هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
الرواية: أسوار وأقمار
المؤلف: محمد عز الدّين جميّل
الناشر: يسر للنشر ـ تونس
الطبعة الأولى: 2019
عدد الصفحات: 364
على قساوة التجارب السجنية ومرارتها، التي مرت بها طلائع النخب التونسية طيلة حكمي الرئيسين الراحلين بورقيبة وبن علي، فقد أهدت للمكتبة الأدبية جيلا روائيا جديدا، يمكن تسميته بجيل الرواية السياسية، الذي نجح في ربط المتعة الأدبيّة بالوعي، الوسم ـ الشرط للرواية السياسية على حدّ رأي الروائي المصري أحمد ابراهيم الهواري، فضلا عن إعادة طرح السؤال السياسي داخل الرواية العربيّة، الذي يُحسَب للكاتب السعودي عبد الرحمان منيف صوغ بواكيره في روايته "شرق المتوسط".
بقدر ما نجحت روايات "كريستال" لجلبار نقاش، و"برج الرومي" لسمير ساسي و"في القلب جمرة" لحميد عبايدية في نقل عذابات المساجين وفضح الممارسات اللا إنسانية التي كانت تُمارس عليهم، برعاية مباشرة من أعلى هرم السلطة السياسيّة، التي كانت تتباهى بما تدّعيه من نموذجية معاييرها السجنية، فإنّ الرواية السياسية في تونس أبطأت فضح عوالم ما بعد السّراح السّجني (السجن الكبير)، حيث ظلّ المُسرّحُون من السجناء السياسين، سنوات طوال، ضحيّة مراقبتين أمنية وإدارية، جعلتا منهم مواطنين ذوي صبغة خاصّة، مثلما كانوا سجناء "صبغة خاصّة"، يحرمون من أبسط الحقوق المتاحة لسجناء "الحق العام"، في مشهد كاريكاتوري يذكّر بالعزل الاجتماعي الذي كانت تمارسه قريش على بني هاشم.
ولئن حظيت رواية "تلك الرائحة" لصنع الله ابراهيم، نشرت سنة 1966، بسبق معالجة عذابات ما بعد سجون عبد الناصر، فإنّ تناول الرواية التونسية لهذا المبحث، سردا وتأريخا، لم يبدأ إلاّ بصدور روايتي "أحباب الله " لكمال الشارني (2012) و"سنوات العذاب" لحميد عبايديه (2014)، ويأتي الإصدار البكر لسجين العهدين، الكاتب محمّد عز الدين جميّل، المتمثل في رواية الحال "أسوار وأقمار"، ليدعم هذا التخصّص السردي في الرواية السياسية التونسية، وليرتحل بالقارئ نحو عوالم التضييق والهرسلة التي كان يكابدها السجناء المسرّحون، وصل حدّ النفي داخل البلاد وفرض الإقامة الجبريّة على بعضهم، مثلما حصل مع الصحفي والناشط السياسي عبد الله الزواري رحمه الله سنة 2004.
تهشيم البنية السردية للنص
ينساب الزمن السردي لأحداث رواية "أسوار وأقمار" من نقطة مغادرة الراوي البطل لأقبية السّجون المضيّقة، في شهر آذار (مارس) 2005، ويتوقف بنجاح الحشود الديسمبرية (نسبة إلى شهر كانون أول (ديسمبر 2010 تاريخ اندلاع الثورة التونسية) في إسقاط نظام الطاغية بن علي، الذي نكّل أيّما تنكيل بأجيال من الطلبة والسياسيين والنقابيين، في دمقرطة غير مسبوقة للعنف، طيلة 23 سنة من حكم "التغيير المبارك"، وبين هذين الزمنين السرديين تغوص الرواية في ثنايا تجربة السجن الذاتيّة للراوي، والتي دامت 15 سنة كاملة، سبقها إيقافه وتعذيبه بمخافر وزارة الداخلية سنة 1990، حيث شرعت حينها دكتاتورية الرئيس الراحل بن علي في ما عرف بالتصفية الأمنيّة لحركة "النهضة"، بعد أن أبانت انتخابات نيسان (أبريل) 1989 على مدى حضورها التنظيمي والانتخابي، وهو ما مهّد الطريق لاحقا لتأميم الحياة السياسية لصالح حزب الرئيس ـ الدّولة وقمع كلّ المعارضات السياسية الجادّة، على اختلاف مرجعياتها الفكرية والسياسيّة.
ولم يحرم الراوي القارئ من جولة في التاريخ، فعمل على جرّه إلى حيث سنوات اعتقاله الأولى وملابساتها، على خلفية نشاطه التلمذي، بداية ثمانينيات القرن الماضي، مرورا بفترة سجنه سنة 1987، أيام كان الصراع على أشدّه بين أجنحة القصر الرئاسي طمعا في خلافة الرئيس بورقيبة.
وبين الزمنين السرديين، يرتحل الراوي في الزمن، فيأخذ القارئ إلى حيث سجون البلد وزنزاناته، ثم يرتحل به ثانية ليعايشه مهنه الجديدة (إنتاج دجاج الضيعة، تجارة التوابل، تجارة الزيتون في غابة البرادعة، تجارة الحبوب والبقول...). هذا التهشيم للبنية السردية للنص، المخالفة للبنية الخطيّة لصيرورة الأحداث، يعتبره فؤاد الخطيب، الناقد الأدبي، في تصريح لـ "عربي21"، نجاحا للراوي في إضفاء مسحة تشويقية على القارئ المثقل بتراجيدية الأحداث، مستشهدا بقيام الراوي باستوقاف الشخصيّة البطلة المسرّحة حديثا، حدث يستحثّ ذاكرتها لاستعادة وقائع عاشتها في السجن، لها ارتباط إحاليّ متين براهن الذكرى (مثل محاولات الانتحار أمام هول التعذيب، مقارنة سلوك الأمنيين في كل منطقة حرس أو شرطة المشابه لسلوك السجانين وإدارة السجن،...)، معتبرا أنّ هذا التلاعب السردي لم يُخرِج النص من نطاق الخطاب الروائيّ.
سؤال في الهويّة الأجناسيّة وتأسيس للنص الجامع
يرى فؤاد الخطيب أنّ نصّ "أسوار وأقمار" ينزاح عن المتخيّل الحكائيّ نحو الواقع الحكائيّ التسجيليّ من قبيل ذكر أماكن مرجعيّة كأسماء السجون التي استوعبت تجربة العذاب (زنازين الداخليّة، سجن المهدية، سجن الهوارب، سجن الرومي، سجن قابس، جناح العزلة،...)، دون أن يعدم حضور الخطاب الروائيّ بكثافة في ثنايا السرد والوصف والحوار.
وأضاف: يبدو أن الرّاوي كان شديد الوعي وهو يكتب، بأنّه ينشئ نصّا جامعا للأجناس الأدبيّة منفلتا عن حدود التصنيف المتعارف عليه في المدوّنات النقديّة، وهو ما أشار إليه في مقدّمة كتابه، حيث تعاقد مع القارئ على أن يراوح نصّه بين التخيّل ومقتضياته والتسجيل ولزوميّاته، فكانت مقدّمته "بيانا وعقدا قرائيّا" (مانيفستو) صريحا يشي بأنّه يؤسّس لنصّ متحرّر من قيد الأجناس، كما كان مضمونه يحكي مسيرة التحرّر من قيد الطغيان.
وربمّا هذا ما جعل الجامعي مهدي مبروك، مقدم الرواية، يُوصّف المولود الأدبي بالجنس الغريب الهجين، فلا هو رواية ولا هو مجرّد مذكّرات ولا هو أيضا شهادة تاريخيّة توثق ما حصل للسجين. ويخلص الخطيب إلى أنّ التداخل الأجناسيّ في كتاب "أسوار وأقمار" جعل منه نصّا ثريّا يختلف حوله القرّاء وفيه، ويجعل منه نصّا قادحا للمساءلة والتدلال ومغريا بالقراءة باعتباره وشما لذاكرة وطن مثقل بالألم والأمل .
المعراج نحو ربيع الثورات
يقف القارئ طوال ردهات الرواية على صراع مشروعين متضادين، ففيما كانت آلة النظام القمعيّة تجتهد في التنكيل بالراوي موقوفا وسجينا، وتحصي عليه أنفاسه، عبر سيف المراقبة الإداريّة المسلطة عليه بُعيد خروجه من السجن، بدت آثار هذا الأخير قد فعلت فعلها في شخصيّة الطالب المتميّز، الذي خطفته آلة القمع من بين مدارج كليّة العلوم بتونس، لترميه بين جدران وأسقف تستظله سويّة مع قطعان المنحرفين من الشواذ ومجرمي الحق العام، طيلة خمسة عشر سنة كاملة، فقد بدا أكثر صلابة وحنكة في مواجهة تحديات السجن الكبير وتلبية مشاغل ابن مراهق كان تركه ابن شهرين إثنين يوم أطبقت عليه الزنازين، فتراه مجتهدا في رسم فعل اجتماعي إيجابي بين متساكني حي الحسينات بقصور الساف، مسقط رأسه، فقد "كان مقهى "كوكب" يعجّ بالزبائن العائدين من المهجر خاصّة، كان النعيم باديا على جلساتهم وسياراتهم وطاولاتهم المؤثثة بالماء المعدني المبرّد وباقي الأشربة، كنت أحيي بعضا من الذين أعرف منهم فيردّون علي بحرارة ممزوجة بالاحترام والإكبار والشفقة والتعاطف، فكلّهم إمّا شهدوا أو سمعوا بنبوغي وتفوّقي في الدراسة ورياضة ألعاب القوى وممارسة مهنة التجارة قبل السجن. كنت أمرّ أمامهم أدفع تلك العربة وهي معبأة بقصاع ملأى بالتوابل والحبوب والبقول وكانت تغالبني أحيانا فيُتلف جزء منها على الأرض... كنت أقوم بهذا الجهد خمس أو ست مرات صباحا ومثلها بعد انقضاء السوق والعرق يتصبب من جبيني.
قال أحدهم:
ـ أيليق بعز الدين جميّل أن يهين نفسه ويجرّ عربة كهذه !
ـ أصبر عليها هاك الكرّوسة توّا تشوف شنوّا يطلع منها أنت لا تعرف عز الدين الجميّل؟
أنا بدوري اعتبرت نشاطي المهني فرصة كبيرة لتعرية نظام المخلوع وفضحه وإبراز فشله، ولتقديم العبرة والدرس والمثل للعاطلين عن العمل والعاجزين عن كسب قوتهم بأيديهم رغم أنّ ظروفهم أفضل من ظروفي بكثير... فهؤلاء الذين سجنتهم وقمعتهم كل تلك السنين لا يعرفون العجز ولا يتخلّون عن مبادئهم وقيمهم، فهم يتعففون رغم احتياجهم ويعطون رغم فقرهم ويسندون المحتاج رغم ضعفهم ويوفون بالعهد رغم احتياجهم".
ولعلّه من عدالة السماء أن ينتهي المخاض العسير الذي عاشه الراوي في سجنه الكبير، وقام بتشريك قراء الرواية فيه، أن توقفت رحلته بحدث استثنائي ليس لعزالدين فحسب بل بالنسبة لكل التونسيين والعرب كافة.. إنه حدث الانتفاضة الديسمبرية، وبذلك تنتهي الرواية المسيّجة بالأسوار، أسوار السجن والمجتمع المطبّع مع الدكتاتورية وسلوكيّاتها، بأقمار منيرة لدرب الضحايا طوال خمسين سنة من عمر دولة الاستقلال.. وكم جميل أن تبدأ الرواية بزمن الربيع المعاش (خروج الراوي من السجن كان في شهر آذار / مارس) وتنتهي بالربيع الحضاري (الربيع العربي) الذي بدت شرارته من تونس..
الرواية المحاكمة
نجح الراوي في جرّ القارئ إلى عوالم سجونه المتنقلة شرق البلاد وغربها، ونقل مشهديّة غرف الإيقاف داخل وزارة الداخليّة، حيث كانت تنصب ولائم التعذيب الوحشية، فتستنطق اللحم الأدمية، قبل العقول البشرية فتدمى الجلود والبطون قيحا ودما وبعضا من بول... وكذا، حيث زنازين السجون التي لا يتجاوز قيس أطراف إحداها (سجن القصرين) الثلاثة أمتار طولا والمتر الواحد عرضا، فقد كان الراوي يتعرّض لفصول من التعذيب والمساءلة، التي كانت تصل ليله بنهاره، فصول تعذيب تتم بإشراف مباشر من قبل "جلاّد الداخليّة الشهير عبد الرحمان القاسمي المعروف باسم "بوكاسا"، هناك حيث حظي ببروتوكول الاستقبال المعتاد: "في مدخل الوزارة لمّا عدنا، ولا يزال المسدّس في رقبتي والحديد في يديّ إلى الوراء، تقدّم إليّ أحد رؤسائهم المدعوّ صلاح وقال:
ـ عز الدين هل صحيح ما رويته؟
ـ صحيح؟ ما أتفه عقولكم! أتعبتموني بالتعذيب فاختلقت هذه الرواية لأرتاح قليلا.
ـ نعم؟ ترتاح! وانهال لكما على وجهي، كنت أحاول تفادي لكماته أن تصيب بعض أسناني أو إحدى عينيّ بتحريك رأسي في كلّ الاتّجاهات، ولمّا تعب أخذ زميله يجرّني متوعّدا بأن سيكون آخر يوم في حياتي... لمّا وصلنا الطابق الرابع حاولت رمي نفسي إلى تحت ولولا القوّة البدنيّة للعون وصمود القميص الذي مسكني منه لما كنت اليوم على هذه الحال قطعا "...
وعلى الرغم من طول المدة الفاصلة بين سنوات السجن (بين 1990 و2005) (إيقافات سنة 81 نشاط تلمذي وفي سجن 8 أشهر 87 ) وبين تاريخ كتابة الرواية (بدأت في 2015 وانتهت في 2018)، أفلح الراوي في تعرية "نظام التغيير المبارك" وفضحه أمام القارئ على مشرحة القيم الأخلاقيّة وفقدانه للشهامة والرجولة وهو النظام الذي فرّ رأسه هاربا رغم رتبته العسكرية ذات مساء 14 كانون ثاني (يناير) 2011، تعرية النظام تمت من خلال فضح غياب المروءة عند أدواته الأمنية القائمة بفعل التعذيب الوحشي للموقوفين بأقبية الداخليّة:
" ـ أنزلوني أريد أن أصلّي،
ـ لا لن ننزلك سنقتلك،
ـ أنزلوني على الأقل لأتبوّل،
ـ قلنا لك لن ننزلك
ـ سأتبول إذن وأنا في هذا الوضع
ـ افعل
ـ استجمعت قواي وفعلتها.
ـ والله فعلها ابن الـ..."
لقد حاكم الراوي السلطة القمعيّة من خلال فضح سلبيّة ممثليها "عمدة الرشارشة" و"عم الجيلاني"، الضابط المتقاعد من شرطة المهدية، كما فضحها بفضح مدير السجن مراد الحناشي، المتهم حسب الرواية في وفاة سجين تحت التعذيب في سجن قفصة، وبدل أن يحاكم على إهماله وجريمته، فقد قبل أحد السجناء عبء الجريمة عوضا عنه. وبذلك يخلص القارئ إلى فشل رموز السلطة في امتحان القيمة، في حين نجح فيها الراوي يوم لم يتوان عن التبليغ عن محاولة فرار السجناء الخطرين من سجن المهديّة سنة 2004، كل ذلك خوفا على حياة الناس البسطاء دون انتظار جزاء ولا شكورا من سلطة حرمته أعزّ أيام شبابه.
معركة الراوي السياسية ومعركة الطاعون لألبارت كامي
خلاصة الرواية المشوقة للكاتب الناشئ محمد عز الدّين جميّل، وقتاله اليومي من أجل تحصيل لقمة عيشه وعدم استنكافه عن العمل في وظائف قد لا تتماشى وتحصيله الثقافي والرياضي ونبوغه السابق في ميدان التجارة، وترحاله من وظيفة إلى أخرى في مجتمع مطبّع مع انتهاكات السلطة المتواصل لأبسط الحقوق المدنية للسجناء المسرّحين، تحيلنا على سعي شخصيّة "الطبيب ريو" في رواية "الطاعون" لألبارت كامي، وكفاحه البحثي مدفوعا بما أسماه بالواجب الأخلاقي للخلاص الجماعي من ذلك الوباء القاتل، عكس بعض الشخصيات التي رأت في الطاعون فرصة للاسترزاق والغنى السريع والاستثمار في جراحات الناس وآلامهم.
فقد كان مؤلما، حسب الراوي، أن لا يخجل محمود بن عمر، نائب مدير أمن الدولة في تشرين ثاني (نوفمبر) 92، من محاولة إغرائه بإطلاق سراحه ومده بجواز سفره، مقابل تبنيه قضيّة مقتل اليهود، قتلوا أو اختفوا بين سنتي 1986 و1988 وسجّلت جرائم القتل ضدّ مجهول ورجّح البعض قتلهم حينها على خلفية حادثتي حمام الشط 1985 ومقتل أبو جهاد سنة 1988، قصد تلبيس الجريمة لخصم سياسي!
في نفس ذات السياق، يمكن أن نقرأ ثانية إدانة ألبارت كامي لمواقف بعض أبطال "الطاعون"، المتسمة باللامبالاة والسلبيّة، في إدانة الراوي محمد عز الدين جميّل لكلّ السلوكيات السلبية التي طبّعت معها بعض شخصيات "أسوار وأشواق" مع أوامر أجهزة البوليس، والتي جعلتهم مشاركين، ولو سلبيين، في عزل المساجين السياسيين المسرّحين عن فضائهم الطبيعي والإنساني.
انتهت رواية "أسوار وأقمار" على انتصار السجين المسرّح في معركة الاندماج في مجتمعه، رغم ما عاناه من تضييق وحصار، فطفلته الصغيرة التي سألته يوما من أيام الزيارة السجنيّة إن كان هو من "يحكم في كلّ البوليس"، مستغربة عدم عودة أبيها للبيت مساء كلّ يوم كما يفعل سائر الآباء، الشيء الذي دفع حرّاس السجن المكلفين بالتجسس على حديثها مع والدها السجين إلى الضحك والسخرية، قد أنهت دراستها الجامعية بتفوّق، رغم ما عانته من حرمان والدها وضيق ذات يد عائلتها، وهي بصدد إتمام أطروحة الدكتوراه بأحد البلدان الأروبيّة، وضحك الراوي أخيرا على بلاهة حراس السجن حينها وعلى تهاوي إدارتهم القمعيّة التي سرقت منه شبابه، يوم جرفتها سيول الحشود الديسمبريّة...