هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أحدث فيلم سينمائي يرصد وقائع فساد أخلاقي ورشى
وعلاقات جنسية مشبوهة تدور بين الأطباء والممرضات بالمستشفيات المصرية صدمة كبيرة
في الأوساط الطبية المصرية، في ظل جائحة كورونا.
فيلم "يوم وليلة"، يجسد فيه الفنان
خالد النبوي شخصيته المحورية لأحد أمناء الشرطة بحي "السيدة" الشعبي
بالقاهرة، فيما تقدم درة التونسية، شخصية ميرفت الممرضة بمستشفى حكومي، والأم
المطلقة التي تتحمل مسؤولية أخيها وأسرته، وتمر بظروف صعبة تدفعها لأفعال غير
أخلاقية.
وعرض الفيلم في السينمات المصرية قبل 3 أشهر،
كما شارك بافتتاح مهرجان "الدار البيضاء" بالمغرب، وتم اختياره للمشاركة
بحفل ختام مهرجان "مالمو" للسينما العربية بالسويد.
ورغم أن الفيلم انتهى عرضه بالسينمات المصرية،
إلا أن قيام الشركة المنتجة بعرضه عبر موقع "يوتيوب" في الوقت الذي تتوجه
فيه الأنظار نحو الأطقم الطبية وبينهم ملائكة الرحمة لدورهم بمواجهة أزمة كورونا؛
أثار ضجة عبر مواقع التواصل، وغضبا بين الممرضات ونقابتهن المهنية، وهجوما على الفنانة
"درة" بطلة العمل.
وتعيش مصر على مدار أكثر من شهرين على وقع
جائحة كورونا التي أصابت العشرات من الممرضات والأطقم الطبية، وتم غلق عدد من
المستشفيات الكبرى لهذا السبب، فيما توفيت طبية مصرية، وطالت الإصابات أسر بعض
الممرضات والأطباء.
واتهمت نقيب عام التمريض الدكتورة كوثر محمود،
صناع "يوم وليلة" بالإساءة لسمعة 600 ألف مصري يعملون بالتمريض، وفي وقت
يخوضون حربا لمواجهة كورونا، مناشدة الدولة عبر برنامج "التاسعة"
بالقناة الأولى المصرية، مساء الأحد، لوقف عرض الفيلم.
الضجة التي شهدتها مواقع التواصل المصرية، دفعت
الفنانة درة، للاعتذار للمنظومة الطبية، موضحة
للإعلامي وائل الإبراشي عبر القناة الأولى المصرية، مساء الأحد، أن هناك أعمال
فنية سابقة تناولت معظم المهن بشكل سلبي وإيجابي، منتقدة تحامل البعض عليها كونها
ليست صانعة العمل.
من جانبها، أصدرت "دار المرايا للإنتاج
الثقافي" الجهة المنتجة لـ"يوم وليلة"، بيانا أكدت احترامها لمهنة
التمريض، لافتة إلى أن الفيلم عرض قبل أزمة كورونا، وأن درة غير مسؤولة عن المحتوى.
فيما قال مخرج الفيلم أيمن مكرم، إن الإساءة للتمريض "اتهام غير منطقي".
اقرأ أيضا: بعد إيطاليا والصين وبريطانيا.. مصر تقدم مساعدات طبية لأمريكا
والاثنين، قال نقيب المهن التمثيلية أشرف زكي،
إن التناول الفني لا يسيء لأي فئة بالمجتمع، وأن المسؤولية تتحملها الرقابة على
المصنفات التي أجازت العمل.
"لنتحرر من تلك الفكرة"
وفي رؤيته، قال الناقد الفني طارق الشناوي،
إننا "بصدد فيلم متواضع فنيا تماما، وعُرض قبل ثلاثة أشهر ولم يحقق نجاحات،
ورُفع من دور العرض قبل ظهور كورونا".
الشناوي، في حديثه لـ"عربي21"، يرى
أن "مسألة تجسيد ممرضة مرتشية أمر عادي جدا، ولا تدين مهنة التمريض، ودائما
ما يتم تجسيد الصحفيين والقضاة ورجال الشرطة وغيرهم بصور سلبية".
وأكد على ضرورة "التحرر من فكرة عدم تقديم
الشخصيات بالدراما والسينما بشكل سلبي، حتى وتحت ضغط أزمة كورونا، ودور التمريض
بها، والتحية منا لجيش مصر الأبيض إلا أن هذا لا يمنع وجود أخطاء بكل مهنة".
وأضاف الكاتب الصحفي: "الحديث عن فيلم
متوسط ومتواضع فنيا من باب الاستهجان يُعد إحياءً له، وأيضا لا ندافع عن الفيلم
ولو كان له قيمة إبداعية، لكني أتحدث عن المبدأ"، متسائلا: "ما أسباب
هذه القسوة التي نراها؟".
وأكد أنه ضد "مُطالبة البعض بمغادرة
الفنانة درة لمصر"، مُعتبرا أنه "كلام لا منطق له لأن الممثل يؤدي شخصية
صنعها كاتب ومخرج كتبوا ورسموا محددات عملت عليها، ولا علاقة هنا بجنسيتها فهي
ممثلة تؤدي دورها".
ولكن؛ هل هذا الجدل الآن أثير بفعل فاعل؟
يعتقد الشناوي، أن "الضجة غير مقصودة ولا
مفتعلة، لأن الناس ليس لديها دراية بالتفاصيل، ونقيبة التمريض مثلا قد لا يكون
لديها دراية بعدم وجود إدانة قانونية لو ان هناك عمل فني سلبي".
وأعلن الناقد الفني استهجانه لتلك الفكرة،
مشيرا إلى أن "الفنان عادل إمام مثلا قدّم شخصية المحامي بفيلم (الأفوكاتو)
المرتشي الألعبان، وليس معنى ذلك أن يتعرض للسجن، لأنه هنا يسخر من طريقة ممارسة
البعض للمهنة لا من المهنة ذاتها".
"أصنام في شكل بشر"
من جانبها، قالت الناقد الفنية إيمان نبيل،:
"دائما هناك أعمال فنية تسيء للمهن بينها الصحفية، وتظهرها أنها فتاة جميلة
تستدرج من تحاوره كالجاسوسة، وعلاقتها برؤسائها لا تخلو من الانحراف، وأيضا الصحفي
صياد الفرص والمدلس، والطبيب النفسي المجنون، والمعلم المقصر، والمحامي الكذاب،
وغيرها من النماذج".
وأضافت لـ"عربي21"،: "صحيح أنه
لا داعي لتشويه أية مهنة لتصبح صورة من يعمل بها مقبولة؛ ولكن هذا فن يعالج نماذج
أحببناها أم كرهناها فهي موجودة بيننا".
وأشارت نبيل، إلى أن "الأمر هنا ليس له
علاقة بمدى مناسبة توقيت عرض العمل"، متسائلة: "هل لو عرض بوقت آخر غير
كورونا فلن تحدث مشكلة؟، وهل الفكرة بوقت العرض أم بالطرح والمعالجة؟".
وقالت إن "الأزمة هنا ليست بفيلم نقل بعض
النماذج السيئة من مهنة التمريض، ولكن الأزمة الأكبر أن بلداننا أهملت قطاع الصحة،
وإعلامها لم يقدم نموذجا لممرضة أو شكرها وكرمها".
وأشارت الناقد الفنية، إلى أن "الفنانين
جميعا على تطبيق (تيك توك)، بالوقت الذي جمعت فيه المغنية العالمية ليدي غاغا، 35
مليون دولار لمنظمة الصحة العالمية وأقامت حفلة أونلاين جمعت 135 مليونا لدعم
الطواقم الطبية".
وتساءلت: "من قدم لهن شيئا؟، حتى الطبيبة
التي توفيت بكرونا رفض أهل قريتها دفنها، فكيف نخاف على سمعة الممرضات من فيلم؟"،
مُتمنية أن "تنقلب الضجة حول الفيلم لصالح مهنة التمريض".
وحول وجود نماذج سينمائية عالمية أثارت ضجة بحق
بعض المهن، قالت نبيل، توجد حالات قليلة، منها فيلم (Flight
plan) عام 2005، والذي أثار انتقادات واعتبره
البعض مسيئا لمضيفات الطائرات".
وأشارت إلى أنه "بهوليود لا شيء مقدس،
وحتى قصص رجال الدين الذين يعتدون جنسيا على الأطفال تمت معالجتها ونالت جوائز
أوسكار"، مضيفة: "ولكنا ببلادنا نعبد أصناما في شكل بشر".
"يتعرضون للموت"
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، توالت
الانتقادات للفيلم، قالت الناشطة المصرية ليلى عبد الخالق، إن الممرضات يتعرضن
للموت دون مقابل، متسائلة: "ألا يكفي أن الإعلام لا يتحدث عن بطولاتهم؟".
وعلى الجانب الآخر، قال الناشط يحيى إبراهيم،: "دور الممرضة المنحرفة أخلاقيا ليس في وقته"، مضيفا: ولكن "الإبداع الفني ليس له حدود ولا محظورات"، مشيرا إلى أن "عادل إمام لم يؤثر على سمعة المحامين بفيلم (الافوكاتو) ولا المعلمين ولا الأطباء بفيلم (ولا من شاف ولا من دري)".