هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت وكالة الأناضول تقريرا توثق فيه، لجواء قوات اللواء الليبي خليفة حفتر، إلى استخدام مرتزقة من السودان، في حربها ضد حكومة الوفاق المعترف بها دوليا، بعد اقتفاء أثرهم بعملية مسح لآلاف الصور، ومطابقتها بخرائط الأقمار الصناعية.
وعلى الرغم من أن تقارير الأمم المتحدة تشير بشكل كبير
لوجود مقاتلين مرتزقة سودانيين في ليبيا تم خداعهم من قبل شركة "بلاك شيلد"
الأمنية (مقرها الإمارات)، إلا أن داعمي حفتر ما زالوا ينكرون وجودهم.
ومن أكثر العناصر الأجنبية لفتا للانتباه، مليشيات الجنجويد،
ذات السجل "الإجرامي" في السودان، والمتمردون التشاديون، ومرتزقة شركة
"فاغنر" الروس.
مراسلو وكالة الأناضول، تتبعوا عبر معطيات مرئية أثر
المرتزقة السودانيين الذين يستخدمهم حفتر بدعم من الإمارات العربية المتحدة، وفي المرحلة
الأولى من البحث، أجرى المراسلون عملية مسح كامل لكل النصوص والتقارير المكتوبة التي
تحتوي على عبارات "المرتزقة السودانيون" و"ليبيا".
— ANADOLU AGENCY (AR) (@aa_arabic) May 2, 2020
ووفقا للمعلومات التي حصلوا عليها، فإن المقاتلين السودانيين
يتلقون تدريبات عسكرية لمدة 3 شهور في منطقة غياثي (230 كلم غرب العاصمة الإماراتية
أبو ظبي).
وبعد خضوعهم للتدريبات، يتم نقل السودانيين إلى المطارات
القريبة من مدينتي بنغازي (ألف كلم شرق طرابلس)، وسرت (450 كلم شرق طرابلس)، وميناء
رأس لانوف النفطي (650 كلم شرق طرابلس)، وقاعدة الجفرة الجوية، ومنها يتم فرزهم إلى
مناطق مختلفة من البلاد ليحاربوا الحكومة الليبية.
وفي إطار البحث، فحص مراسلو الأناضول المعطيات المرئية
التي تشير إلى وجود المقاتلين السودانيين في المدن المذكورة، لكن تجاهلوا مقاطع الفيديو
التي التُقطت في أماكن مغلقة تخص مواقع مختلفة أو من المستحيل التحقق منها، ليتبقى
عدد قليل من الفيديوهات.
ووقع الاختيار على فيديو يحمل عنوان "المرتزقة السودانيون
يقاتلون في بنغازي من أجل حفتر"، من أجل تحليله.
ونظرا للاستخدام النشط للحساب الذي أُخذ الفيديو منه،
على وسائل التواصل الاجتماعي، ولكون الصور التي تم تحميلها من ليبيا فقط، فإن ذلك عزّز
احتمال تصوير الفيديو في بنغازي، واستخدم مراسلو الأناضول تقنية "تحديد المواقع"،
للتأكد بنسبة دقيقة.
اقرأ أيضا: رئيس مجلس الأمن: لا نثق بـهدنة حفتر بسبب خروقاته المتكررة
ويظهر في الفيديو ما بين 100 إلى 200 مقاتل سوداني وهم
يُقسمون على القتال لصالح حفتر، وتم رسم خريطة من منظور علوي، من خلال إخراج تسلسل
المباني والأشياء التي تظهر في الفيديو.
على الرغم من الضباب الشديد في المكان الذي سجّلت فيه
المشاهد، فإنه عند النظر بدقة، يوجد في الخلفية هياكل يعتقد أنها خزانات نفط وأعمدة
إنارة صناعية حولها، وهذه المعطيات تشير إلى أن المكان مصفاة نفط أكثر من كونه قاعدة
عسكرية.
في هذه المرحلة، تم فحص المنشآت النفطية في بنغازي من
خلال خدمة Google Earth الفضائية،
لكن تسلسلات مباني المنشآت هنا لم تتطابق مع الرسم الذي أعده مراسلو الأناضول.
في وقت لاحق، تم التحقق من صور الأقمار الصناعية واحدة
تلو الأخرى بعد إعداد قائمة عن جميع مصافي النفط في ليبيا، وتم العثور على تسلسل المباني
المطلوب في منشأة مصفاة بالقرب من الجفرة الواقعة في المرتبة 51 من القائمة، والمنشأة
المذكورة تطابقت إلى حد كبير مع رسم مراسلي الأناضول.
لكن عملية التأكد استمرت نظرا لأن صور الأقمار الصناعية
العائدة للمنشأة تم تحديثها آخر مرة في عام 2016، وبسبب ظهور اختلافات مع بعض المباني
الموجودة في رسم الأناضول.
تم البحث عن اسم المنشأة في وسائل التواصل الاجتماعي
والإنترنت، والعثور على حساب على فيسبوك مفتوح باسمها ومنشور فيه أكثر من 2000 صورة.
الإمارات تجند سودانيين
وتمت مقارنة الصور التي اختيرت من بينها، بالرسم الذي
أعده مراسلو الأناضول وصور الأقمار الصناعية، وجميع البيانات الثلاثة متطابقة مع تسلسل
المباني في الفيديو.
وبناء على ذلك، فإن الفيديو الذي أقسم فيه المرتزقة
السودانيون على القتال باسم حفتر، تم تصويره في حقل زلة النفطي 74-ب الواقع في محافظة
الجفرة (وسط).
وتظهر جميع نتائج التحليل للبيانات بكل وضوح استخدام
حفتر، المرتزقة السودانيين في عملياته القتالية ضد الحكومة الشرعية في ليبيا، بعد أن
ضمهم إلى صفوفه بوعود كاذبة.
وفي سياق متصل، ذكرت صحيفة بلجيكية الجمعة، أن
الإمارات تجند سودانيين وترسلهم قسرا للقتال بجانب خليفة حفتر في ليبيا، بعد
خداعهم بوظائف وهمية على أراضيها.
وأضافت صحيفة "لوفيف" الناطقة بالفرنسية، أن
شركة "بلاك شيلد" الإماراتية تنشر إعلانات في السودان، تفيد ببحثها عن شباب
للعمل "حراسا أمنيين" في منشآت نفطية بالإمارات، مستغلة عدم الاستقرار السياسي
والمشاكل الاقتصادية والبطالة في السودان.
وأوضحت الصحيفة أن مئات الشبان السودانيين يقدمون طلباتهم
للعمل في هذه المنشآت المزعومة، لقاء 500 دولار شهريا.
وأوردت تصريحات لسودانيين، قُبلت طلبات عملهم في الشركة
الإماراتية، حيث أكدوا أنهم بمجرد وصولهم إلى الإمارات صودرت جوازات سفرهم، ومن ثم
أخضعوا لدورات تدريبية عسكرية 3 أشهر، ضمن معسكر في منطقة "غياثي" بالإمارات.
وأشارت الصحيفة إلى أن مسؤولي شركة "بلاك شيلد"،
أوضحوا للعمال السودانيين بأنه سيتم نقلهم للعمل في منشآت نفطية بجنوب إفريقيا، وهو
ما لم يحدث، إذ تم نقلهم إلى منطقة راس لانوف الليبية (شمال)، حيث استقبل هؤلاء الضحايا
مسلحون مدججون بالأسلحة الثقيلة والمدرعات.
وشددت على أن الضحايا السودانيين لم يستطيعوا رفض تجنيدهم
خشية على حياتهم، مضيفة أنه بعد وصول النبأ إلى أسرهم، تدخلت وزارة خارجية بلادهم بالموضوع،
وبذلك بدأ هؤلاء الشبان العودة تدريجيا إلى الخرطوم.
من جانبه، قال سليمان الغادي، محامي السودانيين ضحايا
"بلاك شيلد" الإماراتية، للصحيفة البلجيكية، إنه رفع دعوى قضائية ضد الشركة
نيابة عن 412 شخصا، مضيفا أن "الشركة تاجرت بالبشر، ويجب معاقبة المسؤولين، حيث
إن الأشخاص الذين وكلوني بهذه القضية، أرسلوا إلى القتال في لبيبا بعد وصولهم الإمارات
للعمل حراسا أمنيين، وفوقها لم يتم تعويضهم".