هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا لمدير قسم الشرق الأوسط في شركة "غالوب" العالمية للاستطلاع ومؤسس مجموعة المستقلة للأبحاث، منقذ داغر، يقول فيه إن المظاهرات الأخيرة في العراق هي من بين الاحتجاجات الأكثر دموية في التاريخ الحديث.
ويشير داغر في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن حوالي 500 عراقي قتلوا، فيما جرح أكثر من 17 ألفا خلال الاحتجاجات على مدى الشهرين الماضيين، بحسب تقديرات يمكن الاعتماد عليها.
ويستدرك الكاتب بأن "الاحتجاجات في بغداد والمحافظات الشيعية الجنوبية يجب ألا تبعث على الدهشة، فالحكومة ذات الغالبية الشيعية لم توفر الاحتياجات الأساسية لناخبيها، لكن كيف ينظر المشاركون أنفسهم لتلك الاحتجاجات؟".
ويقول داغر إنه "في محاولة لفهم أفضل لديناميكية هذه المظاهرات وكيف يمكن التعامل مع مظالم المحتجين قامت مجموعتي البحثية (المستقلة) بإجراء استطلاع وجها لوجه بإجراء 1250 مقابلة مع متظاهرين في بغداد والمدن الرئيسية في جنوب العراق كلها، من 24 تشرين الثاني/ نوفمبر إلى 1 كانون الأول/ ديسمبر، وفي الوقت الذي كان فيه من المستحيل أن تعد العينة عشوائية وممثلة، قمنا باستهداف المحتجين من خلال عينة هادفة".
ويلفت الكاتب إلى أن "أحد أقوى الاستنتاجات التي توصل إليها الاستطلاع كان هو اهتمام المتظاهرين بالشعور بالأهمية، ففي استطلاع على مستوى البلد تم إجراؤه في وقت سابق من هذا العام، قال 3 من كل 4 بأن حياتهم فقدت معانيها كلها، في الوقت الذي قال فيه 80% بأنهم شعروا بالكآبة على الأقل مرة خلال الأشهر الستة الماضية".
ويستدرك الكاتب قائلا: "لكن يبدو أن المشاركة في هذه المظاهرات غيرت المشاعر، فقال 94% من المتظاهرين بأن المظاهرات جعلتهم يشعرون أنهم أشخاص مهمون، والنسبة ذاتها تقريبا قالت إن المشاركة في تلك المظاهرات أشعرتهم بأن لهم رأيا في مستقبل العراق، فيما قال 97% إن مشاركتهم في المظاهرات جعلتهم أكثر افتخارا بأنهم عراقيون".
ويفيد داغر بأن "الأجيال الكبيرة من العراقيين كانوا ينتظرون من الحكومة أن تمنحهم ما ترى أنهم يستحقونه، في الوقت الذي يطالب فيه الجيل الجديد من المحتجين بحقوقهم، وقال 90% تقريبا بأن هذه المظاهرات تشعرهم بأنهم يتحدون النظام القائم، ويمكن اختصار هذا التحدي بشعار: نازل آخذ حقي".
وينوه الكاتب إلى أن "الثورة الرقمية وفساد الحكومة قوضا مقدرة المؤسسات التقليدية، مثل المدارس والسلطات الدينية والعائلات، في السيطرة على تصرفات الشباب، ومنذ عام 2004، زادت نسبة العراقيين الذين يقتنون الهواتف المحمولة، من 1% إلى 100% تقريبا، وأكثر من 80% يحملون هواتف ذكية مع إنترنت، وتظهر استطلاعاتنا بأنه مع حلول عام 2018 بدأ العراقيون يعتمدون على الإنترنت بصفتها مصدرهم الرئيسي للمعلومات".
ويشير داغر إلى أن "ثلثي المتظاهرين على الأقل ذكروا بأنهم ذهبوا إلى المظاهرات بناء على دعوات تلقوها من خلال الإنترنت، أو عبر شبكة اجتماعية واقعية، وفقط 12% قالوا إنهم ذهبوا للمشاركة في المظاهرات بناء على دعوات من أقارب لهم، وهذا تحول عن الماضي، عندما كانت الحكومة تسيطر على سيل المعلومات للمواطنين العراقيين".
ويلفت الكاتب إلى أن "المتظاهرين يطالبون بتغيير عميق للنظام السياسي بشكل عام، وليس فقط للحكومة الحالية، وقبل استقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، قال 86% من المتظاهرين إنهم لن يتوقفوا حتى لو تم حل الحكومة الحالية، ولم يفعلوا، وليس من المتوقع أن يرضوا بإعادة تشكيل الحكومة بناء على تحالفات سياسية قديمة".
ويجد داغر أن "المشكلة الأكبر بالنسبة لأي حل دائم عي الانعدام العميق للثقة في اللاعبين السياسيين الحاليين، عدا رجل الدين الشيعي الأكثر تأثيرا في العراق آية الله علي السيستاني، الذي يتمتع بثقة 60% من المتظاهرين، أما اللاعبون الآخرون في الدولة (الفروع التشريعية والتنفيذية وحتى القضائية) فيثق فيهم أقل من 5% من العراقيين، بحسب آخر استطلاع أجريناه، ويرحب أكثر من 90% من المتظاهرين بانتخابات مبكرة، لكن بسبب عدم ثقتهم بمؤسسات الدولة فإن نسبة قليلة منهم توافق على إجرائها في ظل اللجنة الانتخابية الحالية، ولا حتى تحت إشراف القضاة العراقيين".
ويبين الكاتب أن "مستوى الثقة في اللاعبين الخارجيين متدن، وهناك 1% ممن تمت مقابلتهم يثقون في إيران، و7% يثقون في أمريكا، و25% في الاتحاد الأوروبي، و30% في الأمم المتحدة".
ويقول داغر إن "المتظاهرين العراقيين أظهروا مقدرة غير عادية على مقاومة الانجرار لمربع العنف، مع أنهم خسروا كثيرا، وهناك جهود كبيرة من المليشيات المسلحة وقوات الأمن لجرهم إلى التصرف بعنف، وبقي المتظاهرون مركزين ومصرين على تحقيق هدفهم في تغيير النظام السياسي إلى نظام يقوم على الكفاءة، وليس على الانتماء لمجموعة محددة".
ويختم الكاتب مقاله بالقول إنه "بالرغم من صعوبة رؤية مخرج من المظاهرات الدموية، إلا أن الجدير بالذكر أن 70% من المتظاهرين يوافقون على انتخابات مبكرة تتم تحت إشراف الأمم المتحدة".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)