12 بالمئة من
قيمتها مقارنة باليورو، بسبب عدم اليقين السياسي وسوء إدارة أزمة كوفيد-19، لافتة
إلى أنه في أوقات الأزمات الكبرى، تملي الحكمة المالية اللجوء إلى الدولار، ومع ذلك،
فإن ما يحدث اليوم عكس ذلك، منذ نحو أربعة شهور انخفضت قيمة الدولار من 1.06 إلى
1.19 دولار في نهاية شهر تموز/ يوليو، وبلغ هذا الانخفاض 5 بالمئة في الشهر الماضي.
ويتمثل السؤال المطروح فيما
إذا كان سقوط الدولار سيسرع أو سيهدد هيمنته، و"ليس ثمة من خيار" سوى الدولار،
كما سبق أن أشار إلى ذلك المستثمرون منذ سنوات، مستشهدين بالمواقف الصينية والضعف المترسخ
لليورو، وما زال الدولار هو العملة الاحتياطية المرجعية، ويشكل 62 بالمئة من الاحتياطيات، في الوقت الذي انخفضت فيه حصة اليورو من 28 بالمئة إلى 20 بالمئة منذ عام 2008.
"امتياز باهظ"
وذكرت الصحيفة أن ستيفن روتش،
الأستاذ في جامعة ييل، والمدير التنفيذي السابق مورغان ستانلي، كتب في عمود نشره في
موقع بلومبيرغ أن "الامتياز الباهظ للدولار بصدد الانتهاء"، ويتنبأ بانخفاض
قدره 35 بالمئة للدولار، كما يتوقع كبير الاقتصاديين في ناتيكسيس باتريك أرتوس حدوث
انزلاق.
وبحسب الصحيفة، هناك العديد
من التفسيرات لهذا الأمر، أولا، تطبع الولايات المتحدة نقودا أكثر من بقية الدول. كما
من المتوقع أن يصل عجز الميزانية إلى 23.8 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام
2020، وهو ضعف ما قد يصل إليه العجز في منطقة اليورو (11.7 بالمئة)، وفقا لتوقعات
صندوق النقد الدولي.
تضاف إلى ذلك سياسة نظام الاحتياطي
الفيدرالي، الذي خفض أسعار الفائدة أكثر من البنك المركزي الأوروبي، ولم يعد بالتالي
قادرا على تحمل أسعار الفائدة السلبية. تتراوح أسعار الفائدة الرئيسية الأمريكية قصيرة
المدى بين صفر و0.25 بالمئة في الوقت الحالي. ويتدخل نظام الاحتياطي الفيدرالي بشكل
مكثف، من خلال شراء سندات للشركات الأمريكية، رسميا لضمان سيولة السوق، ولكن لهدف
تجنب الإفلاس واقعيا.
اقرأ أيضا: لأول مرة في التاريخ.. الذهب فوق ألفي دولار
وأردفت الصحيفة أنه إلى جانب
عدم الثقة في السوق، تتعدد الشكوك السياسية المتمحورة حول الفوضى في واشنطن، وعدم قدرة
البلاد على السيطرة على وباء كوفيد-19، فضلا عن برنامج المرشح الديمقراطي للرئاسة في
تشرين الثاني/ نوفمبر جو بايدن، الذي من المتوقع أن يرفع الضرائب على الشركات، ويفرض
ضريبة الضمان الاجتماعي على الأغنياء.
جدت هذه الأحداث في سياق عجز
تجاري كبير، ونقص هيكلي في المدخرات، وعجز عن الحد من تأثير العولمة. ووجد الأمريكيون
أنفسهم في مأزق: كيف يمكنك فرض امتيازك بالدولار إذا فصلت نفسك عن الاقتصادات الأخرى
في العالم؟
رد الفعل الأوروبي
وبينت الصحيفة أن ثلاثة عوامل
خارجية أخرى تهدد الدولار. أولا، خلافا للأزمة المالية لسنة 2008، استجابت منطقة اليورو
بسرعة للأزمة من خلال إطلاق خطة الانتعاش الاقتصادي. عادة، تمول المدخرات الأوروبية
سندات الخزانة الأمريكية. سيتم توجيهها من الآن فصاعدا إلى أوروبا، وفقا لأرتوس، ما
يضعف آليا الطلب على الدولار.
ثانيا، تواصل الصين تنميتها
الاقتصادية على الرغم من الحرب التجارية والتكنولوجية التي تدور بينها وبين الولايات
المتحدة. هناك أيضا عامل الميل للأسواق الناشئة. ويؤدي ذلك إلى تقدير غير مفهوم، بالنظر
إلى الصعوبات الاقتصادية والسياسية للبلد، للريال البرازيلي مقابل الدولار بنسبة
10 بالمئة منذ أيار/ مايو (فقد ثلث قيمته منذ كانون الثاني/ يناير 2020).
رافقت ظاهرة جديدة انزلاق الدولار،
متمثلة في ارتفاع سعر الذهب، فضلا عن العملات غير الحكومية، مثل عملة بتكوين، التي
زادت قيمتها بنسبة 55 بالمئة منذ بداية العام. ويفسر ذلك بأنه في عالم تقوم فيه البنوك
المركزية والدول بخلق العملات بشكل مكثف، من الضروري العثور على ملاذات آمنة. هذا السوق
رمزي، إذ تمتلك البنوك المركزية 33 ألف طن من الذهب، ما يجعل من المستحيل العودة إلى
معيار الذهب.
وفي الختام، بينت الصحيفة أن
المشغلين يعتمدون على تسييل الديون، الأمر الذي قد يؤدي إلى تضخم الأصول. يمكن ملاحظة
ذلك في الأسهم ذات الأسعار المذهلة، ولكن أيضا في العقارات. كما لا يمكن استبعاد ظاهرة
الركود التضخمي، التي تتمثل في حدوث تضخم مقترن بالركود، كما حدث في السبعينيات، حيث
تعتبر التكلفة ناتجة عن الخسائر في الإنتاجية بسبب كوفيد-19.